دعا ممثل للمرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني الى الابتعاد عن المحاصصة الطائفية والحزبية والفئوية في تشكيل الحكومة الجديدة التي اكد انها يجب ان تكون ذات صفة مهنية ووطنية وقال ان المواطنين محقون في تظاهرات الاحتجاج التي نظموها مؤخرا نظرا لمعاناتهم وعدم التفات المسؤولين الى ضرورة توفير الخدمات العامة .. فيما حذّر وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري من أن تأخر تشكيل حكومة جديدة سيؤثّرفي مواعيد الانسحاب الاميركي متوقعاً quot;تحركاً أممياً ودولياً وأميركياً لمساعدة العراقيين في إنجاز هذه المهمة .

أكد الشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل آية الله السيد عليالسيستاني خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد ) اليوم ضرورة مراعاة المعايير المهنية والوطنية في تشكيل الحكومة المقبلة من خلال الابتعاد عن المحاصصات الضيقة الحزبية والفئوية والطائفية . وقال quot;لقد مرّ على إجراء الانتخابات النيابية قرابة اربعة اشهر والمواطنون ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء الكتل السياسية من حواراتها للوصول الى تشكيل الحكومة المرتقبة .. وقد ناشدنا سابقاً ndash; ولمرات كثيرة جداً ndash; بضرورة الاسراع بالوصول الى تفاهمات بين الكتل السياسية حول رؤى مشتركة تحقّق هذا الطلب الدستوري والوطني ولابد لهذه الكتل ان تدرك حراجة الموقف السياسي الذي يمر به البلد مع هذا التأخير والذي يترتب عليه الكثير من التداعيات السلبية على مصالح الشعبquot; .
وشدد على ان الابتعاد عن المحاصصات الضيقة الحزبية والفئوية والطائفية هو الاساس لنجاح الحكومة المقبلة وزرع الثقة لدى المواطن بالعملية السياسية والمفتاح لاستقرار البلد وتطوره وازدهاره . واشار الى ان quot;هذه المعايير هي الكفاءة والنزاهة والشعور بالمسؤولية وحب تقديم الخدمة واتخاذ موقع المسؤولية موقع تكليف لا تشريف وفرصة للحصول على المزيد من الامتيازات والمكاسب الشخصية quot;

وحول تظاهرات الاحتجاج الغاضبة التي شهدتها المدن العراقية مؤخرا احتجاجا على تردي الخدمات العامة ونقص الكهرباء اشار الشيخ الكربلائي الى ان هذه التظاهرات جاءت لتعبر عن مطالب المواطنين الحقة كما نقل عنه موقعquot;نونquot; المقرب من المرجعية من كربلاء .. واضاف quot;بغض النظر عما يذكره البعض من وجود تحريض واستغلال من قبل بعض الجهات لهذه التظاهرات لتحقيق مكاسب سياسية فانه لابد من اتخاذ الدرس والعبرة من قبل جميع المسؤولين المعنيين بتوفير الخدمات والحاجات الاساسية للمواطنين لكيفية التعامل مستقبلا ً مع ملفات الخدمات والحقوق الاساسية وضرورة إعطاء الاهتمام واتخاذ الاجراءات الجدية والكافية لتحقيق القدر المطلوب ولو بنسبة جزئية مقبولة من تحسين الخدمات وتلبية المطالب الشعبية في ما يتعلق بحقوق المواطنين .

وقالquot;اولا علينا ان ندرس الاسباب الحقيقية التي ألجأت المواطنين للتظاهر حيث ان هناك شعورا عاما لدى المواطنين بان المسؤولين لم يتخذوا الاجراءات المكانية والجادّة لرفع معاناتهم خصوصاً ما يتعلق بالخدمات الاساسية كخدمات الكهرباء والبطاقة التموينية وهما من اهم حاجات المواطنين الاساسية وقد طالب المواطنون وكذلك من خلال خطب الجمعة ولعدة مرات بضرورة اتخاذ الاجراءات الجدية ولو لرفع جزء من هذه المعاناة ولكن المواطن لم يجد ايّ استجابة وزاد من هذا الشعور انشغال الكتل السياسية بالتجاذبات في ما بينها من اجل تشكيل المكون وطول فترة الانتظار لتحقيق ذلك وكذلك ما هو حاصل من هذه التجاذبات في السنين السابقةquot; . واوضح ان سبب خروج هذه التظاهرات هو شعور المواطن بانه قد quot;ادّى كلّ ما عليه تجاه ما هو مطلوب منه بالنسبة إلى العملية السياسية ولا ينكر المواطن ان هناك الكثير مما قُدِّم له ولكن في الوقت نفسه هناك خدمات اساسية وخصوصاً الكهرباء وضعها يتردّى اكثر من السابق وقد استنفذ جميع الوسائل للمطالبة لم يبق له الا اللجوء للتظاهرquot; .

واضاف انه quot;ما زاد الطين بلّة ان المواطن يرى الكثير من المسؤولين لا يشعرون بمعاناته هذه لتوفر هذه الخدمات لهم بصورة دائمة فأراد من خلال التظاهر ان يُشعِر المسؤولين بحجم معاناته وعدم تحمّلهquot; . وشدد على ضرورة عدم التجاوز على مقرات الدولة لكنه قال quot;ان المواطن حينما يكون في ثورة غضب بسبب تراكم معاناته لا بد ان نتفهّم ما يحصل منه ونحاول ان نهدئ من روع المواطنين بالتحرك الجدي والسريع لرفع هذه المعاناة .. ونحن لا نقصد من كلامنا وتقييمنا هذا تحريض المواطنين فإننا في الوقت الذي نرى جهداً طيباً سياسيا ً او امنياً او خدماتياً نتوجه بالشكر والتقدير لاصحاب الانجاز ولكن حينما نرى تلكؤاً وتقصيراً لابد من توجيه النصح والارشاد والتوجيه والاستفادة من الاحداث بما يؤدي الى اصلاح النهج السياسي وتحسين الاداء للمسؤولين والدولةquot;

ودعا ممثل السيستاني في الختام جميع المعنيين بالازمة الى تحمل مسؤولية ما حصل وقال quot;على جميع الوزارات ومؤسسات الدولة وحتى اعضاء مجلس النواب ان يتحمّلوا المسؤولية في هذا الجانب لرفع المعاناة عن المواطنين باسرع وقتquot; .

زيباري : عدم اتفاق الكتل السياسية سيؤثر في الانسحاب الاميركي
حذّر وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري من أن عدم تشكيل حكومة عراقية جديدة قبل مواعيد الانسحاب الأميركي من العراق quot;سيؤثّر بالتأكيد في هذه المواعيدquot; متوقعاً quot;تحركاً أممياً ودولياً وأميركياً لمساعدة العراقيينquot; في تشكيل الحكومة.


وأبدى زيباري قلقه من quot;كل المحاولات الإقليمية للتأثير في الوضع السياسي الداخليquot; بما فيها الدوران التركي والإيراني معتبراً أن quot;من مصلحة إيران أن ترى حكومة صديقة وحليفة لها في العراق لكن قرار تشكيل الحكومة هو قرار غير إيراني وغير أميركي بل هو قرار عراقي بالدرجة الأولىquot;. وقال إن عدم وجود سفير سعودي في بغداد حتى الآن quot;ظاهره أمني لكنّه موقف سياسيquot; من النظام العراقي الجديد مؤكداً أن العراق قدّم quot;ما هو مطلوب منه لطمأنة السعودية وسائر الدول إلى أن العراق الجديد سيكون مسالماًquot;.

وعن العلاقة بين تأخير تشكيل الحكومة والانسحاب الأميركي من العراق قال زيباري اليوم في مقابلة مع قناة quot;الحرةquot; المملوكة لوزارة الخارجية الاميركية والناطقة بالعربية وارسل نصها الى quot;ايلافquot; quot;فلنكن صريحين: هناك ترابط غير منظور حتى وإن كانت سياسة الإدارة الأميركية الحالية هي الانسحاب في 31 من الشهر المقبل لجميع الوحدات القتالية وإبقاء 50 ألفاً إلى نهاية 2011 حسب الاتفاقية الأمنية لكن إذا لم تُشكّل حكومة إلى ذلك الوقت ومع وجود اضطرابات وتوتر سياسي وأمني داخلي فبالتأكيد هذا سيؤثر في هذه المواعيد مباشرة أو غير مباشرة ولذلك نتوقع تحركاً أممياً ودولياً وأميركياً قريباً لتشجيع العراقيين والسياسيين ومساعدتهم للتسريع في التوصل إلى تشكيل حكومة جديدةquot;.

وعن مدى التأثير الإيراني في تشكيل الحكومة أو تأخيره قال quot;من مصلحة إيران أن ترى حكومة صديقة وحليفة لها في العراق لكن قرار تشكيل الحكومة هو قرار غير إيراني وغير أميركي بل هو قرار عراقي بالدرجة الأولى والحل يأتي من الداخل .. لكن قلنا سابقاً إن الانتخابات التي حصلت في آذار (مارس) الماضي ليست فقط انتخابات عراقية وطنية ولكن أيضاً هي انتخابات إقليمية فهذه الدول الإقليمية أيضاً تحاول أن تؤثر في نتائج الانتخابات وفي تشكيل التوليفة الحكومية الجديدة وإيران هي أحد الأطراف المعنية في هذا الموضع وكذلك دول أخرىquot;.
وحول تعزيز العلاقات التجارية مع تركيا عبر إقليم كردستان العراق وتقييمه للدور التركي في العراق وهل هو في سياق ثنائي أم ضمن مشروع إقليمي قال زيباري quot;هذا موضوع معقّد .. صحيح هناك توجّه إيجابي من الحكومة التركية في التعاطي مع إقليم كردستان والوضع في العراق لكن هناك أجندات تركية معينة للتأثير في الأوضاع السياسية في العراق وهذه حقيقة وهناك تنافس على مستقبل العراق وعلى التأثير في قضايا تخص العراقيين وهذا تدخّل .. نحن نلاحظ الجانب الإيجابي التجاري للتدخل التركي لكن من جانب آخر هناك أجندات سياسية تُطبخ بطريقة لا أعتقد أنها في مصلحة العراقيين ككلquot;.

واضاف quot;أنا قلق من الأدوار الإقليمية والتدخلات في الشأن العراقي وأقول هذا كمسؤول يدافع عن حرية العراق وسيادته واستقلاله .. أتخوف من كل المحاولات الإقليمية للتدخل والتأثير في الوضع السياسي الداخلي العراقي وهذا تخوّف مشروعquot;.

وعن السبب في تأخر الاعتراف العربي وتحديداً السعودي بالنظام العراقي الجديد بدليل عدم وجود سفير سعودي حتى الآن في بغداد اشار زيباري الى ان quot;السبب الظاهري أمني لكن الحكومة العراقية والقوات الأمنية وفرت الأمن لعشرات البعثات والسفارات العربية والأجنبية في بغداد، ولكن الموقف السعودي في تقديري سياسي وليس أمنياً صرفاً لأن السعودية عملت في دول كانت فيها حروب أهلية ولم تغلق بعثاتها أو سفاراتها فيهاquot;. وعما اذا كان العراق قد قدم بما يكفي لطمأنة السعودية ودول الجوار قال quot; قمنا بما هو مطلوب منا لطمأنة المملكة وبقية الدول بأن العراق الجديد سيكون مسالماً ملتزماً بمبادئه ومحيطه وثوابته الوطنية والقومية وامتداداته العربية والإسلامية وليس هناك خوف من أن العراق أصبح quot;ضيعةquot; إيرانية أو تركية والشعب العراقي ملتزم بهذه الثوابت ويتوقع من أشقائه ولا سيما السعودية أن يعبروا حال التردد خاصة بعد تشكيل حكومة عراقية جامعة ممثلة لجميع العراقيين على ضوء نتائج الانتخاباتquot;. وعن الهواجس السعودية من quot;تهميش السنّةquot; في العملية السياسية العراقية اوضح ان quot;المجال كان مفتوحاً أمام السنّة من اليوم الأول للمشاركة لكنّهم رفضوا وقاطعوا ثم شاركوا وبقوة وبالتأكيد سيحصلون على كافة حقوقهم واستحقاقاتهم، لذلك لم تعد هذه المسألة ذريعةquot; ضد النظام العراقي الجديد.

وعلى صعيد تشكيل الحكومة قال الرئيس الموقت لمجلس النواب النائب عن التحالف الكردستاني فؤاد معصوم إنه بصدد دعوة ممثلي الكتل البرلمانية إلى اجتماع الأسبوع المقبل للبحث في تحديد موعد لاستئناف عقد الجلسة الأولى للمجلس.
واضاف أنه سيتم خلال الاجتماع الاتفاق على موعد للاجتماع المقبل للمجلس والتطرق إلى موضوع من سيكون مرشحا لرئاسة الوزراء أو الاتفاق على من سيتولى رئاسة البرلمان ثم انتخاب رئيس الجمهورية الذي يفاتح بدوره المجلس حول الجهة التي ستكلف بتشكيل الحكومة.
وأوضح معصوم أنه بموجب الدستور فإن الثالث عشر من الشهر الحالي هو الموعد النهائي دستوريا لانتخاب هيئة رئاسة مجلس النواب وانتخاب رئيس الجمهورية .. مشددا على أن الاجتماع لا بد منه سواء توفر النصاب أم لا.

وكان مجلس النواب عقد أولى جلساته في الرابع عشر من الشهر الماضي برئاسة معصوم باعتباره أكبر النواب سنا بعد اعتذار النائب عن القائمة العراقية حسن العلوي عن رئاستها وأبقيت الجلسة مفتوحة لحين الاتفاق على تحديد الرئاسات الثلاث.