لاغوس: تعطي سلسلة الهجمات والاعتداءات لا سيما مع استخدام المتفجرات التي اوقعت 86 قتيلا في نيجيريا منذ ليلة الميلاد، بعدا جديدا للتوتر بين المسيحيين والمسلمين قبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة في نيسان/ ابريل في البلد الذي يضم اكبر عدد من السكان في افريقيا. واسفرت مواجهات عن مقتل المئات في السنوات الاخيرة بين الطائفتين في جوس (وسط) ومحيطها، حيث تقع على تخوم الشمال المسلم باغلبيته والجنوب المسيحي.

لكن التفجيرات التي وقعت الجمعة هي الاولى من نوعها. فاستخدام المتفجرات يشكل quot;تصعيداquot; في الازمة على ما رأى مدير الرنامج الافريقي في جمعية quot;اوبن سوسايتي دجاستس اينيشاتيفquot; (او اس جاي اي) شيدي اودينكالو، وهي منظمة تعمل على تعزيز القيم الديموقراطية.

ونشرت وكالة حالات الطوارئ الحكومية حصيلة جديدة بلغت 80 قتيلا في جوس الجمعة والاحد استندت فيها الى تصريحات المستشفيات، مقابل 35 قتيلا بحسب الشرطة. وبالاضافة الى الهجمات في جوس، هاجم عناصر من جماعة بوكو حرام الاسلامية المتشددة الجمعة ثلاث كنائس في مدينة مايدوغوري شمالا واحرقوا احداها ما ادى الى مقتل ستة اشخاص، بحسب الجيش.

وحول اعمال العنف في جوس لزمت السلطات الصمت بخصوص مرتكبي الهجمات لكن الشرطة ومسؤولين محليين رجحوا فرضية المواجهات الطائفية على خلفية مصالح سياسية واقتصادية. واعلنت جماعة quot;اهل السنة للدعوة والجهاد تحت قيادة ابو محمد، ابو بكر بن محمد شيكاو (حفظه الله)quot; مسؤوليتها عن الهجمات، الا ان الشرطة النيجيرية شككت الثلاثاء في صحة هذا الاعلان.

وكان عناصر من حركة بوكو حرام اعلنوا انهم يرغبون في تغيير اسم حركتهم الى quot;اهل السنة للدعوة والجهادquot;. وتتفاقم حدة التوتر الطائفي مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في نيسان/ابريل. وصرح الناشط المحلي لحقوق الانسان فيمي فالانا ان quot;الدولة النيجيرية عاجزة عن سوق مرتكبي اعمال العنف في جوس امام القضاء، سواء لاسباب سياسية او غيرهاquot;، علما انه دعا باسم منظمته quot;سيرابquot;، المحكمة الجنائية الدولية الى فتح تحقيق.

وفي 18 تشرين الثاني/نوفمبر اعلن مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو-اوكامبو انه يقوم quot;بدراسة تمهيديةquot; حول نيجيريا تتعلق باعمال العنف الطائفية الاخيرة. ورأى عدد كبير من المراقبين ان التوتر السائد ناجم عن مزيج معقد من المشاكل الاتنية والدينية والسياسية والاقتصادية.

ولعب الاستعمار البريطاني وارثه من حدود مصطنعة دورا كبيرا في ذلك. وفي منطقة جوس تعتبر اتنية بيروم وغيرها من الجماعات المسيحية انهم السكان الاصليون في المنطقة ويعتبرون قبائل الهوسا وبول المسلمة باعتبارها quot;مستعمرةquot; مع ان وجودها في وسط البلاد يعود الى عقود خلت.

واستقر الهوسا في ولاية الهضبة (وسط) منذ قرن ونيف للعمل في صناعة القصدير. اما البول الرحل فوصلوا الى المنطقة بحثا عن مراع لقطعانهم. وادت سياسات تفضيلية على الاخص في مجال التوظيف الى اذكاء الحساسيات بين البيروم من جهة والهوسا والبول من جهة اخرى.

ويخشى البيروم ان يسيطر الهوسا الاكثر عددا بكثير في نيجيريا في النهاية على وسط البلاد. ويرى الكثير من المراقبين ان عددا كبيرا من السياسيين استغلوا هذا الوضع وحضوا الجماعات المختلفة على العنف عبر التعبئة في اوساط شريحة شابة تعاني من اقصى حدود الفقر والبطالة.

وفي الارياف وقعت المواجهات على اراض يريد مزارعو البيروم ورعاة البول السيطرة عليها. واشار اودينكالو الى ان البعد الديني للازمة لم يبرز قبل تحول المساجد والكنائس الى اماكن لتجنيد افراد لارتكاب اعمال عنف.