وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس |
اعلنت وزارة الدفاع الاميركية quot;البنتاغونquot; يوم الاثنين الماضي عن اكبر ميزانية لها منذ الحرب العالمية الثانية، حتى بعد أخذ معدلات التضخم في الحسبان. والأكثر من ذلك ان بعض الأرقام المدفونة في ثنايا الميزانية تشير الى انه من المتوقع أن تنمو بشكل أكبر خلال السنوات القادمة، ويقول المعلق الاميركي فريد كابلان ان ميزانية البنتاغون ستزداد بمقادير أكبر مما يعترف به البيت الأبيض أو وزارة الدفاع نفسها.
طلب وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس في مشروع الميزانية للسنة المالية 2011 ان يوافق الكونغرس على رصد 708.2 مليار دولار بضمنها 159.3 مليار دولار للعمليات الخارجية، وتمويل حرب افغانستان والعراق بالدرجة الرئيسية. كما طلب غيتس 33 مليار دولار اضافية لميزانية السنة الحالية بغية تمويل التعزيزات التي قرر الرئيس باراك اوباما ارسالها الى افغانستان، بواقع 30 الف جندي اضافي مع امداداتهم ومعداتهم واسلحتهم وتموينهم، وبذلك يكون المطلوب ان تخصص الحكومة الاميركية 741.2 مليار دولار.
يشير المعلق كابلان في مجلة quot;سليتquot; الاميركية الى ان وزراء الدفاع الاميركيين دأبوا في الماضي على الإدعاء بأن تكاليف الحرب منفصلة عن الفقرات الأخرى من الميزانية العسكرية. وكانوا يحددون ابواب الصرف بطريقة مبهمة إذا حددوها اصلا. وعلى النقيض من ذلك يقدم غيتس عرضا تفصيلا بعض الشيء لهذه التكاليف، (89.4 مليار دولار للعمليات ، 21.3 مليار دولار لاصلاح المعدات المكسورة ، 13.6 مليار دولار لتدريب القوات الافغانية وقوات الامن العراقية ، إلخ).
مركز الأمن الأميركي الجديد ـ وهو مؤسسة ابحاث لا يمكن تنسيبها الى معسكر الحمائم ـ يحسب ان ميزانية السنة المالية 2011 البالغة تخصيصاتها 708.2 مليار دولار تزيد بنسبة 13 في المئة على الميزانية العسكرية الاميركية في ذروة الحرب الكورية، و33 في المئة على الانفاق العسكري في ذروة الحرب الفيتنامية، و23 في المئة على ميزانية البنتاغون في ذروة الحرب الباردة، و64 في المئة على متوسط الانفاق خلال فترة الحرب الباردة عموما، وهذا مع احتساب التغيير في قيمة العملة بسبب التضخم.
على الرغم من ان تكاليف الرواتب والعناية الصحية أعلى الآن بعدما تحولت القوات المسلحة الاميركية الى جيش محترف، ولكن على الجانب الآخر من المعادلة فان عدد افراد الجيش الاميركي من الرجال والنساء اقل بكثير الآن. ولم تعد الولايات المتحدة بحاجة الى حاميات ضخمة تحسبا لاجتياح سوفيتي في اوروبا الغربية أو تواجه عدوا يضاهي قوتها في الجو والبحر.
وإذا كان غيتس الغى بعض المشاريع العسكرية فان البرامج التسلحية الكبيرة آخذة في الاتساع، بما في ذلك انفاق 25 مليار دولار على 10 سفن جديدة بينها غواصتان ومدمرتان، وطلب غيتس 10 مليارات دولار اضافية للدفاع الصاروخي (بزيادة مليار دولار على العام الماضي) و11 مليارا لشراء 43 مقاتلة أخرى من طراز اف ـ 35.
ومن ثوابت الميزانية العسكرية الاميركية منذ منتصف الستينات توزيع اعتماداتها بالتساوي تقريبا بين الجيش والبحرية والسلاح الجوي، بفارق اقصاه 2 في المئة لهذا الصنف أو ذاك. ويصح الشيء نفسه عموما على الميزانية الجديدة بنسبة 32 في المئة للجيش و35 في المئة للبحرية و33 في المئة للسلاح الجوي. اذ انه في اواخر الخمسينات واوائل الستينات نشب صراع مرير بين البحرية والطيران من اجل السيطرة على السلاح الرئيسي في الترسانة النووية الاميركية، فكانت حصة البحرية غواصات بولاريس وحصة الطيران قاذفات بي ـ 52 الاستراتيجية.
ومن المستبعد جدا ان حاجات اميركا الأمنية تقتضي ميزانية تمنح كلا من الجيش والبحرية والطيران نصيبا يكاد يكون متساويا من الميزانية العسكرية، بكلمات أخرى ان وزارة الدفاع quot;مارد بيروقراطيquot; وميزانيتها وثيقة سياسية ـ مجموعة اوزان وتوازنات للحيلولة دون افلات التوترات الطبيعة بين صنوف القوات المسلحة من السيطرة عليها، على حد وصف كابلاند.
وتنقل مجلة quot;سليتquot; عن مسؤول كبير في البنتاغون ان البيت الأبيض وعد وزارة الدفاع بزيادة قدرها 100 مليار دولار خلال السنوات الخمس القادمة ـ وهذه الزيادة للميزانية الأساسية وحدها ولا تشمل رصد اعتمادات اضافية لخوض الحروب.
التعليقات