بعد سنوات عجاف كست العلاقات السعودية ndash; القطرية بحالة من الجفاء، عاد التقارب بين البلدين بجملة من اللقاءات والزيارات عكستها زيادة حجم التبادل التجاري والاستثمار المشترك، وكانت آخر مظاهره الزيارة التي قام بها أمير دولة قطر حمد بن خليفة آل ثاني إلى الرياض الخميس الماضي ولقاءه العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، تزامنا مع عقد اللقاء الأول لمجلس الأعمال السعودي القطري

رضا محمود علي من الرياض: حمل لقاء القيادتين السعودية والقطرية تأكيدا على الصفحة الجديدة في علاقات البلدين التي باتت تزداد نموا يوما بعد يوم في الفترة الأخيرة وتسير في سياق يصب في صالح البلدين اللذين يجمعهما الكثير من القواسم المشتركة بدءا من عضوية مجلس التعاون الخليجي ومرورا بالقضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك، وانتهاء بعضوية quot;أوبكquot; وجامعة الدول العربية .

وواكب زيارة أمير قطر انعقاد الاجتماع الأول لمجلس الأعمال السعودي القطري الذي نظمه مجلس الغرف السعودية، وأكد حرص البلدين على تنمية علاقاتهما الاقتصادية والاستثمارية والعمل على تعزيز العمل الثنائي المشترك والعمل الخليجي الإقليمي، والانطلاق بهذه العلاقات إلى آفاق أرحب مستفيدة من المناخ الاستثماري والاقتصادي في البلدين.

واتفق الجانبان على تعزيز العلاقات التجارية ورفع مستوى التبادل التجاري إلى أكبر حد ممكن ودعوة رجال الأعمال إلى تكوين لجان عمل مشتركة تفرز مشاريع صناعية وخدمية تدفع باتجاه تعزيز العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري الذي شهد خلال السنوات الماضية نموا مطردا .
وحسب إحصائيات البنك المركزي القطري أصبحت السعودية الشريك التجاري الثاني لقطر بإجمالي حجم تبادل بلغ نحو 5.3 مليارات ريال قطري عام 2008م ، تجاوز سبعة مليارات ريال قطري في عام 2009م .

هذا التطور في العلاقات التجارية تكشف عنه بيانات التبادل التجاري في السنوات الأربع الأخيرة، حيث بلغت الصادرات القطرية إلى السعودية 787 مليون ريال في عام 2006م و754 مليون ريال في عام 2007م، و 350 مليون ريال في عام 2008م، وشهدت الواردات القطرية من السعودية بدورها نموا وبلغت 3.05 مليارات ريال قطري في عام 2006م ارتفع إلى 4.16 مليارات ريال قطري في عام 2007م، حتى وصلت في عام 2008م إلى 4.95 مليارات ريال.

ومن المتوقع أن تساهم زيارة وفد الأعمال القطري في زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، ووصوله إلى عشرة مليارات ريال خلال عامي 2010- 2011م، وهو ما برهنت عليه فعاليات مجلس الأعمال السعودي القطري حيث تم تقديم عدة عروض حول فرص الاستثمار في المدن الصناعية السعودية كالجبيل وينبع ورأس الزور، وقوانين الاقتصاد والاستثمار في دولة قطر، وعرض تعريفي ببرنامج الصادرات السعودية، كما تم إجراء حوار مفتوح ولقاءات متخصصة لبحث أوجه التعاون في مجالات الطاقة والصناعة والعقارات والمقاولات والبنوك والتأمين والنقل والخدمات والتجارة والتعاون التجاري والاستثماري بين سيدات الأعمال في البلدين .

ويرصد المتابع ارتفاعا ملحوظا للاستثمارات السعودية القطرية المشتركة خلال الأعوام القليلة الماضية، وبلغت نسبة المشاريع التي يتم تنفيذها في قطر من قبل شركات سعودية متخصصة في البناء والتشييد والهندسة والتخطيط والمقاولات 30%، ، كما أن أكبر المستثمرين في مجال العقارات في قطر من السعوديين، فيما تقدر الاستثمارات القطرية في السعودية بنحو 3 مليارات ريال .

وتعول الدوحة كثيرا على السوق السعودية وتعتبره مهما لقطاع الأعمال القطري بسبب ارتفاع نسبة العائد في المشاريع المنفذة في السعودية، وقد حمل الوفد القطري خلال زيارته إلى الرياض العديد من الملفات أبرزها مطالبة الجانب السعودي بالموافقة على فتح بنك قطري خاصة مع وجود طلبات لبنوك قطرية لدى مؤسسة النقد السعودي تنتظر البت فيها، بجانب رغبة الجانب القطري في الاستثمار في القطاعات العقارية والإنشائية والغذائية، مع وجود شركات قطرية تنوي بالفعل الاستثمار في البنية التحتية في المدن الصناعية السعودية .

هذا التطور في العلاقات السعودية القطرية سبقه ست سنوات عجاف أنهتها زيارة ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز إلى الدوحة في مارس 2008م والتي دشنت صفحة جديدة في علاقات البلدين، بعد تدهور شابها وبلغ ذروته بسحب الحكومة السعودية سفيرها من الدوحة عام 2002م احتجاجا على قيام قناة الجزيرة التي تتخذ من الدوحة مقرا لها ببث برنامج تناول العائلة المالكة السعودية.

ومهد لزيارة ولي العهد السعودي للدوحة عدة تقاربات سجلها ملف العلاقات السعودية القطرية جسدتها عودة السفير السعودي للدوحة قبيل الزيارة بأسبوع واحد، وزيارة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة أربع مرات السعودية لحضور القمة الخليجية في الرياض في ديسمبر 2006م وقمة منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في نوفمبر 2007م والقمة العربية في الرياض في مارس 2007م إضافة إلى قمة في جدة جمعت بين العاهل السعودي وأمير قطر في سبتمبر من عام 2007 م، تلتها مشاركة العاهل السعودي في القمة الخليجية التي عُقدت في العاصمة القطرية الدوحة في الثالث من ديسمبر من عام2007 م .

ولاشك أن المشهد الخليجي بمجمله هو الرابح الأكبر من تعزيز العلاقات بين البلدين بعد أن كان الخلاف القطري السعودي مصدر إزعاج دائم لدول مجلس التعاون الخليجي وتسبب في تجميد العديد من المشاريع الخليجية، إذ أدى توتر هذه العلاقات في الماضي إلى توقف مشروع الجسر الذي يربط الإمارات بقطر ويمر جزء منه عبر المياه الإقليمية السعودية، ومشروع مد أنابيب تزود الكويت بالغاز القطري والذي ظل مجمدا منذ سنوات بسبب رفض السعودية مرور هذه الأنابيب عبر أراضيها.

ويفتح تحسن العلاقات بين السعودية وقطر الطريق أمام تدشين واستكمال هذه المشاريع المعلقة بجانب إطلاق مشاريع ثنائية أخرى بين البلدين مثل عمليات التوسع في المناطق الصناعية في المنطقة الشرقية من السعودية كالجبيل وينبع ورأس الزور وهي المشروعات التي ينظر إليها الجانب القطري بشغف وينتظر إشارة البدء للدخول إليها ، ومشروع الربط الكهربائي الخليجي المشترك .