تجاوز حسن نصر الله الوضع الداخلي في لبنان إلى التعامل مع التهديديات الإسرائيلي التي كان واضحًا أنه ينظر إليها بجدية،وكان تهديده في المقابل بقصف المرافق الإسرائيلية والتجمعات السكنية في إسرائيل إذا ما هاجمت الحزب والمنشآت اللبنانية خير دليل على استعداد للمواجهة، إلا أنمقربين من قيادة quot;حزب اللهquot; قالوا إن ما يسمونه بتوازن الرعب الجديد الذي تحدث عنه السيد نصرالله عنه يقلل من احتمالات اندلاع حرب مدمرة.

بيروت: يدأب ديبلوماسيون مقيمون في بيروت وزملاء لهم يزورونها بين وقت وآخر على بث تحذيرات ومعلومات عن حرب ستندلع لأي سبب بين إسرائيل وquot;حزب اللهquot; خلال أشهر قد لا تتجاوز الأربعة، وبناء على هذه التحذيرات والمعلومات يتصرف عدد من السياسيين اللبنانيين تحت وطأة قلق عميق حقيقي من احتمال الحرب مجددا على غرار سنة 2006، وقد جاء كلام الأمين العام لـ quot;حزب اللهquot; في ذكرى شهداء حزبه من القادة يعزز ما ذهب إليه الديبلوماسيون ومن يبني على معطياتهم من الساسة اللبنانيين، إذ إن نصرالله تجاوز الوضع الداخلي في لبنان إلى التعامل مع التهديديات الإسرائيلية التي كان واضحًا أنه ينظر إليها بجدية.

نصر الله يُشهر quot;سلاح المدنquot; لردع إسرائيل عن محاربة لبنان

وكان تهديده في المقابل بقصف المرافق الإسرائيلية والتجمعات السكنية في إسرائيل إذا ما هاجمت الحزب والمنشآت اللبنانية خير دليل على استعداد للمواجهة quot;التي نتشوق إليها وإن كنا لا نريدهاquot;، وفق كلام نصرالله المدرك أن جزءًا من التهديدات المتبادلة هو للتخويف، لكنه يمكن أن يكون حقيقيًّا في ظروف معينة، خصوصا إذا صدرقرار إسرائيلي بالتمهيد لضربة عسكرية نارية ضد ايران من خلال ضربة عسكرية إستباقية شاملة ضد ما تعتبره حكومة نتنياهو أذرع إيران العسكرية في المنطقة، فتستهدف في شكل خاص quot;حزب اللهquot; بمنظومته العسكرية وترسانته الصاروخية التي تشكل التهديد الأمضى بالنسبة اليها، ليس من اجل التخلص من المخاطر الجانبية التي يمكن ان تعيق مشروعها الهجومي على المنشآت النووية الايرانية فحسب، بل وانطلاقًا من معادلة الإفادة من الظروف الدولية المؤاتية لشن حرب واحدة شاملة ونهائية ضد كل من يتهدّد أمنها.

وقد عرف السيد نصرالله أن يشنّ حربًا نفسية متكافئة ضد اسرائيل على ما ظهر من ردود فعلها على خطابه والتي اتخذت أشكالاً ميدانية بمزيد من التحصينات والوقايات على الحدود . وإذا كانت التهديدات الاسرائيلية تهدف الى شل حزب الله وقدراته ومنعه من شن هجمات أو عمليات ضد قادتها وأمنها ومصالحها بما في ذلك الرد على اغتيالعماد مغنية، فإن تهديدات حزب الله تهدف الى شل خطط اسرائيل في الحرب ومنعها من تنفيذ تهديداتها ودفعها الى التفكير مليًا اذا ما قررت الاقدام على ما سيكون مغامرة عسكرية غير مضمونة العواقب والنتائج.

وثمة وجهتا نظر تتناقضان حيال احتمالات وقوع الحرب. ففي حين يقول قريبون من قيادة quot;حزب اللهquot; إن ما يسمونه بتوازن الرعب الجديد الذي تحدث عنه السيد نصرالله عنه يقلل من احتمالات اندلاع حرب مدمرة وخارجة عن السيطرة، يرى آخرون إن لغة الحرب والتهديد والوعيد من الجانبين تجعل احتمال الانزلاق الى الحرب واردًا وممكنًا في أي وقت.

ويقول من يستبعدون الحرب إن quot;حزب اللهquot; لم يعد يستطيع إدارة مواجهة في الجنوب بوجود نحو 25 ألف جندي في المنطقة من القوة الدولية والجيش اللبناني، لأن تحركه هناك أصبح مكشوفًا فضلاً عن انه مخالف للقرار 1701 الذي يشكل عمليًا الحماية الدولية للبنان ومن ضمنه quot;حزب اللهquot; ، كما أن القصف الصاروخي على إسرائيل من بعيد ( البقاع الشمالي وسلسلة جبال لبنان الشرقية والغربية) لا يتيح إمكانية إصابة أهداف فضلاً عن أنه يعرض المنصات للإنكشاف أمام الأقمار الإصطناعية وطائرات المراقبة. وبالتالي لا مصلحة من الوجهة العسكرية للحزب في المبادأة، وأن قوته تكمن في خوض حرب تحرير طويلة النفس إذا ما دخل الجيش الإسرائيلي الأراضي اللبنانية وتوغل فيها حتى البقاع لقطع طرق التواصل بين المناطق التي يسيطر عليها الحزب ، على ما يشيع بعض السيناريوات المتداولة منذ مدة .

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ماذا سيكون موقف القيادة السورية في هذه الحال؟
يجزم أصحاب المعلومات المنقولة عن الدبلوماسيين الأجانب أن سورية لن تحرك ساكنًا ولن تخوض حربًا من أجل لبنان، تمامًا كما فعلت في ظروف مشابهة سابقًا، ويؤكدون أن خيار الرئيس السوري بشار الأسد قد استقر على الأتراك لفتح ثغرات سياسية من حوله بعدما اعتمد طويلاً على حصر نفسه في السياسة الإيرانية المهددة بالتعرض لاهتزازات قوية على المدى المتوسط بسبب ملفها النووي .

ويشير أصحاب هذا الرأي إلى تيار في القيادة الإسرائيلية السياسية والعسكرية معتبرين ان الحرب مع سورية ستلحق بها ضررًا كبيرًا وأن مثل هذه الحرب قد تؤدي الى تدمير سوريا وإنهاء نظام الحكم فيها، ويضيفون أن الهدوء الذي تشهده الحدود بين سورية وإسرائيل هو أفضل مما هي عليه الحدود مع الأردن ومصر، كما يذكرون بأن سورية امتنعت عن الرد على قصف ما تعتبره إسرائيل المفاعل في دير الزور في أيلول / سبتمبر ٢٠٠٧ .

كما يشيرون إلى ما ذكره خبراء إسرائيليون عن أن الحرب إذا وقعت يحتمل أن تكون من تخطيط سورية لكنها ستنفذ بوساطة حزب الله ، لتكون النتيجة ألف قتيل في لبنان وإصابة مئات الجنود والمدنيين الإسرائيليين بينما لن يصاب أي جندي سوري، وفق تقدير الإسرائيليين لنتائج حرب قريبة.
ويخشى الدبلوماسيون أن التصعيد الكلامي المستمر يجعل الضوابط والموانع السياسية أضعف من احتواء التطورات الميدانية حتى لأسباب بسيطة ، فمن يذكر سبب الإجتياح الإسرائيلي الكبير للبنان العام 1982 ؟ ( محاولة اغتيال للسفير الإسرائيلي في لندن الذي توفي بعد 23 عامًا) .