تواجه عمليات الاغتيال السريذات الطراز القديم تحديات قوية في ظل التطورات التكنولوجية التي يشهدها العالم في السنوات الأخيرة،هذا بالإضافة إلى التحسن الدائم في ما يحدث من تعاون على المستوى الدولي بين مسؤولي الشرطة.

القاهرة:وسط زحام الأخبار التي تتناقلها كافة وسائل الإعلام عن تداعيات وردود الفعل المتلاحقة بشأن قضية اغتيال القائد البارز في حركة حماس، محمود المبحوح، بإمارة دبي الشهر الماضي، يتحدث تقرير تنشره اليوم صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن حقيقة التحدي الذي باتت تواجهه عمليات الاغتيال السرية التي تنفذها الدول وتسعى من ورائها إلى تصفية أعدائها (تلك الوسيلة قديمة الطراز لمجريات السياسة الخارجية) نتيجة للتحسن الدائم في ما يحدث من تعاون على المستوى الدولي بين مسؤولي الشرطة، والانتشار العالمي كذلك لتقنيات المراقبة، التي تُُصعَّب على أي فرد بأي مكان القيام خلسة ً بعملية اغتيال رفيعة المستوى على أرض أجنبية.

ثم تمضي الصحيفة لتقول إنه قد بات من السهل تعقب القتلة السياسيين في عواصم من بينها الدوحة ولندن ودبي، بتقفي أثرهم عن طريق كاميرات المراقبة، ما تسبب في إثارة حالة من الاهتمام غير المتوقع وحالة من الجدل لدى منظمي الجريمة. كما تشير إلى ما أضحى يواجهه الأشخاص المتخصصون في تصميم الهويات الوهمية، نتيجة للتقنيات الجديدة المعنية بالتحقق من الهوية، وانتشار كاميرات التصوير الرخيصة، والرصد المتطور للموانئ والمطارات.

وتتابع الصحيفة حديثها بالقول إن عملية الاغتيال السياسية التي تعرض لها المبحوح أخيرا ً في دبي قد ألقت بردود فعل واسعة في جميع أنحاء العالم خلال الآونة الأخيرة، بعد أن تم تصوير المعتدين عليه بوساطة كاميرات مراقبة كانت متوافرة في الفندق الذي لقي فيه حتفه.

حيث تم تصوير أربعة أشخاص يشتبه بهم، وهو يخرجون في ثنائيات، ماضين في طريقهم نحو غرفة المبحوح. ولدى انتهائهم من تنفيذ عملية القتل بفترة قصيرة، جرى تصويرهم مرة أخرى، لكنهم كانوا أكثر عصبية خلال ركوبهم لنفس المصعد، وهم يرتدون قبعات البيسبول ذاتها. ثم تم تصويرهم مرة ثالثة وهم يغادرون المطار إلى رحلات متوجهة إلى دول أوروبية، وإفريقية، وآسيوية. وقد قام الإنتربول يوم الخميس الماضي بإصدار مذكرات اعتقال بشأن إحدى عشر فردا ً يشتبه فيهم، بعدما أجرت شرطة دبي دراسة متمعنة لكافة تحركاتهم التي تم تصويرها بوساطة كاميرات المراقبة.

وقد وجه قائد شرطة دبي ndash; وكذلك المعلقون السياسيون في إسرائيل ndash; اللوم إلى جهاز الموساد الإسرائيلي في تلك العملية، خاصة ً وأن إسرائيل لم تتعامل مع الموضوع بمسؤولية، تماشيا ً مع السياسة التي تنتهجها بعدم النفي أو الاعتراف بتورطها في عمليات الاغتيال. ومضت الصحيفة لتلفت الانتباه إلى أن تلك الحلقة، التي أضحت مسارا ً واسعا ً لحديث المسؤولين الاستخباراتيين في ثلاثة قارات على الأقل، قد أعادت للأذهان الاستعانة الواسعة بصور الدوائر التلفزيونية المغلقة والنشاط المعملي خلال التحقيق الذي فتحته الحكومة البريطانية في واقعة الموت البطيء التي تعرض لها العميل الروسي السابق، الكسندر ليتفينينكو، في عام 2006.

وتلفت أيضاً إلى أن أعمال المراقبة المتطورة هذه قد ساعدت المحققين كذلك عام 2004 على تحديد هوية المسؤولين عن حادثة انفجار السيارة الملغومة، التي أودت بحياة سليم خان يندرباييف، الرئيس الشيشاني الأسبق الذي كان يعيش وقتها في قطر. حيث تم تصوير القاتلين، وهما الضابطين الروسيين اناتولي بيلاشكوف وفاسيلي بوكشوف، بإحدى الكاميرات المثبتة في المطار وهما يستأجران السيارة التي استخدموها في تنفيذ العملية، كما استمع المحققون القطريون لمكالماتهما الهاتفية التي أجروها من داخل فيلا، قد قام باستئجارها على التو أحد الدبلوماسيين الروس.

وبرغم تأكيد شرطة دبي على أن الأشخاص الذين تورطوا في تصفية المبحوح قد التزموا الحيطة في ما يخص استعانتهم بالاتصالات المشفرة وعدم تركهم أية أثار لهوياتهم الحقيقية، إلا أن الاستعانة العالمية بالتقنيات الاستقصائية المتطورة كانت كافية للتعقيد بشكل كبير من تصميم quot;الأغطيةquot; التي تسمح للقتلة بالعبور من دون أن يُضبطوا من قِبل السلطات الوطنية، وفقا ً للعديد من الضباط الأميركيين السابقين المتخصصين في إدارة العمليات السرية.

وتنقل الصحيفة هنا عن مسؤول سابق قوله :quot; يزداد الموقف صعوبة في مجتمع تتفشى فيه نظم المراقبة، وهو ما يرجع جزئيا ً إلى تقنيات التحقق من الهوية التي تشتمل على مطابقات ومقارنات حاسوبية لملامح الوجه. ولكل حاجز تقني، ستكون هناك بعض الحلول التقنية. وربما تكون هناك فرصة فاصلةquot;.