خلافا للإنتخابات البرلمانية العراقية الماضية، فإن الساحة الأردنية التي تضم 16 مركز إقتراع لحوالي 180 ألف ناخب عراقي يقيمون في الأردن منذ سنوات طويلة بسبب الظروف الأمنية في بلادهم، تشهد غيابا لافتا ومحيرا للدعاية الإنتخابية العراقية من جانب الكتل السياسية المتنافسة في العراق، حيث وطيس المعركة الإنتخابية بدأ يحمى، فيما تؤكد السلطات الأردنية بشكل متكرر أنها لن تتصيد أي مخالفين لشروط الإقامة في الأردن ينوون التوجه الى مراكز الإقتراع، حيث صدرت التعليمات بغض النظر خلال عملية الإقتراع.

رغم زخم التطمينات الرسمية التي منحها الأردن علنا لأكثر من 180 ألف عراقي يقيمون على الأراضي الأردنية، ويحق لهم الإقتراع في ثاني إنتخابات برلمانية يشهدها العراق منذ عام 2003 وهو العام الذي شهد تغيير النظام السياسي فيه بالقوة العسكرية، إلا أن آلاف العراقيين في الأردن وبخلاف التسهيلات السياسية والأمنية لتسهيل عملية إقتراعهم عبر 16 مركزا إنتخابيا في المدن الأردنية الكبرى التي تشهد وجودا للجالية العراقية، يرفضون التوجه الى صناديق الإقتراع لإختيار ممثليهم من الكتل السياسية والأفراد المرشحين لتلك الإنتخابات، خشية أن تلاحقهم السلطات الأردنية كون الآلاف منهم مخالفين لقانون وشروط الإقامة في المملكة الأردنية، وقد تراكمت عليهم غرامات كبيرة، تهدد أصحابها بالإبعاد الفوري، إلا أن الحكومة الأردنية أعلنت رسميا قبل أكثر من أسبوع أن أجهزة الأمنية الأردنية التي ستكون موجودة بكثافة في محيط مراكز الإقتراع ستكون مهمتها محصورة في حماية تلك المراكز، وتسهيل عملية الإقتراع، ولن يكون لعناصر الحق في مساءلة أي ناخب عراقي عن إقامته في الأردن وصلاحيتها، وأن هذهالأمور قد جرى الإتفاق عليها مؤخرا خلال لقاءات أمنية أردنية عراقية عالية المستوى قبل أكثر من شهرين، على أن تجد الحكومتان الأردنية والعراقية لاحقا حلا لمشكلة العراقيين المخالفين لشروط الإقامة في الأردن، علما أن أعداد العراقيين في الأردن تتجاوز نصف المليون فرد، إلا أن أغلبهم لا يحق لهم الإقتراع، وفقا لشروط قانون الإنتخاب العراقي.

وبحسب نهاد عباس مدير مكتب المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات العراقية في الأردن، فإن quot;عملية الإقتراع في الأردن ستكون في الأيام 5-6-7 من شهر آذار (مارس)، ولهذا الغرض سيتم تخصيص أكثر من ألف موظف وفتح 16 مركز اقتراع: 11 منها في عمان في مناطق جبل عمان وجبل الحسين وحي نزال ودير غبار وتلاع العلي وشميساني وصويلح والهاشمي الشمال وماركا ومركزين في الزرقاء (23 كلم شمال) ومركزين في اربد (89 كلم شمال) ومركز واحد في مادبا (32 كلم جنوب)quot;، داعيا العراقيين المقيمين في الأردن الى المشاركة بكثافة في الانتخابات حتى وان كانوا يقيمون بصورة غير شرعية ولايملكون اقاماتquot;، مشيرا انه quot;تم تخصيص خط ساخن للرد على جميع استفسارات العراقيين في المملكةquot;.

وقال: quot;اذا شاهد المواطنون العراقيون في يوم الانتخاب عناصر امنية اردنية ورجال شرطة حول مركز الاقتراع فعليهم ان لايترددوا وان يدلوا باصواتهم لان هذه العناصر من اجل حماية مراكز الاقتراع ولن يتدخلوا ويسألوا احدا عن اقامته ان كانت شرعية او لاquot;.
والى جانب السبب الأمني المتعلق بمخالفة آلاف العراقيين للإنتخابات في الأردن، فقد لوحظ أساسا لا مبالاة عراقية من جمهور الناخبين في الأردن، إذ لم ينخرطوا ولم يشاركوا بإستثناء قلة لا تذكر في أي نشاط يتعلق بالإنتخابات العراقية، عقد على الأراضي الأردنية خلال الأسابيع الأخيرة، إذ أن أعداد كبيرة جدا من الناخبين يرون في مجالسهم الخاصة أن الإنتخابات المقبلة، وإن كانت مصيرية ومهمة جدا على أكثر من صعيد، إلا أنها محسومة تماما في شقها الأردني، حيث أن المشاركة المحدودة المتوقعة سوف تنحاز الى القائمة العراقية برئاسة رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي الذي يحتفظ بعلاقات ممتازة جدا مع القيادة السياسية والحكومة في الأردن، إذ كان له تدخلات قوية بشأن مصالحهم في الأردن، وهو مسؤول يمكن التعويل عليه إذا ما عاد رئيسا للوزراء في العراق.

لكن جمهورا آخرا من الناخبين العراقيين في الأردن يشيرون الى مسألة هامة جدا، وهي عدم إهتمام آلاف المرشحين العراقيين أساسا بالساحة الأردنية، و يشيرون الى أن الساحة الأردنية خلت تماما من أي حملات دعائية أو إعلامية لكتل سياسية عراقية، لإطلاعهم على البرامج السياسية، والأهداف أو التطلعات المقبلة لهم، إذا ما حازوا ثقة الشعب العراقي، إذ يقول عبدالله الدليمي لـquot;إيلافquot;: أن الساسة العراقيين لم يكن لديهم أي إهتمام بالناخب العراقي في الأردن، لذلك أعتقد أن الرد المثالي هو عدم إبداء أي إهتمام، والتجاهل التام، والمقاطعة إن لزم الأمر، لأن مرشحي العراق لا يقيمون وزنا لأكثر من نصف مليون عراقي في الأردن يحق لثلثهم الإنتخاب، وهو رقم إذا ما أحسن إستغلاله فإنه كفيل بقلب نتائج في العملية الإنتخابيةquot;.

الإعلامي الأردني ماهر أبوطير مدير تحرير الدائرة السياسية في جريدة (الدستور) الأردنية يسلط الضوء على مسألة الإنتخابات العراقية إنطلاقا من مراكز الإقتراع في الأردن فيقول:quot; غالبية العراقيين في الاردن ينتمون للمذهب السني ، من محافظات بغداد وغرب العراق ، وهؤلاء لهم ايضا موقف سلبي جدا من العملية السياسية في العراق ، وهذا سبب اخر سيجعل ذهابهم لصناديق الاقتراع ، آثما ، بنظر كثيرين ، وهو سبب يضاف الى السبب الاول اي عدم وجود اقامات رسمية مع اغلب العراقيين ، لتكون المحصلة تصويت ضعيف في الاردن ، وهذا يعني ان اتجاه الانتخابات العراقية واضح منذ اليوم ، وهو اتجاه يتطابق مع رغبة قوى عراقية باقصاء العراقيين في الخارج ، وخصوصا ، السنة عن العملية السياسية لصالح احلال قوى اخرى ، وهو البرنامج المستمر منذ سقوط العراق بيد الاحتلالquot;، عازيا غياب ألق الانتخابات العراقية ، حتى الان ، عن الأردن الى اسباب عراقية وليست اردنية.

وفي إستطلاع لآراء بعض أفراد الجالية العراقية في عمان فإن سمر الجنابي أبلغت quot;إيلافquot; بأنها لن تشارك في الإنتخابات يوم الخامس عشر من شهر مارس، لأنها غير متأكدة من التطمينات بأن الأمن الأردني لن يوقفهم بسبب مخالفة قانون الإقامة في المملكة، فالتطمينات غائمة ndash;كما ترى الجنابي- التي تؤكد أنها وأبيها وأخوتها ممن يحق لهم الإقتراع، إلا أنهم قرروا عدم الذهاب الى مراكز الإقتراع، خشية حصول مفاجآت أمنية غير سارة تتعلق بمشروعية إقامتهم بشكل عام في الأردن، لكن ذلك لن يمنعنا بأن نراقب الإنتخابات، على أمل أن تفرز برلمان عراقي قوي ومؤثر يضع في سلم أولوياته توفيق أوضاع العراقيين في الخارج، ووضع حد لمعاناتهم التي طالت، وكذلك العمل على إصلاح حال العراق ليعود كما كان مظلة لجميع العراقيينquot;.

أما سلوى المعموري فتشير لـquot;إيلافquot; أنها ستستخدم حقها الدستوري في إنتخاب من يمثلها الى برلمان العراق المقبل، فهو محطة فاصلة في التاريخ السياسي لعراق المستقبل، ويجب أن نساهم في صنعه، وأن نضع حدا لإستنزاف ثروات العراق وسرقته جهارا نهارا، منذ الحرب الأخيرة التي أعادت العراق عقودا الى الوراء... من حقنا أن نرى العراق ينهض ثانية أقوى مما كان، وأن يفتح أحضانه مجددا لجميع أبنائه، وأن يبتعد عنه شبح الفوضى أمنيا، وهذه الأمور كلها لا يمكن أن ننعم بها دون برلمان قوي يفد إليه كل غيور عراقي على أرضه وعرضهquot;.

لؤي العمري قال من جهته أن العراق بلد الخير والثروات، وأنه من المعيب أن يكون بلا خدمات أساسية يومية من ماء وكهرباء، وأن جميع الدول المحيطة به قد نعمت بخيراته خلال العقود الماضية، فالصراع والتنافس على المقاعد والمناصب في السنوات الماضية هي مسائل قادت الى الفوضى، وقربت العراق من خطر الصدام الأهلي الدموي، وسهلت مهام الإرهاب الدولي المتنقل ليضرب أبرياء العراق، ويعيد بلادهم الى سنوات الحرب والضياع والتشرد