استعرض العاهل السعودي سياسة بلاده الخارجية والداخلية وذلك في خطاب مطول أمام مجلس الشورى،وقال:quot;وحدة هذا الوطن وقوته تفرض علينا مسؤولية جماعية في الذود عنه، في زمن كثرت فيه أطماع الأعداء والحاقدين والعابثينquot;.

الرياض: أكد العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن وحدة السعودية مسؤولية جماعية بين كل مشتركات شعبه, و قال مخاطباً شعبه من تحت قبة مجلس الشورى: quot;إن وحدة هذا الوطن وقوته تفرض علينا مسؤولية جماعية في الذود عنه، في زمن كثرت فيه أطماع الأعداء والحاقدين والعابثين. وهذا يستدعي منا جميعا يقظة لا غفلة معها، لذلك فدورنا يضاعف علينا المسؤولية المشتركة بين الجميع كل في موقعه، فالوطن للجميع، ومعيار كل منا على قدر عطائه وإخلاصه لوطن قامت أسسه على دعائم الدين والذود عن حياضه بالنفس والنفيس، ولا نخشى في ذلك لومة لائم، فهذا هو المحك لمعادن أبناء الوطن وكلهم معدن نفيس ـ بإذن الله ـ وهو عهدنا بهمquot;.

واستعرض الملك عبدالله الكثير من الإنجازات والأحداث خلال خطابين أحدهما شفهي والآخر مكتوب.جاء ذلك خلال افتتاحه السنة الثانية من الدورة الخامسة لمجلس الشورى السعودي, وسط حضور رسمي كبير تقدمهم ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء الأمير نايف بن عبدالعزيز وأمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز ورئيس مجلس الشورى الشيخ عبدالله بن محمد آل الشيخ وأمراء ومسؤولين وأعضاء المجلس.

ووجه الملك عبدالله بن عبد العزيز انتقاداً واضحاً من خلال كلمته حينما قال إن الكلمة تشبه حد السيف مطالباً بأن يكون النقد بناءً وليس معول هدم, مؤكداً:quot;إنكم تعلمون جميعاً بأن الكلمة أشبه بحد السيف، بل أشد وقعاً منه، لذلك فإنني أهيب بالجميع أن يدركوا ذلك، فالكلمة إذا أصبحت أداة لتصفية الحسابات، والغمز واللمز، وإطلاق الاتهامات جزافاً كانت معول هدم لا يستفيد منه غير الشامتين بأمتنا، وهذا لا يعني مصادرة النقد الهادف البناء، لذلك أطلب من الجميع أن يتقوا الله في أقوالهم وأعمالهم، وأن يتصدوا لمسؤولياتهم بوعي وإدراك، وأن لا يكونوا عبئاً على دينهم ووطنهم وأهلهمquot;.

وكانت الأوساط السعودية شهدت سجالات قوية ارتفعت وتيرتها مؤخراً بعد فتوى الشيخ عبدالرحمن البراك حينما كفر مستحلي الاختلاط وطالب بقتلهم. ولفت الملك عبدالله إلى: quot;إننا جزء من أمتنا العربية والإسلامية بل والدولية، فدورنا من أمتنا العربية والإسلامية قائم على الدفاع عن حقوقها وبذل الغالي والنفيس لما فيه وحدتهم ورفعتهم، ولا ينكر منصف دورنا تجاه ذلك، وسنحرص دوماً على تبني قضاياهم العادلة، ولا يكون ذلك إلا بوحدة الصف والهدف للخروج من ليل الفرقة إلى صبح الوفاق. أما على الصعيد الدولي فموقفنا واضح وقائم على الصداقة، وتعزيز مفاهيم السلام بين الشعوب والأمم. وفي كلمته المكتوبة أكد الملك عبدالله أن مواقف بلاده دولياً تتسم بـquot;العقلانيةquot; وquot;الوسطيةquot;والحكمة، الأمر الذي جنبها الوقوع في كثير من الصراعات الإقليمية والدولية.

وأضاف: quot;السعودية تقف دائماً تقف مع قضايا الحق والعدل دون التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة كما أنها تشارك دول العالم في المساعي الرامية لإحلال السلام والأمن العالميين وهي تشارك بفاعلية في مجال الإغاثة الدولية وفي مجال معالجة تداعيات الأزمة المالية وتفاديها.لكل هذا حظيت المملكة بمكانة رفيعة وعضواً فاعلاً في جميع المحافل الدولية وما كان لهذا أن يحدث لولا توفيق الله أولاً ثم تضافر الجهود لما فيه خير الوطن والمواطن والإنسانية جمعاءquot;.

وأوضح: quot;إننا جمعاً حريصون كل الحرص على تثمين الروابط التي تربطنا بمحيطنا العربي والإسلامي وهي روابط الدين واللغة والعرق والجوار والتاريخ والمصير والقضايا والمصالح والإهداف المشتركة وهي بلا شك روابط تسعى دولتكم دائماً وأبداً إلى تعزيزها بكل الوسائل المتاحة ومن ذلك سعيها الدائم إلى المصالحة العربية وإلى مراعاة حسن الجوار وإلى تنقية الأجواء وإصلاح ذات البين بين جميع الدول العربية والإسلامية الشقيقة ودعم قضاياها العادلة وعلى الأخص قضية العرب والمسلمين الأولى قضية فلسطينquot;.

وقال: quot;وقد سعينا لدعم هذه القضية في مسارين متوازيين المسار الأول الدفع بالمصالحة الفلسطينية ودعم هذه القضية العادلة في المحافل الدولية بهدف إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف أما المسار الأخر فتمثل في استمرار مساعدات المملكة المادية والعينية للشعب الفلسطيني وعلى سبيل المثال قدمت المملكة مبلغ مليار دولار لإعادة إعمار قطاع غزة جراء الاعتداء الإسرائيلي الغاشم على القطاع كما وجهنا بإطلاق حملة تبرعات شعبية عاجلة في عموم مناطق المملكة لمساعدة أهلنا وأشقائنا في فلسطين وإغاثتهم وهذا واجبنا تجاه إخواننا العرب والمسلمين في كل زمان ومكانquot;.

وأشار إلى: quot;إننا جزء من هذا العالم وعضو في الأسرة الدولية تربطنا مع جميع الدول المعتدلة مصالح اقتصادية مشتركة وعلاقات تعاون في جميع الميادين وتجمعنا بهم أهداف واحدة تتعلق بإحلال الأمن والسلام ومحاربة الإرهاب والفساد بكل صوره وأشكاله وترسيخ مبادئ التنمية والتقدم والرخاء والتطور الحضاري في كل المجالات ولذا فإن حكومة المملكة العربية السعودية حريصة دائماً على استمرار علاقاتها مع الدول المعتدلة كافة وترسيخها لتحقيق الأهداف الإستراتيجية المشتركة وتعزيز قيم التعاون في الميادين كافةquot;.

وشدد على أن بلاده ماضية: quot;في نهجها المتسم بتقديم المساعدات الإنسانية ونصرة القضايا العادلة وتوسعة دائرة المساعدات لتشمل بلداناً كثيرة ومنظمات إنسانية وصناديق دولية متعددة ولعل من أبرز ملامح النجاح للمملكة على الصعيد الخارجي إعادة انتخاب المملكة العربية السعودية لعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن القارة الآسيوية مدة ثلاث سنوات جديدة قادمةquot;.

وفي الشأن الداخلي قال:quot;قد آلمنا ما تعرضت له المملكة من اعتداء على حدودها الجنوبية من بعض المتسللين المعتدين، حيث وقفت المملكة ـ بتوفيق الله ـ بصلابة في وجه هذا العدوان المشين، وتمكنت ـ بحمد الله ـ من صد المعتدين ودحرهم وتأمين الحدود وتطهيرها .وفي إطار الاطمئنان على ما حققته قواتنا العسكرية من انتصارات، قمنا بجولة تفقدية للمواقع العسكرية الواقعة على خط المواجهة، تم خلالها اللقاء بأبنائنا المرابطين على جبهة القتال، وتهنئتهم بما حققوه من انتصارات.

وتابع: quot;وفي هذا الصدد .. تجدر الإشادة ببسالة أبنائنا أفراد القوات المسلحة وجميع أبنائنا أفراد القطاعات العسكرية الأخرى المشاركة في دحر هذا العدوان، وندعو الله بالرحمة والمغفرة للشهداء، وبالصحة والعافية للمصابين والجرحى. ونظرا إلى ما سببته هذه الاعتداءات من نزوح لكثير من المواطنين عن قراهم الواقعة على الشريط الحدودي، فقد أمرنا بإنشاء عشرة آلاف وحدة سكنية يتم تسليمها في أقرب وقت ممكن لإخواننا وأبنائنا النازحين إلى مراكز الإيواء في منطقة جازانquot;.وأضاف:quot; والمملكة العربية السعودية حكومة وشعبا تقدر وبكثير من الامتنان مواقف أشقائها في الدول العربية والإسلامية ومواقف الدول الصديقة بصفة عامة، وموقف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بصفة خاصة تجاه هذا الاعتداء، ذلك الموقف الذي عبر عنه البيان الختامي للمجلس الأعلى في دورته الثلاثين المنعقدة في دولة الكويت الشقيقة.

واضاف قائلا: quot;ولا يفوتنا أن نشيد بما أسفرت عنه هذه الدورة من تقدم إيجابي في عدد من الموضوعات المطروحة على جدول الأعمال مثل الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة والاتحاد النقدي والربط الكهربائي ودراسة الاقتصادية لسكة الحديد بين دول المجلسquot;.

وفي الشأن الاقتصادي أوضح: quot;رغم الهزات الاقتصادية التي شهدها العالم فقد تمكنت المملكة ولله الحمد من مواصلة تنميتها الاقتصادية بخطى ثابتة ومن أبرز ما تجدر الإشارة إليه تدشين عدد من المشروعات التنموية الصناعية في مدينتي الجبيل وينبع بلغ الحجم الإجمالي لاستثماراتها حوالي المائة مليار ريال وتواصلت عملية الإصلاحات في الأنظمة والقوانين لتمكين الاقتصاد الوطني من النمو والتنوع مما جعل المملكة تتصدر دول العالم في سرعة تسجيل الممتلكات العقارية حسب التقرير السنوي الذي أصدره البنك الدولي الخاص ببيئة الأعمال لعام 2009م والمركز الثالث عشر حسب بيئة الاستثمار وفق مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدوليquot;.

ومضى:quot;جميعنا يعلم أن الأزمة المالية التي ألمت بالاقتصاد العالمي قد ألقت بظلالها على جميع اقتصاديات العالم وقد شاركنا في الجهود الدولية لمواجهة آثار تلك الأزمة ومن ذلك مشاركتنا في قمة العشرين الاقتصادية التي عقدت في لندن لمواجهة تداعياتها ونحمد الله أننا لم نتأثر كثيراً برياح تلك الأزمة بتوفيق من الله أولاً ثم لمتانة أنظمتنا المالية والاقتصادية مما جعلنا نتخطى تلك الأزمة وتداعياتها بسلام وبأقل خسائر ممكنة ولم ولن نتوقف عن تهيئة البيئة الملائمة لمساهمة مؤسسات القطاع الخاص ونموها بتوفيق الله وجعلها شريكاً استراتيجياً في مسيرة التنمية الشاملةquot;.

وفي الشأن الديني لفت إلى: quot;إنطلاقاً من مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف ومن الموقع الذي تمثله المملكة في العالمين الإسلامي والعربي واصلنا السعي في تبني مشروع خطاب إسلامي يقوم على الحوار والتسامح وتقريب وجهات النظر وإزالة سوء الفهم ونبذ مظاهر الخلاف والعداء والكراهية بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة عن طريق برنامج الحوار بين أتباع المذاهب والأديان الذي اكتسب بعداً دولياً ونحن عاقدون العزم على الاستمرار في هذه الجهودquot;.

وأضاف:quot;قد شرف الله هذه البلاد بخدمة الحرمين الشريفين وفي هذا المجال تم إنجاز التوسعة الكبيرة في المسعى وجسر الجمرات مما ضاعف المساحة الاستيعابية والعمل جاري على استكمال التوسعة الكبيرة للمسجد الحرام من الجهة الشمالية إضافة إلى مشروع قطار الحرمين السريع ومشروع قطار المشاعر المقدسة وسوف نبذل كل ما في وسعنا لمواصلة الجهود بإذن الله من أجل استمرار توفير سبل الأمن والراحة للحجاج والمعتمرين والزائرينquot;.

وبما يتعلق بالمواطن السعودي شدد على: quot;أكدنا مراراً على أهمية دعم البرامج الحكومية المتعلقة برفاهية المواطنين وتطويرها وتيسير سبل العيش الكريم لهم ولعل من المهم الإشارة هنا إلى موافقتنا على الإستراتيجية الشاملة للتوظيف على مدى عشرين سنة قادمة كما وجهنا باستحداث ما يزيد على مائتي ألف وظيفة تعليمية لتسوية أوضاع المعلمين والمعلمات وهذا يصب في مسعانا نحو توفير فرص عمل كافية لأبنائنا المواطنينquot;.

وأوضح أن: quot;أمرنا بتقديم مساعدات عاجلة تبلغ ملياراً ومائة وستة وستين مليون ريال لصرفها على المستحقين المشمولين بنظام الضمان الاجتماعي وأمرنا بشمول الأيتام من ذوي الظروف الخاصة ممن تجاوزوا سن الثامنة عشرة بهذا النظام quot;.

وأشار إلي:quot;إن التعليم من أهم الواجبات التي اضطلعت بها هذه البلاد منذ عهد التأسيس إلى يومنا هذا ودعماً لمجال التعليم العالي افتتحت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في ثول بحضور عالمي رفيع المستوى وأنشئت أيضاً جامعات جديدة في مناطق مختلفة ليرتفع عدد الجامعات في المملكة إلى خمس وعشرين جامعة سهلت لها جميع الموارد والإمكانات المتاحة وبدعم غير محدود مما أهل بعض جامعاتنا لأن تتبوأ مراتب متقدمة على مستوى الجامعات العربية والإسلامية والعالمية وفق أفضل المعايير العالمية للتقييم كما واصلنا برامج الابتعاث لتوفير أفضل الفرص إلى أرقى الجامعات العالمية ووفق أهم التخصصات حيث بلغ عدد المبتعثين في الوقت الراهن سبعين ألف مبتعثquot;.

وأضاف: quot;تم بحمد الله تطوير مرفق القضاء من خلال إصدار نظامي القضاء وديوان المظالم الجديدين واستكمال تكوين المجالس القضائية ودعم هذا المرفق بإقرار مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مرفق القضاء وتخصيص ميزانية لهذا المشروع بمبلغ سبعة مليارات ريال، أما في ميدان البناء الإداري والتنظيمي فقد تم تطبيق برامج التطوير الإداري الشامل لأجهزة الدولة لكي تواكب المستجدات العالمية في ميدان الإدارة بمستوياتها المختلفة وخصوصاً فيما يتعلق ببرامج تقنية المعلومات وميكنة الأعمال كافة. ولقد شاركت المرأة السعودية مشاركة فاعلة في جميع برامج التنمية والتطوير إلى جانب شقيقها الرجل سواء بصفتها طالبة أو موظفة أو معلمة أو سيدة أعمال وما جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بطاقمها الإداري وطاقمها الأكاديمي إلا شاهد على ما حققته المرأة السعودية من تقدم ورقي في سلم العلم والثقافةquot;.