لفتت عبارة العاهل السعوديالكثير من السعوديين حينما تحدث عن الهمز واللمز وتصفية الحسابات عبر quot;الكلمةquot; حين كانت الأنظار والأسماع متوجهة صباح الأحد إلى مجلس الشورى السعودي وبالتحديد إلى خطاب الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي افتتح أعمال دورة المجلس من خلال خطابه السنوي الذي يعرف بأنه خطة عمل قادمة وكان حديث الملك متسما بالعديد من التطلعات في طريقه نحو الإصلاح والتطوير كما جرت العادة في السعودية.
الرياض: تحدث الملك في خطابه عن الكلمة وتأثيراتها وقال quot;إنكم تعلمون جميعاً بأن الكلمة أشبه بحد السيف، بل أشد وقعاً منه، لذلك فإنني أهيب بالجميع أن يدركوا ذلك، فالكلمة إذا أصبحت أداة لتصفية الحسابات، والغمز واللمز، وإطلاق الاتهامات جزافاً كانت معول هدم لا يستفيد منه غير الشامتين بأمتنا، وهذا لا يعني مصادرة النقد الهادف البناء، لذلك أطلب من الجميع أن يتقوا الله في أقوالهم وأعمالهم، وأن يتصدّوا لمسؤولياتهم بوعي وإدراك، وأن لا يكونوا عبئاً على دينهم ووطنهم وأهلهمquot;.
عن هذا الموضوع، بين الدكتور محمد آل زلفة الأكاديمي المعروف أن تركيز الملك على الإعلام المنفتح وركز على الإعلام لأنه هو المعني بإيصال كلمة المواطن المؤمن بقيمة الكلمة في الإصلاح وأن ما يجب أن يكون عليه أن يقول كلمته التي تكون صادقة ومخلصة ولها تأثير وبعيدة عن تصفية الحسابات.
ويضيفأنالكلمة كشفت كل شيء واستشهد بحادثة سيول جدة ولولا الكلمة الصادقة لما اطلعنا عليها فالكلمة حملت الأمانة وصححت الوضع وسوف تقود الإصلاح.
الدكتور علي بن سعد الموسى الكاتب والأكاديمي قال إن هذا العصر هو عصر الحرية المسؤولة وهو عصر الانفتاح بالآراء، ويضيف الدكتور أن الملك لم يضعها في صلب خطابه الا لأنه يقصد لوازم هذه الجملة وتبعاتها، وقال إن الكلمة هي الفتوى وهي تشكيل الوعي وهي الرأي وهي كل شيء يساهم بشكل أساسي في قولبة الحراك الإجتماعي في مجتمع اعتاد التصنيفات من أقصى الغلو إلى أقصى اليسار. وأوضح أن المجتمع السعودي يخوض ويلعب في هوامش ما بين المخاض والمعركة وهي منطقة لاتمثل حرية التعبير، ولم يخف الموسى استغرابه من كل هذا لأن هذه الظاهرة تحدث مع أزمان حدوث التغيير وأن جمرة الحروب الكلامية ستلسع الأقدام وعندها ستعود للمنطقة الدافئة وينتج المجتمع الأكثر دفئا.
قال الكاتب والإعلامي السعودي شتيوي الغيثي إن هنالك معرفة قوية بقيمة الكتابة والكلمة وكذلك النقد البناء ويتجلى ذلك من خلال حديث خادم الحرمين الشريفين وقال الغيثي إن الكلمة هي الفصل في قضايا من كافة الأطراف سواء كانت الأطراف منغلقة أو منفتحة.
وهذا ما اتفق عليه الكاتب والناقد السعودي محمد السحيمي بأن هذا الخطاب يقدم توجها إصلاحيا والخطة القادمة للدولة هي حرية الكلمة التي تبتعد عن الشخصنة ونقد الذات الأخرى بعيدا عن النظرة الإصلاحية. و ما يريده هنا الملك من إصلاح للفترة القادمة هو إعطاء الكلمة والقلم نصيبهما والنقد كذلك لكن باتجاه وطني بحت.
وبين الغيثي أن ما يقصده الملك هو أن نعلم إلى أي مدى سوف تقودنا الكلمة وينبغي كذلك معرفة تبعاتها التي تقودنا نحو الإصلاح والتنمية وهو الملك القريب من كل شيء ويعرف كيف يتعامل تماما مع الأحداث ويسيّرها باتجاه الوطنية.
وأبان الإعلامي ياسر العمرو تأثير القلم والكلمة وقال إنها قد عاشت في عهد الملك عبد الله ربيعا في حرفها دفع بها إلى خلق مناخ ثقافي مؤثر على الصعيد الاجتماعي نقدا وثقافة وتنويرا. ويضيف أن الدولة تسعى الى النقد الهادف لكن ما زالت هناك مشكلة فهم بعض العقول لا ترى من النقد الا أن تقصي الآخر لكن الخطة القادمة هي القلم والكلمة وهما لهما الدور في بناء العقول.
هل جاء الخطاب كردة فعل على البراك ؟
وعن توقيت هذا الخطاب الذي يأتي في عز اشتعال وانشغال المجالس السعودية بفتوى الشيخ عبدالرحمن البراك وتحديد الكلمة كحجر زاوية للتقدم وأبان الدكتور ال زلفة أن الملك يلمح لفتوى البراك لأن فتواه المشغلة كانت مصيبة على حد تعبيره، وقال هذا سبب نشوء خلاف داخل المجتمع كون بعض المحتسبين على التيار الديني ليس لهم مرجعية في ادبيات الشرع، وانتقد تصرفات المنتسبين إلى التيار الديني في خطابهم لأنهم لم يرجعوا لكلمة من هم أعلم منهم في مثل هذه الأمور وطالبهم بأن يخافوا الله في كلماتهم وألا يجعلوها مكانا مقلقا .
فيما خالف الموسى الدكتور ال زلفة وقال إن الخطاب شامل، فلو سألت غلاة الخطاب الديني المسيس لقالوا لك إن الملك يقصد غلاة الكتاب في تلك الصحيفة أو الصحيفتين، ولو سألت أيضا غلاة البيرق الليبرالي لقالوا لك إن الخطاب جاء في أعقاب فتاوى القتل، وهو يقصد كل الشعب من نادي الجوف الأدبي الى شاعر جازان.
واوضح شتيوي الغيثي لم يكن الخطاب كردة فعل على أي شيء بل هي كلمة عامة تهدف إلى جمع كافة الخطابات الثقافية تحت مظلة واحدة تحمل اسم الوطن وهي بذاتها منهج فكري للمستقبل وإيمانا بدور الكلمة في رسم طريقنا نحو الإصلاح المنشود.
وأضاف السحيمي أن الكلمة لم تكن تتصل بأي مناسبة وقتية بل هي خطة عمل قادمة نحو التفاهم بين الجميع لما يحققه خطاب المرحلة القادمة من تطلعات لهذا الملك الإصلاحي الذي سبق وأن حدد في خطاب الدورة الماضية أن هدفنا التطوير وهو ما بدأت ثمرات ذلك الخطاب واضحة وهو تأكيد على ان هذا الخطاب هو فعلا الخطة للإصلاح.
وتحدث ياسر في إشارة إلى فتوى البراكعن أن المشكلة في بعض عقولنا لايجدوا حضورا الا بتجبير الكلمة نحو دائرة المصلحة المتمثلة بقواميس الطرد والتصفية عبر التراشق وتصفية الحسابات، وأكد العمرو أن القلم يبني الأفق وان من يحجر واسع القلم فهو عبء على الدين والوطن وان من يفخخ مسارات الحرف ويوزع quot;صكوكquot; الهدم فليكسر .
الجدير بالذكر أن الشيخ البراك قد اشتهر على مستوى كبير وهو أكبر رجالات الدين في السعودية ولا يشغل أي منصب رسمي فيها، وكانت فتواه تركز على الإقصاء والقتل وهو ما حدث في العام 2008 من إجازته القتل ضد الكاتبين عبدالله بجاد العتيبي ويوسف أبا الخيل اللذين كتبا دفاعا عن الليبرالية وهو ما رأى فيه البراك دعوة صريحة إلى الفتنة التي ينبغي اجتثاثها ومن ثم عاد quot;وتكررquot; موضوع القتل ضد من يجيز أو يبيح الاختلاط، والذي قد نشأ موضوع الاختلاط بعد ظهور العديد من الدعاة والمنتسبين الى التيار الإسلامي تأييدهم له على أثر افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بثول غرب السعودية التي تعتبر أول جامعة سعودية تجمع ما بين الجنسين بها وهي بذلك من قادت كل أنواع التنافر بين الخطابين داخل السعودية من خلال الهجوم اللاذع بين الفريقين على كل الأصعدة وشتى الوسائل، وكذلك قد أصدر الشيخ البراك فتوى تحذر من حضور محاضرة في معرض الرياض الدولي للكتاب في الدورة الماضية 2009 للمفكر العربي محمد عابد الجابري والذي وصفه البراك بانه رجل مخادع يتقن التمويه وينفث فكره العفن. ولعل أن كلمة الملك في توضيح خطر الكلمة على البناء والتقدم لهو محور رئيس في الطريق نحو الإصلاح.
التعليقات