فرض زلزال تشيلي المدمر نفسه على اجندة الرئيس المنتخب للبلاد وحرمه الانتشاء بالوصول إلى السلطة.

سانتياغو: يحرم زلزال تشيلي المدمر سباستيان بينيرا الرئيس المنتخب للبلاد من فترة شهر عسل بعد تسلمه السلطة لكن الزلزال قد يكون فرصة بالنسبة للرئيس الجديد أكثر منه مبعث خطر مع بدء جهود اعادة الاعمار في البلاد.

ويعطى الزلزال الذي بلغت قوته 8.8 درجة والذي أحدث أمواج مد عاتية قتلت المئات ودمرت بلدات ومدنا وطرقا بينيرا العذر اذا لم يوف بتعهدات قطعها أثناء الحملة الانتخابية بتعزيز النمو الاقتصادي السنوي الى ستة في المئة وتوفير مليون فرصة عمل.

وأشار ائتلاف يسار الوسط الذي دفع به بينيرا الى المعارضة عندما أدى اليمين الدستورية يوم الخميس الى التعاون للمساعدة على اعادة الاعمار مما يعني أن مهمة بينيرا ستكون أسهل مما كان متوقعا في السابق في برلمان منقسم.

وتشيلي قوة تعدين تحظى بشهرة عالمية وتزخر بالمدخرات من صادرات النحاس كما أنها واحدة من أكثر اقتصادات السوق الناشئة استقرارا. وتصنيف تشيلي الائتماني ممتاز مما يسهل عليها عملية الاقتراض لتمويل اعادة الاعمار.

لكن بينيرا الملياردير الذي جنى معظم ثروته في مجال الخطوط الجوية استقر على حكومة تحفل بشخصيات لها باع في مجال الاعمال ولا تضم شخصيات لها تجارب كبيرة في القطاعين السياسي والعام وذلك في وقت لا مجال فيه لمشاكل الحكومات الجديدة.

وقال دانيال كيرنر وهو محلل في جماعة يورواسيا الاستشارية لقياس المخاطر quot; المخاطر التي أمامه هي حكومته الجديدة... لا يمكنهم قضاء عام في تعلم كيف تجري الامور... واذا حول بينيرا اهتمامه عن اعادة الاعمار فقد يسبب ذلك مشكلة له.quot;

لكن كيرنر قال ان الازمة التي سببها الزلزال الذي ضرب البلاد يوم 27 فبراير شباط قد تساعد بينيرا (60 عاما) على ترسيخ قدمه بعد عشرين عاما من حكم ائتلاف يسار الوسط في تشيلي. وأضاف quot;يعطيه أجندة أكثر وضوحا وفرصة لتنفيذها ويمكنه من ابداء المزيد مما كان سيظهره لو لم يقع الزلزال.quot;

ومع تنامي الغضب من ادارة الرئيسة السابقة ميشيل باشيليت بسبب بطء وتيرة المساعدات واعادة النظام بعد تفشي النهب فان تسامح شعب تشيلي مع الادارة الجديدة سيكون هشا.

ويريد الناجون من الزلزال والذين تسلح بعضهم لحماية أنفسهم من اللصوص بعد الزلزال نتائج سريعة من بينيرا.

وقال سيرجيو ألاركون وهو خباز يبلغ من العمر 34 عاما من مدينة كونسيبثيون المتضررة من الزلزال quot;ينتظر الجميع لرؤية ما سيفعله بينيرا.quot; وأضاف وهو يتابع الحشود وهي تدخل المتجر الكبير الذي يعمل به quot;لدي ثقة.quot;
ويسعى بينيرا الذي يعتزم بيع حصته الكبيرة في شركة طيران (لان ايرلاينز) الناجحة في تشيلي بعد انتخابه الى الحد من سقف التوقعات.

وقال بينيرا في الايام التي أعقبت الزلزال quot;من المستحيل تجاهل أن هذا الزلزال سيعني تغييرات كبيرة في برنامج حكومتنا.quot;

وناشد بينيرا معارضيه مساعدته على الدفع بتشريع خاص بمساعدات الطواريء واعادة الاعمار والتبرعات من القطاع الخاص في الايام الاولى له في الرئاسة بالاضافة الى تغيير أنظمة التحذير من أمواج المد العاتية في تشيلي.

وبينيرا هو أول رئيس محافظ ينتخب بشكل ديمقراطي في تشيلي منذ خمسين عاما لكن من غير المتوقع أن يحدث تغييرا جذريا في السياسة الاقتصادية بعد 20 عاما من تولي يسار الوسط السلطة في البلاد.

واعتمد البرنامج الاصلي لحكومة بينيرا على الضرائب وحوافز أخرى لجذب استثمارات خاصة وتوفير فرص عمل وتعزيز النمو مع خروج الاقتصاد من أول ركود يعاني منه خلال عشر سنوات ومن المتوقع أن يدفع بينيرا بهذه السياسات لكن الزلزال فرض نفسه على رأس أولويات جدول أعمال الرئيس الجديد.

وستكون اعادة بناء جسور وشق طرق من أولويات بينيرا حتى يتمكن مصدرو الفواكه والنبيذ في تشيلي من توصيل منتجاتهم الى الموانيء.

ويقدر محللون أن الزلزال سيخفض بما يصل الى نقطتين مئويتين من التوقعات الاصلية للنمو في 2010 وهي حوالي خمسة في المئة وسيكون الضرر الاكبر في النصف الاول من هذا العام.

لكن اقتصاديين اخرين يتوقعون أن يبقى النمو قويا. وقال خوسيه دي جريجوريو رئيس البنك المركزي في تشيلي يوم الاحد الماضي انه لا يستبعد نمو الناتج المحلي الاجمالي في اطار التوقعات السابقة للبنك وهي ما بين 4.5 و5.5 في المئة.

وتعهد البنك المركزي بابقاء السياسة النقدية حرة لفترة لمساعدة الاقتصاد على التعافي.
وبينما تعطي اعادة الاعمار بينيرا فرصة لحشد الدعم وراء حكومته فانه يحتاج للتحرك سريعا