عقدت الجزائر أخيرًا مؤتمرًا حول الإرهاب والجريمة العابرة للحدود في منطقة الساحل ودول الصحراء، استثنت منه المغرب على الرغم من إعلانه صراحة رغبته في المشاركة بالمؤتمر. ورأى مراقبون أن ما اقدمت عليه الجزائر يصب في مصلحة القاعدة التي تستغل غياب التنسيق الأمني بين البلدين.

الدار البيضاء: انتقد المغرب قرار الجزائر عدم دعوته إلى المؤتمر حول الإرهاب والجريمة العابرة للحدود في منطقة الساحل ودول الصحراء، الذي عقد أخيرًا.

وعلى الرغم من أن حكومة الرباط أبدت رغبتها في الحضور، إلا أن الجزائر رفضت توجيه الدعوة إليها، وهو ما جعل وزارة الخارجية المغربية تصدر بيانًا قالت فيه quot;نأسف لهذا الموقف من إقصاء المغرب من هذا الاجتماع، على الرغم من أن الأمر يتعلق بخطر يحدق بالجميع ويستوجب بالضرورة ردا جماعيا من أجل تعزيز الأمن الإقليمي، وتحقيق التقدم والتنمية في المنطقةquot;.

ويرى عدد من المراقبين والمحللين للشأن الأمني والعسكري في المنطقة أن الموقف الذي اتخذته الجزائر، يقدم خدمات كبيرة لتنظيم quot;القاعدة في بلاد المغرب الإسلاميquot;، بزعامة عبد المالك درودكال الملقب بـ quot;أبو مصعب عبد الودودquot;، الذي يستغل غياب التنسيق والتعاون، في توسيع دائرة تحركاته، وتنفيذ مخططاته بسهولة أكبر.

وقال سعيد لكحل، الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، إن quot;التصرف الذي أقدمت عليه الجزائر برفضها مشاركة المغرب في المؤتمر الإقليمي، يجسد النزوع المرضي لحكام الجزائر للهيمنة ولعب دور الريادة في المنطقةquot;.

وأضاف سعيد لكحل، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;مادام المغرب يلعب أدوارا مهمة على المستوى الإقليمي والجهوي، فإن الجزائر تفتعل الأسباب للتشويش على أدوار المملكةquot;، مشيرًا إلى أن quot;الجزائر تحاول إقناع المجتمع الدولي بأنها الوحيدة القادرة على محاربة الإرهاب، علمًا أنها عاجزة عن هذا داخل ترابها، فكيف لها أن تفعل في منطقة شاسعة دون إشراك كل الدول المعنية، وعلى رأسها المغربquot;.

وأكد الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية أن quot;غياب المغرب عن جهود محاربة الإرهاب سينعكس إيجابا على نشاط تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذي يستغل غياب التنسيق أو ضعفه بين المغرب والجزائر. فالمنطقة شاسعة وتنشط فيها عصابات السلاح، والمخدرات، فضلاً عن الإرهاب. إلا أن وعي الولايات المتحدة وأوروبا بمخاطر الإرهاب في شمال إفريقيا ودول الساحل سيفرض عليها التدخل لحمل الجزائر على التنسيق مع المغرب، ولو في حدوده الدنيا، حتى لا تتحول المنطقة إلى تورا بورا جديدةquot;.

من جهته، قال محمد الغماري، أستاذ جامعي خبير في الدراسات الاستراتيجية والعسكرية، إن quot;الجزائر تعلم جيدا أن المملكة لديها تنسيق عسكري وثيق مع موريتانيا، وهذا دفعها بالمقابل إلى عقد مؤتمر استثنت منه المغرب، رغم أنه عبر عن رغبته في المشاركة.

وأوضح محمد الغماري، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;الجزائر تريد أن تظهر أن مفهوم الإرهاب الذي تتعامل به، ليس كالمفهوم الذي تتعامل به حكومة الرباطquot;، مبرزًا أن quot;القاعدة تستغل غياب التنسيق في تحركاتها بالمنطقةquot;.

وذكر الخبير في الدراسات الاستراتيجية والعسكرية أنه quot;من الصعب أن يكون هناك تنسيق عسكري بين المغرب والجزائر، إذ أن كل طرف سيضع خطة لمحاربة الإرهاب حسب مفهومهquot;.

وكان ببان وزارة خارجية المغرب أشار إلى أن quot;المملكة المغربية، واقتناعا منها بضرورة اعتماد مسعى يرتكز على تظافر الجهود وتنسيق الأعمال لمواجهة التحديات الأمنية الإقليمية المرتبطة أشد ما يكون الارتباط بسلم واستقرار كل دولة من دول المنطقة، فقد سبق لها أن عبرت رسميا عن استعدادها للمشاركة في هذا الاجتماع والمساهمة بشكل نشيط في نجاحه كما سبق أن أبلغت بذلك الجزائر البلد المضيفquot;.

وتجعل الجزائر من نزاع الصحراء أحد العوامل التي تبرر بها إبقاء المغرب خارج دائرة دول الساحل والصحراء في مراقبة تحركات الجماعات الإسلامية، وجماعات تهريب المخدرات، والسلاح، والبشر.

وكان وفد من الإتحاد الأوروبي دعا اخيرا الجزائر إلى تقوية درجة التعاون مع الرباط في قضايا الأمن الإقليمي.