غالبًا ما تحاول وسائل الإعلام على اختلاف اشكالها البحث عن المواضيع الشيقة والمثيرة التي تجذب إليها أكبر عدد من القراء والمتابعين. وطالما بقيت الحياة الخاصة للزعماء والرؤساء محاطة بالسرية في أغلبية الاحيان، فإن التركيز على أجزاء صغيرة تتعلق بلياقتهم البدنية يكون محلاً للاهتمام.

لندن: لا تكف وسائل الإعلام الغربية عن البحث عن laquo;تلك الزاوية المختلفةraquo; التي تتناول منها الأحداث الكبيرة. ولهذا خرجت laquo;بي بي سيraquo; بمادة تتناول laquo;لياقة الزعماء البدنيةraquo;. فأشارت الى أن صورة السياسي البدين الذي ينفث دخان سيكاره أو سيجارته من وراء كأس نبيذ نحو الكاميرا صارت تنتمي لعهود قديمة ولا مكان في هذا العصر الحديث.

فالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يعض بالنواجذ على رياضة الركض الى درجة السقوط من الإعياء. والرئيس الأميركي باراك اوباما اشتهر بأنه لاعب ماهر في كرة السلة وحريص على التمارين الرياضية. وفي اليوم الذي أعلن فيه عن موعد الانتخابات العامة في بريطانيا، وجد زعيم المحافظين، ديفيد كامرون، الوقت لتمرينه الرياضي الصباحي المعتاد، بينما التقطت صحيفة laquo;الصنraquo; صورة لرئيس الورزاء، غوردون براون، وهو يركض في متنزه في الصباح الباكر. ويقال إن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد حريص أيضًا على الركض فجرًا على أرصفة طهران.

ما هو السر، إذًا، وراء هذه العلاقة بين الزعماء واللياقة البدنية؟ أهو حرص حقيقي عليها بغض النظر عن المنصب، أم أنه إعلان للناس بأن الزعيم مؤهل جسديًّا للقيادة وليس من المرجح أن يقع فريسة للمرض لأتفه الأسباب؟ وهل تؤدي دورًا في الانتخابات التي تتهيأ بريطانيا لإجرائها في غضون ثلاثة أسابيع؟

يقول مايك شالكروس نائب رئيس تحرير مجلة laquo;Men's Healthraquo;، المعنية بشوون الصحة الرجالية: laquo;إذا ألقيت نظرة على سائر الذين وصلوا الى المراتب الوظيفية العالية، لاحظت أن المترهلين أصحاب الكروش المنتفخة فصيلة تكاد أن تصبح منقرضة. وقد صار الناس عمومًا يفضلون اللياقة البدنية لأنها تتيح لهم الصورة الأفضل التي يريدون تقديمها للبقيةraquo;.

ويقول: laquo;أضف الى هذا أن سلامة البدن ترتبط فعلا بسلامة العقل، ولهذا تصح المقولة الشائعة laquo; العقل السليم في الجسم السليمraquo;. خذ مثالاً في زعيم حزب المحافظين السابق وليام هيغ الذي عرف عنه حرصه على الجودو والتأمل. فقد كان هذا يساعده على استجماع قواه العقلية وعلى رباطة الجأش حتى في أشرس معاركه السياسية وهزائمه في العديد منهاraquo;.

والركض بالتحديد هو ما اشتهر به معظم كبار الساسة الأميركيين مثل الرئيس جورج دبليو بوش وذراعه اليمنى كوندوليزا رايس التي كانت تنهض في الرابعة والنصف صباحا لهذا الغرض. وعرف عن الرئيس أوباما أنه يمارس التمارين الرياضية 45 دقيقة على مدى ستة أيام في الأسبوع. وبالنظر الى جسد عقيلته ميشيل، يدرك المرء أنها تحرص على الرياضة ربما بقدر مساوٍ لزوجها.

على أن حرص الزعماء البريطانيين على إظهار لياقتهم البدينية لم يبلغ مستواه العالي الحالي الا في السنوات الأخيرة في اتجاه بدأه المحافظ ديفيد كامرون. فقد اشتهر بحرصه على التنقل بالدراجة الهوائية التي يستقلها أيضا للوصول الى مبنى برلمان ويستمنستر، وعلى المشاركة في مختلف منافسات الركض الطويل.

ومن جهته، فإن زعيم الديمقراطيين الأحرار، نِك كليغ، يمارس لعب التنس بانتظام، ويتفادى المصاعد لصالح الدرج، ويمشي مسافات طويلة في المناطق الوعرة كلما وجد االوقت لذلك. كما أنه يتبع حمية غذائية صحية تخلو من الدهون والنشويات والأملاح الزائدة. ويقول مكتبه إنه يخصص كل أوقات فراغه للعب مع أطفاله، سواء كرة القدم في المتنزه القريب من منزله أو السباق بالدراجات، وهذا في حد ذاته تمرين شاق وله فوائد جمة.

أما رئيس الوزراء فيحرص على الركض إما على laquo;المشّايةraquo; (treadmill) داخل 10 داونينغ ستريت أو في المتنزهات الواسعة، مثل هايد بارك، محاطا برجال أمنه العديدن بالطبع. وعرف عنه أنه يستأجر laquo;مدربا خاصاraquo; يشرف على أدائه مختلف التمارين الرياضية منذ العام 2008. ويذكر أنه في سني دراسته بجامعة إدنبره، كان حريصا على لعبة الرغبي العنيفة، وأنه تعرض فيها لحادث مزق شبكية عينه اليسرى فاستبدلت بها أخرى اصطناعية.

ومع كل ذلك، فإن براون يبدو laquo;مرهقًاraquo; وفي هيئة أكبر من عمره الحقيقي (59 عامًا). ولو ان المظهر اليافع النابع من اللياقة البدنية أصبح عاملاً مؤثرًا في الانتخابات المقبلة، صارت هزيمة براون مؤكدة إزاء laquo;الدماء الشبابيةraquo; التي تجري في عروق ديفيد كامرون ونِك كليغ، وكل منهما في الثالثة والأربعين من عمره، بفارق 16 سنة عن رئيس الوزراء laquo;العجوز