شهد الصراع بين الحكومة والمعارضة في مصر تصعيداً جديداً الأحد، داخل أروقة البرلمان، حيث وقعت مشادات حادة، كادت أن تتطور إلى اشتباكات بين أعضاء مجلس الشعب، على خلفية أحداث 6 أبريل/ نيسان الجاري، والتي أسفرت عن قيام قوات الأمن باعتقال العشرات من النشطاء المطالبين بتعديل الدستور وإنهاء العمل بقانون الطوارئ، المعمول به منذ ما يقرب من 30 عاماً.

القاهرة: بدأت المشادات عندما اتهم عدد من نواب الحزب الوطني الحاكم آخرين من المستقلين بقيادة مظاهرات quot;6 أبريلquot;، التي تقدمت الشبكة العربية لحقوق الإنسان بطلب إلى وزارة الداخلية لتنظيمها بشكل سلمي، إلا أن السلطات الأمنية رفض السماح بتلك المظاهرات، مما أدى إلى وقوع اشتباكات بين الجانبين.

كما اتهم نواب الحزب الحاكم المنظمة الحقوقية بتلقي أموال من الخارج، تصل قيمتها إلى 300 ألف دولار، إلا أن النواب المستقلين نفوا تلك الاتهامات، كما اتهموا، في المقابل، قوات الأمن باستخدام quot;القسوةquot; ضد المتظاهرين الذين كانوا يحاولون التعبير عن آرائهم بصورة سلمية.

طالب ثلاثة أعضاء في مجلس الشعب المصري يوم الاحد وزارة الداخلية بضرب المتظاهرين الذين يرفعون شعارات الاصلاح الديمقراطي بالرصاص وقالوا ان المظاهرات خطر على مصر.

وقال العضو الذي ينتمي للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم نشأت القصاص خلال مناقشة في اجتماع مشترك للجنتين بالمجلس quot;لو كان الامر بيدي لاستجوبت وزير الداخلية بسبب حنيته (لينه الشديد) في التعامل مع هؤلاء الخارجين على القانون.quot;

وأضاف quot;يا وزير الداخلية احنا 80 مليون بناقص شلة فاسدة ومتجاوزة عايزين يرجعوا أيام انتفاضة الحرامية (مظاهرات الطعام عام 1977 التي كادت تطيح بالرئيس أنور السادات).quot;

وتابع quot;اضربوهم بالنار واستعملوا الرصاص مع المتظاهرين الخارجين على القانون.quot;

وأبدى النائب المستقل، مصطفى بكري، في تصريحات لـCNN، استغرابه لقيام عدد من نواب الحزب الوطني بتوجيه اتهامات إلى وزارة الداخلية بأنها quot;استخدمت الرأفةquot; مع المتظاهرين، معتبرين أن الأجهزة الأمنية quot;تقاعستquot; في التصدي للمظاهرة، بل وصل الأمر إلى حد أن طالب البعض قوات الأمن بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، الذين وصفوهم بأنهم quot;يسعون لإشاعة الفوضى في مصرquot;.

وتابع بكري أن quot;ما حدث اليوم داخل البرلمان، يمثل عنفاً واضحاً في وجهات النظر، خاصة في مواجهة كل من يحاول انتقاد تعامل الشرطة مع المتظاهرينquot;، كما أشار إلى أن هناك اتهامات لبعض النواب، سواء من المستقلين أو أحزاب المعارضة، الذين قدموا طلبات إحاطة حول quot;استخدم الشرطة للعنف بمواجهة المتظاهرينquot;، بأنهم quot;يسعون إلى إثارة البلبلةquot;.

ووصف تلك الاتهامات بأنها quot;مرفوضةquot;، مشدداً على أنه quot;من حق نواب الشعب أن يناقشوا كافة القضايا المطروحة تحت قبة البرلمانquot;، وقال: quot;إذا كنا ننتقد أي سلوك تبادر به الشرطة، فليس معنى ذلك أن المعارضة والمستقلين يسعون إلى هدم المؤسسات الأمنيةquot;.

من جانبها، نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن مساعد وزير الداخلية للشؤون القانونية، اللواء حامد راشد، قوله إن quot;رفض طلب تنظيم تظاهرة (يوم 6 أبريل) جاء من منطلق الحرص على المصلحة العامة للوطن والمواطنينquot;، مضيفاً أن quot;رفض المظاهرة يعنى أنها محظورة، ويعاقب جنائياً كل من يخرق هذا الحظرquot;.

وأضاف المسؤول الأمني، خلال اجتماع لجنة quot;الدفاع والأمن القوميquot; بمجلس الشعب الأحد، أن quot;الغرض من منع المظاهرة كان بسبب اختيار المتظاهرين لمكان حيوي ومزدحم، مما يؤدى لتعطل حركة المرور، وليس بسبب مطالبتهم بتعديل الدستور وغيرهquot;.

وذكر أن quot;المتظاهرين حاولوا تحريض المواطنين، وانطلقوا إلى نهر الشارع، وقدمت السلطات الأمنية لهم النصح والإرشاد، واعتدى بعضهم على قوات الأمن، مما أدى إلى إصابة عميد شرطة وأربعة جنودquot;، كما أكد على quot;حق الشرطة في الدفاع عن النفس، وحماية الأمن، واستخدام القوة لتفريق التظاهرةquot;.

وألقت قوات الأمن المصرية القبض على عشرات المتظاهرين، غالبيتهم من طلبة الجامعات، الذين شاركوا في المسيرات الاحتجاجية، للمطالبة بتعديل الدستور ووضع حد لقانون quot;الطوارئquot;، الذي تفرضه السلطات المصرية منذ ما يزيد على 29 عاماً، لكنها أفرجت عنهم على مدى يومين.

وفي أعقاب تلك الاعتقالات، أصدرت منظمة quot;هيومان رايتس ووتشquot; المعنية بمراقبة حقوق الإنسان حول العالم، تقريراً طالبت فيه السلطات المصرية بإطلاق سراح المعتقلين، كما دعت إلى وقف ما وصفته بـquot;أعمال البلطجةquot; من قبل قوات الشرطة تجاه المتظاهرين.

كما أعربت الخارجية الأمريكية، في بيان منفصل، على لسان المتحدث باسمها، فيليب كراولي، عن قلقها إزاء اعتقال ناشطين يطالبون بإصلاح سياسي في مصر، كما دعت الحكومة المصرية إلى quot;احترام حق الجميع في التعبير سلمياً عن آرائهمquot;.

إلا أن الخارجية المصرية ردت بإعلان رفضها للبيان الأمريكي، واعتبر المتحدث باسمها، حسام زكي، أن البيان يتضمن quot;الخوض في الشأن الداخلي لمصر بغير علم أو درايةquot;، كما شدد على أن quot;الانتخابات هي شأن يخص المصريين، الذين لا يقبلون- على اختلاف توجهاتهم السياسية- أن تتحدث حكومة أجنبية بالنيابة عنهمquot;.

وكان مدير أمن القاهرة اسماعيل الشاعر أعلن في وقت سابق على المظاهرة أن وزارة الداخلية لم توافق على طلب تنظيمها المقدم من منظمة لمراقبة حقوق الانسان نيابة عن نشطاء حركة شباب ستة ابريل بمشاركة أعضاء في الحملة المصرية ضد التوريث ومؤيدين لمحمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يرفع مطالب اصلاحية أيضا.

ويوم 13 أبريل نيسان تعارك نشطاء وجنود من قوات مكافحة الشغب بالايدي في مظاهرة مناوئة للحكومة بالقاهرة نظمتها الحركة المصرية من أجل التغيير quot; كفايةquot; في بداية ما قالت انه موسم مظاهرات جديد مع اقتراب انتخابات تشريعية ورئاسية في البلاد.

وخلال المظاهرة خطف متظاهرون خوذات أكثر من جندي وألقوها نحو الجنود كما خطفوا قبعة أكثر من ضابط وجندي وألقوها في الهواء.

وبصق المعارض البارز أيمن نور الذي شارك في المظاهرة نحو عدد من الجنود والضباط. وقال لرويترز quot;خطفوا ابني (خلال المظاهرة) ورجعناهquot;.

وفي المناقشة البرلمانية قال عضو المجلس أحمد أبو عقرب الذي ينتمي أيضا الى الحزب الوطني quot;أطالب الداخلية بالكف عن اللين والتعامل بالقوة مع الخارجين على القانونquot;، وأضاف quot;لا بد من ضربهم بيد من حديدquot;.

وقال عضو المجلس رجب هلال حميدة الذي ينتمي لجناح منشق عن حزب الغد الذي يتزعمه نور quot;عيب على الداخلية أنها لم تستعمل القانون وتفرق المتظاهرين بالقوة.quot;

وأضاف أن الناس سيتساءلون عن مطلب ضرب المتظاهرين بالنار لكن quot;أنا أقول لهم نعمل كدة ولا نحرق وطن بكامله..quot;

وتحت وطأة ضربات أمنية توقفت قبل نحو عامين مظاهرات الاحتجاج التي كان بدأ تنظيمها في شوارع مصر قبل نحو ست سنوات. لكن المظاهرات عادت للشارع من جديد بينما البلاد مقبلة على انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى في يونيو حزيران وانتخابات مجلس الشعب أواخر العام الحالي وانتخابات الرئاسة العام المقبل.

ويرأس مبارك البلاد منذ اغتيال الرئيس أنور السادات برصاص اسلاميين متشددين عام 1981 .