في وقت تقف العملية السياسية في مصر على أعتاب تغيير جذري رأى محمد البرادعي أن quot;الحكومة تعمل لجعل الناس يشعرون بضرورة أن يكونوا شاكرين لكونهم محكومين، مؤكدًا أنه سيكون quot;سعيدًا إن كان بمقدوري هز المياه قليلاً، وجعلها تتحركquot;.


القاهرة: يسود الترقب والانتظار في مصر لما ينتظر مرشح المعارضة الأبرز في انتخابات الرئاسة المزمع إجراؤها نهاية العام القادم، محمد البرادعي.

وتؤكد نيوزويك في مستهل حديثها على أن مصر وتقريبا جميع البلدان الأخرى في العالم العربي تُحكَم منذ سنوات طويلة، وكأن مبدأ quot;التهرب من القواعد المرورية وعدم الالتزام بها إلا في وجود الشرطةquot; ينطبق على كافة جوانب المجتمع: حيث يعكف الناس على الفوضى ولا يمكن فرض النظام إلا من خلال اليد الحديدية لدولة بوليسية، ثم تمضي المجلة لتقول إن الأمر الذي ينتج عن العيش تحت أعين الجهات الأمنية التي ترصد كل شيء على مدار عقود زمنية، هو جو سائد من الترهيب السياسي والركود.

وقال محمد البرادعي الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية في مقابلة مع نيوزويك :quot;مصر على الحافة. وتعمل الحكومة لجعل الناس يشعرون بضرورة أن يكونوا شاكرين لكونهم محكومين. أما أنا فسأكون سعيدًا إن كان بمقدوري هز المياه قليلاً، وجعلها تتحركquot;. ثم تلفت المجلة إلى أن طموح البرادعي يفوق ذلك. وهو ما يبدو جليًّا من خلال الجهود التي يبذلها للتخلص من قانون الطوارئ الصارم المعمول به منذ العام 1981 وكذلك سعيه إلى فتح النظام السياسي بوسائل أخرى يكون من شأنها ضمان النزاهة والشفافية في انتخابات الرئاسة العام المقبل.

وتعاود المجلة الأميركية لتقول إن البرادعي أحسن اختيار توقيت المشاركة بالعملية السياسية في مصر، التي تقف الآن على أعتاب تغيير جذري، سواء كانت مستعدة له أم لا. ثم تنوه في هذا الجانب إلى أجواء الجدل المثارة الآن حول إمكانية ترشح الرئيس مبارك في الانتخابات القادمة من عدمه. وتضيف أنه ومع عدم اختياره نائبًا له حتى الآن، لا يمتلك أحد أية معلومات أكيدة حول هوية الشخص الذي سيخلفه على المدى الطويل. وفي مقابل ذلك، تشير المجلة إلى حالة النمو الكبرى التي شهدتها المعارضة السياسية على مدار العقد المنقضي، مدعومةً من قِبل أناس محبطين ومتعلمين وميسرة من خلال شبكة الإنترنت. ثم تتحدث المجلة عن البدائل التي يطرحها بعضهم بين الحين والآخر، وهم جمال مبارك، نجل الرئيس مبارك، واللواء عمر سليمان، رئيس المخابرات المصرية، الذي يتردد اسمه في معظم الأحيان.

ثم يمضي كاتب التقرير ليقول quot; لقد أصبحنا معتادين على حالة السبات التي تعيشها مصر، لدرجة أنه بات من السهل نسيان قدر الثقل الذي تحظى به حقًا في الثقافة والسياسة العربية. ومن الممكن أن تستمر في محاولة تدبير أمرها على نفس المسار الراكد عبر شخص ينتمي إلى النظام الحالي؛ ومن الممكن أن تنزلق نحو حالة من الفوضى أو الأسلمة، أو أن يُفرض فيها النظام بواسطة حكم عسكري مثل الذي شهدته باكستان طيلة معظم العقد المنقضي. أو أن تبدأ مصر فعلا ً في المضي قدما ً نحو مستقبل أكثر ديمقراطية وتقدمية بالنسبة للعالم العربي بأسره. وهي المنطقة التي يود البرادعي أن يتولي من خلالها مقاليد الأمور، ويأمل أنصاره أن يتوجهوا صوبهاquot;.

وتؤكد المجلة على أن مثل هذه الفترات تكون عصبية بالتأكيد على أي شخص يخشى التغيير. وفي الوقت الذي ترى فيه أن وجود جماعة الإخوان المسلمين يُحدث نوعًا من أنواع التوازن على المشهد السياسي، أمام النظام الحالي، تلفت المجلة إلى أن البرادعي قد اختار أن يكون في منتصف تلك المنطقة التي تعرف بمنطقة الشفق السياسي. وهنا تنقل عن البرادعي تأكيده على أنه لم يكن يعرف عضوًا واحدًا من أعضاء الجماعة قبل عودته إلى مصر، لافتًا إلى هاتين الزيارتين اللتين قاما بهما محمد سعد الكتاتني، رئيس الكتلة البرلمانية الإخوانية في مجلس الشعب، إلى منزله. معربًا عن شعوره بالاطمئنان، حين أعلن الكتاتني قائلاً: quot;نحن نعمل من أجل دولة مدنية، ونعمل كذلك من أجل الديمقراطيةquot;.

كما تؤكد المجلة على أن quot;الشيءquot; الذي يحاول البرادعي أن يفعله هو ليس ذلك الشيء الذي يتوقعه كثيرون. حيث تقول إنه يسعى في حقيقة الأمر إلى تغيير الثقافة المصرية المتمثلة في فكرة quot;البحث دائما عن منقذ، والاكتفاء فقط بدور المشاهدquot;. وأمام الصعاب التي يجابهها أنصار البرادعي في ما يتعلق بتجميع التوقيعات لمؤازرته من الناحية الجماهيرية، تمضي نيوزويك لتشير إلى أن البرادعي يعلم أنه ولكي يتمكن من تحقيق ذلك، فإنه مطالب بأن يُكَوِّن قدرًا كافيًا من ثقة الجمهور في قدرة حركة جماهيرية على قهر مناخ الخوف، ومن ثم الانطلاق من تلك النقطة. ووسط هذه الأجواء التي تهيمن عليها حالة من عدم اليقين، تشير المجلة إلى وجود فريق آخر من المواطنين الذي يتمنون بقاء الرئيس مبارك الثمانيني في الحكم لفترة أطول.