يعاني سكان مدينة غزة من مشاكل نفسية وإجتماعية نتيجة انتشار المولدات الكهربائية في المنازل مع استمرار أزمة إنقطاع الكهرباء.

عرض مولدات للبيع أمام أحد المحلات في غزة

غزة: أدت أزمة إنقطاع الكهرباء والأصوات المزعجة للمولدات الكهربائية التي إنتشرت داخل البيوت في غزة، إلى مشاكل نفسية وإجتماعية، فضلاً عن تزايد عدد حالات الموت نتيجة سوء إستخدام تلك المولدات، لكن تأثيرها الأكبر كان على طلبة الثانوية العامة الذين يستعدون للإمتحانات النهائية .

وأشارت مصادر مختلفة لإيلاف الى أن نحو 40 ألف مولد كهربائي دخلت من خلال الإنفاق إلى قطاع غزة منذ أن إنتشرت ظاهرة الأنفاق بين الأراضي الفلسطينية والمصرية. وعلى الرغم من كونها بديلاً عن حالة إنقطاع الكهرباء المستمرة في كافة أحياء قطاع غزة، إلا أنها كانت سبباً وراء وفاة 143 فلسطينيا بسبب إنفجار تلك المولدات.

ويبدي الحاج أبو محمود إنزعاجه بشكل واضح من صوت مولد كهربائي لأحد جيرانه. وقال لإيلاف quot;المشكلة أن أحد أبنائي يدرس التوجيهي، وهو مقبل على فترة إمتحانات نهائية، لكن إنقطاع التيار الكهربائي وإستخدام الناس للمولدات الكهربائية البديلة، سببت إرباكا لإبني ولكافة طلبة الثانوية العامةquot;.

وأضاف المسن الذي كان يجلس بإمتعاض من صوت مولد قريب منه quot;لأن البيوت قريبة جداً من بعضها البعض، فنحن نشتم الغازات التي تنبعث من إحتراق البنزين الذي يغذي المولد الكهربائي، فلا نحن قادرون على إجبار جيراننا بعدم تشغيل المولدات، ولا الكهرباء الطبيعية موجودة لتنتهي المشكلةquot;.

وكأي مجتمع يرزح تحت الإحتلال، كان لا بد من إسرائيل أن توفر له طرق العيش بإسلوبها الخاص بها، فمدّت شبكات الكهرباء لسكان القطاع، لكنها لوحت في ذات الوقت بقطع التيار الكهربائي عنهم هنا كلما ارتأت ذلك ضمن إطار سياسات وإجراءات ممنهجة تهدف للوصول بها لأدنى مستوي يضمن الإرباك والتشويش الدائم على مجريات الحياة اليومية لجميع مواطني قطاع غزة.

ويشير عبد الحليم أبو سمرة من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إلى أن الكثافة السكانية خاصة في المخيمات الفلسطينية، أجبرت السكان للتمدد العمراني على حساب الشوارع. وقال لإيلاف quot;لا يتخيل أحد أن في بعض الأماكن لا يتعدى عرض الشارع نصف متر فقط، وفي مرات اخرى أقل من هذا الرقم، وهو ما يعني إن المنازل تكاد تكون متلاصقة تماماً، وأصوات الجيران تسمع بشكل واضح، فيما بالنا بأصوات المولدات الكهربائية المزعجة أصلاًquot;.

وأضاف quot;مليون ونصف مليون نسمة في بقعة صغيرة، من المؤكد أن تؤذي أصوات تلك المولدات على بعضهم البعض، وهو ما أشرنا إليه في كثير من الأحيان عبر تحذير المركز للمشاكل الناتجة عن إستخدام تلك المولدات، فهي تؤثر بشكل واضح على المنازل المقاربة من حيث الصوت وإنبعاث الغازات السامةquot;.

أنواع مختلفة تنتظر سكان مدينة رفح الحدودية

أصبح الفلسطينيون ينتجون من خلال شركة كهرباء وحيدة في غزة ما يعادل 40% من إنتاج الكهرباء، بدعم من الإتحاد الأوروبي وتمويل كامل منهم للسولار الصناعي اللازم لتشغيلها والذي يبلغ أكثر من ثلاثمائة وخمسين ألف لتر يومياً. لكن بقيت النسبة الأكبر كإستيراد لهذا المتطلب الأساسي من إسرائيل. إلا أن الأخيرة قصفت محطة توليد الكهرباء ومنعت السولار الصناعي في كثير من الأيام.

وعصفت المولدات الكهربائية بحياة عدد من السكان في غزة بسبب سوء إستخدام تلك المولدات. وأشارت تقارير من وزارة الصحة أن 143 حالة من مختلف الأجناس لقوا مصرعهم نتيجة إنفجار تلك المولدات، منها 33 ضحية عام 2008، و 83 ضحية عام 2009 أما في عام 2010 بلغ 27 ضحية، فضلاً عن 393 إصابة.

تقول ريما سلامه، طالبة ثانوية عامة، إنه بمجرد إنقطاع التيار الكهربائية تبدأ بحالة من العصبية الزائدة. وقالت لإيلاف quot;لم أكن كذلك بالبته، لكن كلما أقتربنا من موعد إمتحانات الثانوية العامة نشعر بالقلق، ويزيد أنقطاع الكهرباء وأصوات مولدات الكهرباء من تفاقم المشكلةquot;.

وأضافت quot;في كثير من الأحيان يحتاج المرء لقسط من الظلمة يريح نظره وتستكين مشاعره بعد جهد نبذله في الدراسة المتواصلة، لكن هذا يكون بشكل ممنهج لا أن يكون رغماً عن الإنسان، ففي مرات كثيرة أنوي الدراسة في وقت محدد، لكنني أحبط تماماً عندما لا يكون كهرباء في الليل، وأضطر للخلود إلى النوم رغماً عنيquot;.

لا زالت كهرباء غزة تئن تحت وطأة آثار القصف الإسرائيلي لمحطة التوليد منذ العام 2006 حتي اللحظة. فحصار إسرائيل الذي منع تزويد القطاع بغاز الطهي والتدفئة، حوّل الموطنين وجهتهم نحو الكهرباء المتأزمة أصلاً. ما أضطر شركة الكهرباء أن توزع العجز القائم على السكان من خلال برامج فصل التيار الكهربائي عنهم بالتناوب من منطقة إلى اخرى بواقع ثمانية ساعات يومياً. فلا خطط باتت تنفع ولا تفاهمات دولية وإقليمية ومحلية تجدي.. لتبقى أزمة الكهرباء دون غيرها شاهدة على عمق الحصار الإسرائيلي الكبير على غزة.