يستمر التوتر في شمال اليمن على الرغم من وقف اطلاق النار الهش الساري منذ ثلاثة أشهر بين القوات الحكومية والتمرد الشيعي، ويرى مراقبون أن quot;الوحدة اليمنية السياسية والجغرافية تحققت إلا ان الوحدة الاجتماعية لم تتم بالشكل المطلوبquot;.

صنعاء:بعد عشرين عاما على وحدة اليمن يبدو التلاحم بين شمال وجنوب هذا البلد العربي الافقر مهددا جرّاء حركة احتجاجية جنوبية تزداد تشددا وتتخذ منحى انفصاليا اكثر فاكثر، وذلك في ظل تحديات كبرى تواجهها اليمن.
ويحتفل اليمنيون السبت بالوحدة التي تشهد اكبر ازمة منذ الحرب الاهلية في 1994، وذلك بموازاة تغلغل لتنظيم القاعدة في البلاد واستمرار التوتر في الشمال على الرغم من وقف اطلاق النار الهش الساري منذ ثلاثة اشهر بين القوات الحكومية والتمرد الشيعي.

وقال رئيس مركز الخليج للابحاث الذي مقره دبي عبد العزيز الصقر ان quot;الوحدة اليمنية السياسية والجغرافية تحققت الا ان الوحدة الاجتماعية لم تتم بالشكل المطلوبquot;.
واعتبر الصقر ان هناك quot;مسؤوليات واشكالياتquot; كبيرة تواجهها الحكومة اليمنية بقيادة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح للحفاظ على الوحدة وquot;اهمها تحقيق مساواة حقيقية في ما يتعلق بالفرص والتنميةquot; بين الشمال والجنوب، بينما يرى قسم من الجنوبيين انهم يتعرضون للتمييز وحتى الاستغلال من قبل الشماليين.

وبحسب الصقر quot;لا بد من مواجهة هذه الاشكاليات والا فهناك خطر حقيقي على الوحدة اليمنيةquot; بين الشمال والجنوب الذي كان مستقلا حتى 1990.
وتشهد المحافظات الجنوبية بشكل اسبوعي تظاهرات واسعة ترفع خلالها اعلام اليمن الجنوبي السابق وشعارات مطالبة بالانفصال لكن باستثناء كبرى مدن الجنوب عدن التي تشهد انتشارا عسكريا امنيا مشددا.

ولا يوفر علي عبدالله صالح فرصة ليؤكد على التمسك بالوحدة التي تعتبر انجازه الكبير مهما كان الثمن، وهو يعد بمزيد من اللامركزية وبتعزيز الحوار الداخلي لكن دون نتائج ملموسة حتى الآن.
وقال في كلمة امام ضباط يمنيين الاربعاء انه لن يسمح quot;للمجرمين وقطاع الطرق ودعاة الفتنة والتفرقة ان يحققوا مآربهم وستكون لهم المؤسسة العسكرية الوطنية البطلة بالمرصادquot; في اشارة على ما يبدو الى دعاة الانفصال في الجنوب.

من جهته، قال الاكاديمي البريطاني نيل بارتريك الخبير في شؤون الخليج وناشر موقع quot;بارتريك ميد ايست دوت اورغquot; المتخصص في المنطقة ان quot;وحدة اليمن تشكل مصدر قلق حقيقي لدول الجوار وللحكومة اليمنية بالطبعquot;.

واعتبر ان المطالب الانفصالية المتصاعدة في الجنوب تشكل مع النشاط الجهادي والتمرد الزيدي الشيعي quot;تحديات كبيرةquot; للحكومة اليمنية.

وفي هذا السياق، اكد عبدالعزيز الصقر ان الحركة الانفصالية quot;ليست اقل خطورة من تمرد الشمالquot; الذي تسبب بمقتل الالاف ونزوح حوالى 250 الف نسمة الى ان انتهت جولة القتال الاخيرة بين المتمردين وقوات الحكومة في شباط/فبراير.

واذ شدد الصقر على ان الوحدة quot;انجاز مهم يجب التمسك بهquot;، اكد quot;ان مجلس التعاون الخليجي يرفض مطلقاquot; اي انفصال في اليمن فيما تتخوف الدول الكبرى من انتعاش النشاطات المتطرفة في ظل انهيار للدولة.

اما بارتريك فقال في هذا السياق ان quot;دول مجلس التعاون الخليجي ملتزمة حماية وحدة اليمن الا ان السؤال هو ماذا ستقوم به هذه الدول لمساعدة اليمن على الصعيدين الاقتصادي والسياسي بما في ذلك احتواء اليمن جزئيا في المجلسquot;.

واشار الى ان quot;السعودية لطالما كانت حساسة ازاء شؤون اليمن (...) والحساسية السعودية تزيدquot; في اشارة الى دخول السعوديين خط المواجهات مع الحوثيين بشكل مباشر في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي.
وبحسب الخبير البريطاني quot;هذا يعني ان الخيار العسكري السعودي (لحماية الوحدة) يبقى مطروحاquot;.

في المقابل، لا يستطيع الجنوبيون الاعتماد على اي دعم عسكري خارجي لتحقيق اي شكل من الانفصال خصوصا في ظل السلاح الثقيل الذي تملكه صنعاء، بحسب خبير اجنبي اقام في اليمن وطلب عدم الكشف عن اسمه.
وقال الخبير ان الحركة الجنوبية quot;تعاني غياب قيادة ذات مصداقيةquot; كما انها quot;لا تملك بديلا واضحاquot; مع quot;صعوبة قيام دولة جنوبية على المستوى الاقتصاديquot;.

واشار الى ان الموارد الجنوبية موجودة خاصة في حضرموت وهي منطقة quot;غير متحمسة للانفصال كما هو الوضع في الضالع مثلاquot;، على حد تعبيره.
لكن ذلك يقابله بحسب الخبير quot;غياب تام لاي رد بناء من قبل الحكومة. وبينما كان يمكن اصلاح الامور قبل سنة او سنتين، فالوضع لم يعد كذلك الآنquot;.

لكن الوحدة اذا كانت مهددة، فهي لن تنهار بين ليلة وضحاها.

وبحسب الصقر، quot;على المدى القريب سيكون هناك قلاقل وعدم استقرار وصعوبة في فرض الحكومة سلطتها على مناطق جنوبيةquot;.

اما على المدى البعيد فيمكن ان quot;تتعاظم الحركة الانفصاليةquot; بحسب الصقر السعودي الجنسية.
الا انه اشار الى ان quot;الجنوب لا يملك المقومات لقيام دولة وهناك بالتالي خطر الوصول الى دولة فاشلة في الجنوب واخرى فاشلة في الشمالquot; على حد تعبيره.

اما السيناريو الاسوأ فهو quot;انقسام الجنوب الى جنوبين على اسس مناطقية قبلية، واستغلال العناصر الارهابية لضعف الدولة في الجنوب ونشوء حاضنة لإفرازات امنية خطرةquot; مثل تنظيم القاعدة.
ولا تجمع سائر مكونات quot;الحراك الجنوبيquot; على مطلب الانفصال، لكن الانفصاليين باتوا الاقوى بحسب الصقر.

وقال ان quot;الحراك الجنوبي فيه تيارات مختلفة، فهناك تيار يطالب بالانفصال وآخر يطالب بتعزيز المساواة مع الشمال الا ان التيار الاول يتعاظم لان التيار الثاني بكل بساطة لم ينجح في تحقيق مطالبهquot;.
اما الخبير الاجنبي فتوقع ان quot;تستمر الامور بالاهتراء ولكن دون انهيار تامquot;.