قبل بداية عام 2010 توالت توقعات المنجمين والعرافين بمختلف جنسياتهم حيث اتفق معظمهم على وفرة حوادث الطيران لهذا العام ... كذب المنجمون ولو صدقوا! ... الا أنهم - ولسوء الحظ - صدقوا حتى الآن لدرجة يكاد يصبح خبر سقوط الطائرات خبراً عاديا، في البلدن النامية تحديدًا، رغم إجماع خبراء النقل أن الطائرة أكثر وسائل السفر أمناً.

توالت حوادث سقوط الطائرات خلال العام 2010 بدءًاً من الطائرة الأثيوبية في لبنان، إلى الطائرة التي كانت تقل الرئيس البولندي، وأعقبها طائرة الأفريقيَّة وصولا إلى سقوط الطائرة الأفغانيَّة، وأخيرًًا ndash; ونأمل ان يكون آخرًا ndash; سقوط الطائرة الهنديَّة اليوم.

وتتساقط هذه الطائرات بمعدّل طائرة شهريَّا، والغريب أنَّ العامل المشترك بين كل هذه الطائرات هو أنَّها تنتمي إلى شركات في بلدان العالم النامي، ما يطرح أسئلة حول مدى الالتزام بتطبيق شروط سلامة الطيران المدني في هذه البلدان.

الطائرة الهندية بوينغ 737 وقعت في 22 مايو- 158 قتيلا

وبدأ العام الجاري، وتحديدا في 25 كانون الثاني / يناير منه بخبر مفجع مصدره لبنان، ومفاده سقوط طائرة تابعة للخطوط الجوية الاثيوبية بعد دقائق من إقلاعها من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت متّجهة إلى أديس آبابا وعلى متنها 90 راكباً والطائرة هي من طراز بوينغ 737 اقلعت في رحلة تحمل الرقم 409 عند الساعة 2:30 بالتوقيت المحلي (12:30 ت غ) وسط احوال جوية سيئة.

الطائرة الأثيوبية بوينغ 737 وقعت في 25 كانون الثاني- 90 قتيلا

وعلى الأثر صدرت تحليلات كثيرة حول أسباب الحادث التي لم تستثن التفجير والعمل الإرهابي. وظلّت التكهنات سيدة الموقف إلى حين عودة لجنة التحقيق الفنية المكلفة بمتابعة موضوع الكارثة من باريس، بعدما اطلعت على محتويات الصندوق الاسود وما يتضمنه من تسجيلات صوتية في قمرة قيادة الطائرة قبل سقوطها في البحر. حيث قيل إن العبارة الأخيرة التي أدلى بها كابتن الطائرة، قبيل ثوان قليلة من سقوط الطائرة كانت الآتية: quot;خلص انتهينا... الله يرحمناquot; وقد قالها باللغة quot;الأمهريةquot;، وهي إحدى اللغات الأثيوبية.

وحسب الاستنتاجات التي توصل إليها الفريق الفرنسي بالتعاون مع لجنة التحقيق الدولية، أمكن تحديد الآتي بين الإقلاع والارتطام بسطح البحر

أولاً: انطلقت الطائرة عند الساعة الثانية و37 دقيقة وارتطمت بسطح البحر عند الثانية وإحدى وأربعين دقيقة، أي أن رحلتها، دامت فقط أربع دقائق.
ثانيا:دامت عملية سقوط الطائرة منذ ارتفاعها المفاجئ إلى حوالى تسعة آلاف قدم وحتى سقوطها في البحر، أقل من دقيقة حوالى أربعين ثانية.
ثالثاً: ظلت الطائرة حتى ما قبل ارتطامها بسطح البحر، جسمًا واحدًا، وعند لحظة الارتطام انشطرت إلى أجزاء وغرقت في أعماق البحر.
رابعًا: تبين أن قبطان الطائرة، طلب من مساعده الطيار تنفيذ أمر ما بعد أن تواصل مع برج المراقبة في مطار بيروت الدولي، وتصرف على أساس أن الأمر قد نفذ، لكن تبين أن مساعد الطيار، إما لم ينفذ أو نفذ أمرًا معاكسًا، ما جعل الطيار يقدم على خطوة، جعلته تدريجيًّا يفقد السيطرة على الطائرة... وهو الأمر الذي جعل المحققين يتوصلون إلى استنتاج أولي مفاده أن quot;خطأ بشريًّا في قمرة القيادةquot; أدى إلى سقوط الطائرة.
خامسا: من الواضح أن قبطان الطائرة ومساعده فقدا في غضون ثوانٍ قليلة القدرة على السيطرة على الطائرة، وهو الأمر الذي عبرت عنه التسجيلات بما فيها العبارة الأخيرة، علمًا أنه لم يتبين أن هناك أي خطأ في لحظة الإقلاع من جميع المعنيين، سواء برج المراقبة أو الطيار ومساعده...

السبت 10 نيسان/ أبريل 2010، فجعت بولندا بمقتل رئيسها ليخ كاتشينسكي وعقيلته ماريا كاتشينسكايا، وعدد كبير من النواب والوزراء والقادة العسكريين الذين كانوا على متن طائرة من طراز ldquo;تو- 154Prime; عند هبوطها في مطار quot;سيفرنيquot; العسكري في ضواحي سمولينسك غرب روسيا. أثار موقع سقوط طائرة الرئيس البولنديالتي كان على متنها 132 شخصاً الشكوك حول وجود نظريات مؤامرة في الحادث، إلا أن بعضهم ألقى اللوم على تاريخ الطائرة كونها تعمل منذ 26 عامًا، فيما حملت جهات أخرى الطيار المسؤولية مؤكدة على أن الطائرة خضعت للصيانة في كانون الأول الماضي. وأكدت وزارة الخارجية الروسية اليوم أن quot;سبب تحطم الطائرة التي كانت تقل الرئيس البولندي من وارسو الى سمولينسك يعود الى سوء الاحوال الجوية quot; ، مشيرة إلى أن التقارير الأولية أفادت أن وقوع الحادث يرجع إلى كون قائد الطائرة أصر على الهبوط في مطار عسكري قريب من سمولينسك في ظروف صعبة حيث عم ضباب كثيف.

الطائرة البولندية quot;تو- 154Prime; وقعت في 10 أبريل 132- قتيلا

طيران الإفريقيَّة

الأربعاء 12 أيار/ مايو، كان العالم على موعد مع تحطم طائرة ركّاب من نوع إيرباص إيه 330-200 الإفريقيَّة ذات محركين، طويلة المدى، قادمة من جنوب إفريقيا إلى ساحل المتوسط ما أدّى إلى مقتل 103 من ركابها ونجاة طفل في الثامنة من عمره. وأعلنت الممثلية الجنوب أفريقية لشركة quot;الخطوط الجويّة الافريقيّةquot; ان الطائرة تحطمت quot;على بعد متر واحد من مدرجquot; الهبوط. وأشار مصدر رفض الكشف عن هويته أن quot;الطائرة اشتعلت فيها النيران قبل هبوطها بلحظاتquot;.

ولوحظ أن الطائرة تفتتت بالكامل وانتشرت قطع الحطام على مساحة واسعة على بعد 500 متر تقريبا من مدرج الهبوط. إلا أن شركة الإفريقيَّة أوضحت أن الطائرة خضعت لكافة عمليات مراقبة السلامة المطلوبة قبل مغادرة جوهانسبورغ. وقالت شارمين تومي مديرة المجموعة الالمانية افياريبس لافريقيا الجنوبية، المتخصصة في النقل الجوي والسياحة، ان quot;شركة (الافريقية) لديها سجل جيد لجهة السلامة والامانquot;.

وباشرت لجنة التحقيق فحص محتويات صندوق محادثات غرفة القيادة، وصندوق بيانات الطائرة المنكوبة وقالت المصادر إن الطائرة قد خضعت لآخر فحص فني من شركة الخطوط الجوية الألمانية quot;لوفتهانزاquot;، في الخامس من شهر آذار؟ مارس الماضي، وقطعت ما مجموعه 1568 ساعة طيران بعد الفحص.

وأفاد مصدر بأن أسباب سقوط الطائرة لا تزال قيد الدراسة والبحث، في حين رجح أن تكون الأسباب وراء الحادثة خطأ بشريا، أو خللا فنيا في الطائرة، مستبعدا أن تكون سوء الأحوال الجوية أو تعذر الرؤية ضمن سيناريوهات أسباب الحادثة.

الطائرة الأفريقية إيرباص ايه330-200 وقعت في 12 مايو- 103 قتيلا

الاثنين 17مايو/ أيار أعلنت وزارة الداخلية الافغانية أن طائرة ركاب كانت تقوم برحلة بين قندوز في شمال افغانستان وكابول تحطمت وعلى متنها 38 راكبا بينهم 6 اجانب إضافة إلى 5 من أفراد الطاقم، فوق جبال quot;سالانغquot; الوعرة.

وقال الناطق باسم الوزارة زماري بشاري إن quot;طائرة تحطمت في جبال سالانغ وعلى متنها 38 راكبا وخمسة من أفراد الطاقمquot;. وأكد بشاري أنه كان هناك أجانب على متن تلك الطائرة ولم يوضح ما إذا نجا أحد من الحادث.

والطائرة تابعة لشركة quot;بامير ايرويزquot; الافغانية الخاصة التي أعلنت من جهتها أن ستة أجانب كانوا على متن الطائرة المنكوبة. وكانت وزارة الداخلية أعلنت في وقت سابق أن السلطات الملاحية فقدت الاتصال مع الطائرة التي كانت تقوم برحلة بين قندوز وكابول.

وفي صباح السبت في 22 أيار/ مايو 2010، تحطمت طائرة ركاب تابعة لشركة quot;طيران الهندquot; وعلى متنها نحو 166 راكبا صباح السبت لدى محاولتها الهبوط في مدينة مانغالور في جنوب الهند حيث خرجت عن مدرج المطار واشتعلت فيها النيران، كما افادت مصادر رسمية. واعلنت شركة quot;طيران الهندquot; التي تديرها الدولة ان ثمانية اشخاص على الاقل نجوا من حادث تحطم الطائرة الهندية.

وقد تحطمت الطائرة وهي من نوع بوينغ 737 السبت حوالى الساعة 6,30 بالتوقيت المحلي (1,00 ت.غ) بعد تجاوزها مدرج الهبوط. ولم تتضح على الفور اسباب تحطم الطائرة الا ان الامطار كانت تهطل بغزارة في المنطقة ما ادى الى عرقلة جهود الاغاثة.

يلاحظ في الختام أنه في الحوادث الأربعة من هذه السنة يأتي الأول والأخير بطائرة من الطراز نفسه وهو بوينغ 737 إلا أنه وحتى الآن تنصلت الشركات المصنعة وشركات الطيران المالكة لتلك المنكوبة من تحمّل أي مسؤولية في سقوط طائراتها إن لجهة نفي وجود أي عيوب في التصنيع أو لجهة صيانة الطائرات قبل إقلاعها واضعة الطيارين والأخطاء البشرية في الواجهة ... خصوصاً وان هؤلاء لن يسطيعوا إثبات العكس كونهم في عداد الضحايا.