منيت حكومة ديفيد كامرون الائتلافية بأولى خسائرها الكبيرة مع إعلان أحد أعمدتهاوزير الخزانة، ديفيد لو، استقالته مساء السبت. وشعرت الحكومة اليوم بحرج عظيم خصوصا انها جعلت محاربة الفساد البرلماني وإصلاح النظام السياسي أحد أهدافها الرئيسة المعلنة.
لندن: منيت حكومة ديفيد كامرون الائتلافية بأولى خسائرها الكبيرة مع إعلان أحد أعمدتها وهو كبير الوزراء (الأمناء) بوزارة الخزانة، ديفيد لو، استقالته مساء السبت. وجاءت استقالته بعد ساعات من تفجر فضيحة مزدوجة طالته وتعتبر في شقها الأكبر امتدادا لفضيحة النفقات البرلمانية.
فقد خرجت صحيفة quot;ديلي تليغرافquot; وعلى صدر صفحتها الأولى مزاعم تقول أولا إن الوزير الليبرالي طالب بنفقات برلمانية بلغ إجماليها 40 ألف جنيه (60 ألف دولار)، وثانيا، إنه موّل بقرابة 10 آلاف جنيه من هذا المبلغ إيجار غرفتين في مبنيين يملكهما عشيقه المثلي جيمس لاندي.
ورغم أن الوزير أصدر اعتذارًا علنيًا وقال إنه سيعيد فورًا كل ذلك المبلغ الى الخزانة العامة، فمما لا شك فيه هو أن الحكومة بطرفيها، المحافظ والليبرالي ولكن خاصة هذا الأخير، تشعر بحرج عظيم وعلى أكثر من صعيد. فهي من جهة جعلت محاربة الفساد البرلماني وإصلاح النظام السياسي أحد أهدافها الرئيسية المعلنة. ومن جهة أخرى، شرعت في حملة شرسة لتقليص الإنفاق العام يشعر بآلامها رجل الشارع في كل ما يمس حياته اليومية تقريبًا.
ومن جهة الليبراليين، الذين ينتمي الوزير اليهم، فقد تباهوا خلال فضيحة النفقات التي فجرتها quot;ديلي تليغرافquot; أيضا في ايلول/سبتمبر الماضي بأنهم لم يتلطخوا بها، أو على الأقل ليس بمستوى برلمانيي الحزبين الكبيرين المحافظين والعمال. وها هو ديفيد لو يورطهم في إحدى أكبر الفضائح، على الأقل من حيث حجم المبلغ المتعلق بها.
ويذكر أن الوزير quot;نفذ بجلدهquot; من خضم فضيحة النفقات لأنه لم يقر مطلقًا بأنه مثلي، دعك من انه يقيم علاقة مثلية ثابتة. وكان هذا يعني أن المسؤولين المكلفين النظر في تلك الفضيحة وقتها افتقروا لما يتيح لهم معرفة أنه يستأجر الغرفتين من عشيقه، في انتهاك واضح للوائح البرلمان التي تمنع البرلمانيين من المطالبة بإسترداد إستئجار عقار من شركائهم.
ومن ناحية الوزير نفسه، فخسارته الشخصية هائلة. ذلك أنه أعطى الانطباع منذ تسلمه ثاني أكبر منصب في الخزانة بعد وزيرها جورج اوسبورن بأنه quot;الوجه النظيف الحاسم والواعد في خارطة سياسية جديدة مبشرة في بريطانياquot;. لكنه أصبح يواجه الآن فقده وظيفته وربما مستقبله السياسي بأكمله، رغم أنه من الناحية القانونية البحت لم يرتكب جريمة يعاقب عليها القضاء.
وهو رجل يتمتع بعضوية quot;نادي المليونيراتquot;، بفضل ثروة كونها بالعمل مصرفيًا ومستثمرًا في حال المال quot;السيتيquot;، فما حاجته بالحصول على بضعة آلاف بطرق ملتوية؟ كما انه يصنّف في يمين الليبراليين وأقرب الى المحافظين منه الى يسار حزبه. ومن هنا تتخذ مسألة علاقته المثلية بعدًا خاصًا بإعتبار أن المحافظين هم quot;حزب الأسرةquot; التقليدية.
ويلاحظ المرء صمت quot;10 داونينغ ستريتquot; عن التعليق، لا شك بسبب الوضع الصعب الذي وضعه فيه الوزير. فهو بالطبع لا يريد فضيحة في وقت مبكر كهذا في عمر الحكومة الائتلافية تصرف الأنظار عن سياساتها الجديدة. لكن المحافظين يعتبرون هذا الوزير أحد أعمدة تلك الحكومة الائتلافية، ويكادون يعتبرونه فردًا منهم من حيث التوجهات الآيدلوجية واقتسام الرؤية في ما يتعلق بكيفية مواجهة العجز المخيف في الميزانية.
الساحة السياسية البريطانية دراما متصلة الفصول والمنعطفات الفجائية.. ولا شك في أن ما أحدثه الوزير الليبرالي عليها الآن يبدأ فصلا أكثر إثارة من الكثير غيره.
التعليقات