Britains Prime Minister Brown, Conservative ...

حافظ نِك كليغ، زعيم الليبراليين الديمقراطيين على أدائه الذي تميّز به في المناظرة الأولى مع زعيمي المحافظين والعمال، خلال مناظرته الثانية معهما وذلك رغم ما تعرض له من اتهامات خطيرة عبر صحيفتي laquo;ديلي تلغرافraquo; وlaquo;ديلي ميلraquo; يمكن، في حال تجريمه بها أن تقضي على مستقبله السياسي.

لندن: سبقت المناظرة التلفزيونية الثانية مساء الخميس بين زعماء الأحزاب البريطانية الرئيسة، أجواء مشحونة بالترقب والتوتر منبعها بشكل شبه كامل أداء نِك كليغ، زعيم الليبراليين الديمقراطيين. وكان السؤال هو ما إذا كان بوسعه مواصلة أداءه الممتاز في المناظرة الأولى والذي قذف بحزبه الصغير الى آفاق لم يشهدها منذ تأسيسه قبل 22 عاما. فقد أطاح المحافظين من المركز الأول ووضع العمال في الثالث البعيد.

وكان كليغ قد تعرض منذ ليلة الأربعاء لضغوط سياسية إضافية هائلة تتعلق به شخصيا. فقد وجهت اليه صحيفتا laquo;ديلي تلغرافraquo; وlaquo;ديلي ميلraquo; المواليتان للمحافظين اتهامات خطيرة يمكن، في حال تجريمه بها أن تقضي على مستقبله السياسي للتو واللحظة. فقد اتهمته laquo;تلغرافraquo; بأنه كان يتسلم من متبرعين لحزبه أموالا في كل شهر خلال العام 2006 (قبل تسلمه الزعامة في 2007). لكن الصحيفة زعمت أن كل تلك التبرعات دفعت الى حسابه المصرفي الخاص وليس الى خزانة الحزب نفسه. ورد كليغ على ذلك بقوله إنه لا ينكر التهمة لكنه بريء من الذنب وإنه سيثبت هذا بالوثائق خلال الأيام القليلة المقبلة.

براون وكاميرون يفشلان بإعادة quot;جنّيquot; الديمقراطيين إلى الفانوس

السباق الانتخابي في بريطانيا يحتدم بعد المناظرة الثانية

ومن جهتها أوردت laquo;ديلي ميلraquo; إن كليغ قال عبر صحيفة laquo;غارديانraquo; في العام 2002 إن البريطانيين laquo;يخفون أنهم أسوأ سجلا من الألمان خلال الحرب العالمية الثانيةraquo;، وإنهم laquo;يعانون من إحساس زائف بالعظمة، ولا يعجبهم أن الألمان نهضوا من رماد الحرب ليصبحوا أمة أكثر ازدهارا منّاraquo;. وردا على هذا قال زعيم الليبراليين: laquo;في أسبوع واحد صرت ونستون تشيرتشل ثم نازيّاًraquo;. ومما لا شك فيه هو أن كليغ لم يكن بحاجة الى هذه الاتهامات، إذ كانت الأنظار المعلقة بكيفية أدائه هو تحديدا في المناظرة الثانية كافية لوضعه في اختيار عسير.

المناظرة نفسها، التي استضافتها محطة laquo;سكايraquo; التلفزيونية الإخبارية من مدينة بريستول في جنوب غرب انجلترا، ركزت على السياسة الخارجية التي تشكّل أكبر الفروق بين laquo;الليبراليraquo; من جهة وlaquo;المحافظونraquo; وlaquo;العمالraquo; من الأخرى. ذلك أن laquo;الليبراليraquo; هو الوحيد بين هذه الأحزاب الثلاثة الذي عارض حرب العراق جملة وتفصيلا، والوحيد الذي لا يزال يتحفظ بشدة إزاء حرب أفغانستان. كما أنه يميل للتقارب مع الاتحاد الأوروبي بينما يتوجس العمال من ردة الفعل الشعبية ويرفضه المحافظون صراحة.

وفي ما يتعلق بالسياسة الدفاعية المرتبطة عضويا بالخارجية، فإن laquo;الليبراليraquo; هو الوحيد الذي أعلن أنه سيلغي نظام غواصات laquo;تريدانتraquo; حاملة الصواريخ النووية. ويذكر أن بريطانيا تستأجرها من الولايات المتحدة بحوالي 30 مليار جنيه (قرابة 50 مليار دولار) في السنة يقول laquo;الليبراليraquo; إنها من تركة الحرب الباردة وحري بالبلاد أن توظف تكلفتها الباهظة لرفاه الشعب. لكن براون وجد في هذا الأمر منفذا لهجوم موجع على كليغ بقوله laquo;عد الى أرض الواقع مستر كليغraquo;! وذكّره بأن ثمة أخطارا نووية جديدة أبرزها المشروع الإيراني الذي ينظر اليه العالم بالكثير من الخوف. وكانت تلك هي المرة الوحيدة التي يقول فيها زعيم المحافظين: laquo;أتفق مع براونraquo;!

وفي ختام المناظرة، التي مسّت أشياء أخرى، كالهجرة والضرائب والفساد البرلماني والبيئة وفضائح الفاتيكان الجنسية، كان جليا أن أداء كليغ لم ينزل عن مستواه الذي ميّزه في الأولى. لكن ما أفقده بعض بريقه هو حقيقة أن خصميه رفعا كثيرا من مستوى أدائهما، خاصة كامرون الذي بدا مركِّزا وهادئا بعد التوتر الذي أبداه في المناظرة الأولى. وحتى براون حالفه التوفيق بقوله: laquo;إذا كان الشكل، وليس الجوهر، هو ما يهمكم فلتعتبروني خارج المعادلةraquo;. وكان يشير بذلك الى شبابية خصميه وقدراتهما الخطابية والتصرف كنجوم السينما أمام الكاميرا.

ولهذا فقد تضاربت استطلاعات الرأي التي أخذت مباشرة بعد انتهاء المناظرة ليقول ثلاثة منها إن الغلبة كانت لكليغ بينما قال الآخران إنها كانت لكامرون. وفي كل الأحوال احتل براون المرتبة الثالثة. وكان متوسط تلك الاستطلاعات هو أن كلا من زعيمي الليبراليين والمحافظين يتمتع بنسبة 33 في المائة من التأييد بينما يحصل الزعيم العمالي على تأييد 27 في المائة.

المناظرة الثانية لم تغير شيئا في ناتج الأولى (33% لكليغ و32% لكامرون و26% لبراون). وبترجمة هذه النسب الى أصوات، يظل الوضع كما هو وهو أن بريطانيا مقبلة على برلمان معلق لا يحظى فيه أي حزب بالأغلبية التي تتيح له التشريع وصنع القرار تبعا لما يراه. وهذا الأمر يخيف المحافظين تحديدا لأن الليبراليين سيمسكون عندها بالقول الفصل في تشكيل الحكومة المقبلة. والمؤكد في هذه الحالة أن تكون ائتلافية بينهم وبين العمال، رغم احتلالهم المركز الثالث، بحيث يبقى المحافظون خمس سنوات أخرى في صفوف المعارضة.

وعلى أية حال فهناك المناظرة الثالثة التي ستستضيفها laquo;بي بي سيraquo; أمسية الخميس المقبل. وبما أن هذه ستخصص للاقتصاد، فمن المتوقع أن يهيمن عليها براون، بتجربته العميقة الثرّة في وزارة الخزانة بين 1997 و2007 ولكونه تولى رئاسة الوزراء خلال إحدى أسوأ الأزمات التي مر بها اقتصاد البلاد. وربما صار هذا مسمارا آخر في نعش آمال المحافظين، ولكن.. من يدري؟