بكين: خلافاً للخبير الاستراتيجي الصيني الكبير سون جي الذي كان يحذر من الشفافية في كتابه quot;فن الحربquot;، يشن الجيش الصيني منذ فترة قصيرة حملة اعلامية تهدف الى تهدئة المخاوف من قوته المتنامية. ولا تكف الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبعض الدول المجاورة مثل اليابان، عن دعوة الصين الى بذل جهود لاعتماد الشفافية في المجال العسكري.

وحددت الصين ميزانية دفاعية لعام 2010 تبلغ 532.1 مليار يوان (حوالى 57 مليار يورو) لكن المعهد الدولي لابحاث السلام في ستوكهولم قدر ان الصين خصصت مئة مليار دولار للنفقات العسكرية في 2009.

وقد وظف جيش التحرير الشعبي الذي تأسس في 1927 كقوة لحركة التمرد الشيوعية عديدها فلاحون حفاة، مبالغ كبيرة في التجهيز والتسلح. لكن غياب معطيات دقيقة يثير شكوكا في طموحات بكين واهدافها ليس في قطاعات البر والبحر والجو فحسب -- بارادة واضحة في التزود بقوة لحماية مصالحها الاقتصادية مثلا او طرقها لنقل موارد الطاقة --، بل وايضا في الفضاء والمعلوماتية.

وفي محاولة لتأكيد حسن نيته ونواياه الدفاعية حصرا، يسعى جيش التحرير الشعبي الذي يركز دعايته الاعلامية على السكان عادة، الى انفتاح على الاجانب. وقال ريتشارد فيشر الخبير في شؤون الجيش الصيني في مركز الابحاث الاميركي quot;انترناشيونال اسيسمنت اند ستراتيجي سنترquot; ان quot;هناك قلقا كبيرا في الواقع في قيادة الحزب (الشيوعي) ووزارة الخارجية حول الشكوك والمخاوف التي يثيرها بناء جيش التحرير الشعبيquot;.

وفي نيسان/ابريل دعا الجيش الصيني الملحقين العسكريين والصحافيين الاجانب لعرض احدث طائراته المطاردة quot;جي 10quot; في قاعدة الفرقة الجوية الرابعة والعشرين في تيانجين قرب بكين. والشهر الماضي نظم للمرة الاولى quot;رحلة اعلاميةquot; لصحافيين فرنسيين. وسيكون البريطانيون الضيوف المقبلين.

اما البرنامج فيشمل لقاء مع مسؤولين في مكتب الشؤون الخارجية في وزارة الدفاع وعرض للبحرية الصينية قبالة السواحل الصومالية لمكافحة القراصنة وزيارة بعض الوحدات وخصوصا الفرقة السادسة المدرعة في منطقة بكين العسكرية. لكن، خلال زيارة الفرقة المدرعة السادسة وباستثناء عشرات المرافقين، لم يكن هناك اي جندي موجودا والعنبر الذي تركت ابوابه مفتوحة كان خاليا.

ورفض قائد الفرقة الكولونيل الاعلى تشين تشويو الرد على اسئلة عن احتاجياتها من التجهيزات. وقال quot;انها تخمينات ولا ارد اطلاقا على تخميناتquot;. لكن المحللين يرون ان هذه الحملة الدعائية تبقى بعيدة جدا عن الشفافية التي تطلبها الدول الغربية.

وقال فيشر ان الصين يجب ان ترد على بعض الاسئلة المحددة حول مشاريعها حتى 2020 في مجال حاملة الطائرات والسفن البرمائية للانزال وطائرات النقل العسكري سي-17 والرؤوس النووية. واكد انه quot;يجب ان يقال لهم ان العالم يعرف انهم يقومون ببناء كل ذلك وان هذه الاسئلة ستطرحها الحكومات ووسائل الاعلام الى ان نحصل على اجوبةquot;.

اما فاليري نيكي المسؤولة في مؤسسة الابحاث الاستراتيجية التي تتخذ من باريس مقرا لها، فقالت ان quot;فاعلية استراتيجية الاتصال هذه التي تركز عليها بكين محدودة جدا بالتناقض القائم بين هذا الخطاب الذي يريد ان يكون مطمئنا ومسؤولا، وطريقة عمل اكثر جرأة بكثيرquot;.