تشكِّل الصين إمتحانًا عسيرًا للسياسة الأوروبيَّة الخارجيَّة في الكثير من القضايا السياسيَّة والإقتصاديَّة والمناخيَّة.

لندن: حذر المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية في تقرير صدر اليوم الاربعاء من ان الاتحاد الاوروبي سيفقد نفوذه المحدود اصلا لدى بكين إذا لم يراجع استراتيجيته.وفي حال اجراء مثل هذه المراجعة التي تشمل قضايا تمتد من التغير المناخي الى الموقف من الدلاي لاما فان اوروبا تستطيع ان تقيم تحالفات مع اطراف أخرى متأثرة بصعود الصين، واستثمار المجالات القليلة التي تمتع فيها اوروبا بأفضلية حقيقية.

وفي هذا السياق يشير التقرير الى ان الصين حققت في قمة كوبنهاغن المناخية اهدافا آنية لكنها تهدد مصالحها بعيدة المدى، بما في ذلك التقدم نحو بناء اقتصاد عالمي يتسم بمستويات منخفضة من الانبعاثات الكاربونية. وتستطيع اوروبا ان تستخدم تقدمها التكنولوجي في هذا المضمار للتفاهم مع دول اخرى استعدتها تكتيكات الصين في كوبنهاغن، ومن بين هذه الدول اليابان وبلدان افريقية مهمة.

وتشكل سياسة ايران النووية خطرا امنيا داهما على الاتحاد الاوروبي، بحسب التقرير، وعلى الاتحاد الاوروبي ان يبين للصين ان مواقفها من ايران تؤثر على مصالح اوروبا الحيوية، وان بمقدور الاتحاد الاوروبي ان يستخدم جزرات وعصي لتحقيق اهدافه.

ومن المحاور الأخرى التي يتناولها التقرير في العلاقات بين الاتحاد الاوروبي والصين، الاستثمارات المشتركة والتكنولوجيا والصناعة. وفي حين تسعى الصين الى حماية مصالحها المالية فان استثماراتها في اوروبا ينبغي ان تلقى التشجيع وان تُستغل في الوقت نفسه في المنافسة مع القطاعين المالي والخدمي في الصين.

كما يوصي التقرير بأن تتخذ اوروبا موقفا اشد حزما بشأن حقوق الانسان إذا ارادات ان تتفادى نجاح الصين في تقويض مصداقيتها في قضايا مثل استقبال الدلاي لاما. وعلى الاتحاد الاوروبي ان يتوصل الى حد ادنى من قواعد السلوك بشأن قضايا اساسية ويركز انتقاداته على انتهاك الصين لقوانينها نفسها ومعايير القانون الدولي، بما في ذلك عقوبة الاعدام.

ويلاحظ الخبير في الشؤون الصينية فرانسوا غوديمون الذي اعد التقرير انه على الرغم من ان الصين تبدو أقوى مما كانت في أي وقت مضى بعد الأزمة الاقتصادية العالمية فانها تعاني من مواطن ضعف في نواحي عديدة، منها تزايد حدة التوتر مع الولايات المتحدة وبين الصين وجيرانها.

كما انها تحتاج الى نظام التجارة الدولي والأمن والوصول الى الموارد لتشغيل صناعتها. وبالتالي فان مفتاح السياسة التي ينبغي انتهاجها مع الصين هو العمل مع اطراف اخرى لإقامة تحالفات تزيد قدرة اوروبا على التأثير في مواقف الصين، بحسب الخبير غوديمون.

وسيجتمع المجلس الاوروبي في بروكسل في ايلول/سبتمبر المقبل بمشاركة رؤساء الحكومات ووزراء خارجية الاتحاد الاوروبي لبحث جملة قضايا بينها التعامل مع شركاء استراتيجيين مثل الصين. ويقول تقرير المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية ان على زعماء اوروبا ألا يضيعوا مزيدا من الوقت في ايجاد أفضل السبل لاستثمار العلاقات مع بكين. ويقدم التقرير المقترحات التالية لتحقيق هذا الهدف:
ـ ان الصين تحتاج الى الأسواق الاوروبية وتنويع استثماراتها بعيدا عن مخاطر العالم النامي وبمقدور الاتحاد الاوروبي ان يستثمر هذه الحاجة للتأثير في مواقف الصين.
ـ يستطيع الاتحاد الاوروبي ان يقيم ائتلافا لتشجيع الصين على قبول العقوبات ضد برنامج ايران النووي بعرقلة استيراد النفط من الشرق الأوسط على بسيل المثال.
ـ على اوروبا ان تطور فهمها لتنوع مراكز القوة والمصالح في اوساط النخب الصينية والتحرك لنيل التأييد في قضايا محدَّدة.