أجمع العديد من الخبراء والمختصين بقطاع السياحة في السعودية على غياب مفهوم السياحة إلى حد كبير وكيفية صناعتها، وأكّدوا وجود فقر كبير في البرامج السياحيّة والمنشآت التي تساهم في خلق فرص العمل وتوطين الأموال المهاجرة، وأجمعوا على قصور الجهات الخدماتيّة الحكوميّة المعنيّة بتسهيل الإجراءات للمستثمرين في القطاع السياحي وطالبوا بالتعجيل في فتح المجال لاستخراج التأشيرات السياحيّة التي ستكون في صالح الدولة ومواطنيها.
فمع اقتراب ساعة الصفر لبدء الرحلات الدولية لسفر السياح السعوديين لخارج وطنهم للاستجمام والسياحة، فتحت quot;إيلافquot; ملف السياحة السعودية الداخليّة لساكنيها والخارجية لزوّارها وأسباب الضعف في السياحات المختلفة، على الرغم من امتلاك السعوديّة للعديد من المقوّمات التي تجعلها الأولى في دول الشرق الأوسط حسب رأيهم، ويتزامن هذا الملف مع مرور 10 أعوام على تأسيس الهيئة العامة للسياحة والآثار والتي يحملها العديد من المتحدثين أمر تسهيل الإجراءات وتطوير الصناعة السياحية، والتي تعتبر رافدًا من روافد دعم الاقتصاد الوطني السعودي.
الحارثي: نتعامل مع السياحة كمصدر ترفيه لا كصناعة للدخل القومي
رئيس لجنة الضيافة وعضو في اللجنة السياحية بغرفة جدة الدكتور خالد فهد الحارثي أوضح quot;لإيلافquot; أن السياحة في هذا الزمن لم تنهض بل ما زالت بحاجة إلى منهجيّة تعمل بها عليها، بعيدًا من حواجز العادات والتقاليد وبعيدًا من تداخل الجهات الأخرى. وأضاف الحارثي quot;السياحة دخل قومي مهم لأي دولة حيث تعتبر الكثير من الدول السياحة الدخل الاقتصادي الأولquot;. وانتقد الحارثي غياب مفهوم صناعة السياحة على المستوى العام، وقال:quot;ما زلنا في السعودية نتعامل مع السياحة كمصدر للترفيه وعنصر من الكماليات وليس كصناعة كما يجبquot;. وطالب الحارثي بالاهتمام بجميع الأنواع السياحية الأخرى كالسياحة الطبية التي همشت في ظل وجود مستشفيات حكومية كانت أو ذات مستوى عالٍ من الخبرات والإنجازات الطبية على حد وصفه، وأضاف الدكتور خالد quot;السياحة الدينية التي طغى مفهومها في زيارة مكة المكرمة والمدينة المنورة لم يتم استغلال المناسبات الدينية بها لترويج لباقي المدن السعودية، وطالب الحارثي الجهات التشريعية بتفعيل مفهوم صناعة السياحة من خلال إعطاء الصلاحيات الكاملة للهيئة العامة للسياحة والآثار والتي ستقضي على الازدواجية مع الجهات التنفيذية الأخرى.
وإستغرب الحارثي من مطالبات بعضهم في إدخال الفرد في عملية تسويق السياحة في السعودية وقال: quot;لا نستطيع أن ندخل الفرد ضمن توجيه دعمه لسياحة بأي شكل كان لأن العملية تكمن في ضرورة تقوية وتطوير الأنشطة السياحة وآلية التعامل مع الإعلان التسويقيquot; وأبدى الحارثي استياءه من استغلال السائح ماديًا وأوضح بأنه لو كان هناك تفعيل لصد العوائق الاستثمارية التي تضر باقتصاد البلد أكثر ما تنفعه لما كانت العملية التسعيرية خاضعة لعملية الزيادة في العرض والطلب.
خياط: شواطئنا ملوّثة بسبب الصرف الصحي ولا حياة لمن تنادي!
وأبدى العضو سابق في لجنة البيئة بغرفة جدة الصناعية المهندس فائق خياط في تصريح quot;لإيلافquot; استياءه عن الاستغناء عن لجنة البيئة بالغرفة التجارية بجدة وأرجع السبب بأنها تحد من مخاطر عدة ولم يخف خياط أن تعود هذه اللجنة في المستقبل, وعن وجود السياحة البيئة قال المهندس فائق quot;لا أعتقد أنها ستكون موجودة في السعودية كوننا نفتقر للبيئة السياحية الحقيقة، فلو نظرنا لأهم ما في جدة وهي شواطئها لرأيناها ملوّثة جدًا بمياه المجاري، الصرف الصحي ، التحلية، الغازات فشواطئ جدة بأكملها ملوثة فلا يوجد أي جهة تنظر لها بعين الرحمة quot; وطالب خياط بإيقاف صب مياه الصرف الصحي والمجاري في شواطئ جدة من ومنع المصانع من تصريفهم الكيمائي هناك، ورأى خياط أن الحياة البحرية باتت في دائرة الخطر والكائنات الفطرية ملوثة وختم حديثه لإيلاف مؤكدًا أن السياحة البيئية في السعودية لن يكون لها وجود إلا بعد أن يتم الالتفات للمشاكل البيئة في البحر وفي البر، إضافة إلى تنظيف البيئة عامة في المناطق السعودية.
الكريشان: السياحة الدينيّة في السعودية هي الأساس
رئيس لجنة العمرة في غرفة جدة أحمد عبد الرحمن الكريشان أكد في تصريح quot;لإيلافquot; أن السياحة في السعودية تتمركز في السياحة الدينية وهذا أمر طبيعي نظرًا لما تتميز به السعودية بوجود المسجد الحرام والمسجد النبوي في مكة المكرمة والمدينة المنورة. وعن عدم وجود سياحة طبية على الرغم من وجود كوادر طبية ممتازة تتنقل من دولة لأخرى لإجراء عمليات معقدة أوضح أن السبب لعدم الترويج لها يعود بالدرجة الأولى لارتفاع تكاليفها من جهة وصعوبة استخراج التأشيرات لأجل هكذا نوع من السياحات من جهة أخرى. وأوضح الكريشان أن غياب التسهيلات يجعل المركز السعودي متأخرا في تفعيل صناعة السياحة الدينية وقالquot; نحن في شركة الحج والعمرة نجد صعوبة بالغة في تمديد فترة إقامة المعتمر أو الحاج بغرض السياحة العلاجية فالأنظمة والتعليمات الصادرة من الجهات الحكومية السعودية التي نطلب منها أن تساعدنا في سهولة الإجراءات التي تساهم في زيادة أعداد السياح ولأجل النهوض بالسياحة الغير دينية والعلاجية.quot; وختم الكريشان حديثه عن السياحة الغير دينية في السعودية وقال إنها مكلفة جدًا والأسعار من مرافق وسكن وصولاً إلى أجرة ومواصلات مرتفعة وأوضح أن الأسعار لا تشجع حتى وإن تم تسهيل الإجراءات.
الراشد: الهيئة العامة لسياحة والآثار سبب ضعف السياحة في السعودية
رئيس اللجنة السياحية في غرفة جدة السابق إبراهيم عبد العزيز الراشد أكد في تصريح خاص لإيلاف أن 58% من سياح الداخل يكون هدفهم من السياحة هو زيارة للأقارب أكثر منه للترفيه أو السياحة الدينية, وعن قدوم السياح من الخارج قال الراشد quot;هذه هي السياحة الحقيقة وهذه السياحة بالذات لا نتوقع أن تزيد والسبب الرئيسي يعود إلى الأنظمة والتشريعات في السعودية فنحن نحمل الهيئة العامة لسياحة والآثار السبب وراء ضعف السياحة الداخلية كونها تستطيع أن تخرج التأشيرات السياحية كما يجب حتى وإن تداخلت معها عدة كقطاعات حكوميةquot; وأضاف الراشد أنه تم إيقاف التأشيرات السياحية منذ بداية شهر مايو ولأسباب غير معلومة وبالتحديد قبل أسبوعين من معرض الصين التجاري الدولي الذي يقام كل 5 سنوات حيث كلفهم الجناح في الصين ما يقارب المليار ريال سعودي على الأقل فوقت الإيقاف وضع منظمين الرحلات السياحية في موقف محرج ولم يستطيعوا التراجع عن المشاركة نظرًا لدفعهم التكاليف كاملة قبل إصدار هذا القرار.
الهيئة العامة للسياحة والآثار
وفي تصريح خاص quot;لإيلافquot; نفى ماجد الشدي المتحدث الإعلامي في الهيئة العامة للسياحة والآثار سعي الهيئة للحصول على صلاحيات استخراج التأشيرات السياحة وقالquot; التأشيرات لم تكن يومًا هدفًا من أهداف الهيئة وليست عائقًا كما يظن البعض في النهوض بالسياحة لأن الهدف الأول والأخير هو استقطاب السائح المحلي فلم نسعَ لها ولم نحاول أخذ الحق في صلاحيات استخراجها فالتأشيرات السياحية لم تأتي إلا ضمن منظومة تعنى بتنظيم الوفود السياحية الزائرة للسعوديةquot; وعن أسباب إلغاء التأشيرات بداءً من شهر مايو الماضي على الرغم من مشاركة السعودية في أكبر جناحين سياحيين قبل القرار بفترة لا تزيد عن العشرين يومًا قال الشدي: quot;المشاركات اللواتي يتحدثون عنها ليست ترويجًا للسياحة في السعودية بقدر ما هي مشاركات هدفها الاستثمار فيما يعود على المستثمر السعودي بالفائدةquot;
وقال المتحدث الإعلامي لهيئة السياحة quot; ليس بالإمكان أن تدار عجلة العملية السياحية في قارة مثل السعودية من مؤسسة وحيدة كون السياحة لا نهاية لنشاطها لأنها عبارة عن حزب من الخدمات المشتركة بين جميع المؤسسات فمن المستحيل أن نتعدى على صلاحيات أي جهةquot;
السياحة مصدر دخل وليس للترفيه
ونفي الشدي أن يكون التعامل مع السياحة الداخلية على أنها مجرد مصدر لترفيه وأوضح أن الترفيه جزء بسيط من أهداف السياحة. وقالquot; السياحة نشاط اقتصادي تقوم عليه دول والحركة السياحية ملحوظة فلو كنا ننظر أو نتعامل معها على أنها جزء ترفيهيي فقط لاكتفينا بما تقدمة البلديات والمؤسسات المحلية بالإضافة إلى الأندية الأدبية والرياضية في كل منطقة لكن النشاط السياحي يختلف مفهومه عن أي نشاط أخر فهو نشاط تكاملي يعتمد على الخدمات المتعددةquot; واعترف الشدي بارتفاع الأسعار في المواسم وقال:quot;هي ظاهرة حقيقية وأن هناك بالفعل نوعًا من المبالغة غير المبرر في كثير من الخدمات السياحيةquot;. وأضافquot; هناك العديد من الخدمات السياحية في السعودية لا ترتقي لما يتطلع إليه المواطن السعودي الذي طاف دول العالم وعرف مستوى الخدمات المقدمة فهو اليوم يطالب بارتقاء الخدمات السياحية ونسعى لتحقيقه كما الأسعار أيضًاquot;، وعن السياحة البيئيّة في السعودية قال الشدي في مواصلة لحديثه الخاص quot;لإيلافquot; quot;السياحية البيئية موجودة بشكل نمطي من خلال توعية السائح بأهمية المحافظة على البيئة حتى وإن كانت غير مرضية لكنها بداية جيدة على حد تعبيره، وعن زيارة الأماكن الأخرى غير الدينية أوضح الشدي أن الكثير من الحجاج والمعتمرين القادمين من الخارج يستطيعون زيارة أماكن لا تعتبر ضمن المناسك الدينية التي أتوا من أجلها.
التعليقات