من بين ركام الأزمات السياسيَّة تفتحت في مدينة تعز اليمنيَّة زهورًا ورياحين فاح عبقها لمدة أسبوع.

صنعاء: quot;مهرجان الرياحينquot;، حيث باقات الورود الشعبية والريحان.. حيث الحسان يقدمن القهوة والعبق للزائرين، الفكرة فريدة ولأول مرة تنظم في اليمن، فاختلطت الرقصات الشعبية بالملابس التقليدية، والورود بالأواني الفخارية، والأكلات التعزية بالبن الحمادي الشهير.

أجواءمن الفرحكللت بالأهازيج والأغاني، مسرحيات وحكايات شعبية من تراث المدينة العريقة، حيث آثار الدولة الرسولية ومعقل الدولة الإمامية وماقبلها من تاريخ إسلامي وطده معاذ بن جبل الذي وصل إلى تلك المدينة مبعوثا من النبي ليبني فيها أول جامع عرفته اليمن.

توصف مدينة تعز بأنها عاصمة الثقافة اليمنية، نظر لإنتاجها الثقافي البشري ولنسبة التعليم العالية فيها إضافة إلى احتكاكها التاريخي بمدينة عدن العاصمة لجنوب اليمن سابقا وصورة الحداثة اليمنية منذ مطلع القرن الماضي.

quot;مهرجان الرياحينquot; اختتم فعاليات دورته الأولى بمشهد كان هو المشهد الافتتاحي وذلك من جبل صبر المطل على المدينة.

اليمن ليست حزامًا ناسفًا
وقال المدير التنفيذي للمهرجان فكري قاسم لـ إيلاف إن المهرجان حاول استنهاض الحضارة العريقة التي صنعها الإنسان اليمني بالإنتاج والقيم النبيلة من خلال زرع شتلات الرياحين والعودة إلى مخزن الموروث الشعبي من خلال مسابقات الشعر الشعبي والرقص والراوي الشعبي ومطبخ مأكولات السهل والساحل والجبل، كون اليمن عبر التاريخ موطن إنتاج ومحبة وسلام.

وأضاف: السير عكس اتجاه هذا الموروث الإنساني، خلق لليمن كثيرا من المشكلات والحروب وطعن قلب اليمن الأخضر والسعيد بـquot; ثلة من الجهلة والمتزمتينquot; الذين عطلوا حركة الإنتاج، ودكوا الذائقة، وساهموا وبشكل أشد قسوة في طمس هوية الإنسان اليمني الزاخر بالعطاء، وقدموه كإنسان كسول، يتكئ على quot; حزام ناسفquot; بحثا عن أقرب طريق للجنة.

وتابع فكري: قوة الإنسان اليمني لم تكن في رائحة البارود، أو في أحجار المنجنيق بل في رائحة التربة التي زرعها وفي ما تسرب من مطاحن الذرة,وأدخنة قلي قشرة البن الأصيل وفي رائحة الريحان والبخورquot;.

ورأى إن quot;اليمنيين هم من أساءوا لأنفسهم أكثر من أي شخص، تفجيرات وأعمال إرهابية وحروب في صعدة لمرات ست وتقطعات قبلية وحراك له نار وأدخنة بارود، وأصبحت مسجلة لدى بلدان العالم quot;خطرquot; في حين أننا أصحاب حضارة عريقة وأصحاب موروث غني وغزير لكننا نسيناه وستبدلنا الوردة بالبندقية وأهازيج الزراع بأهازيج الحرب,ولم نعد نغني للوطن بل للفردquot; حسب قوله.

عروض ورقصات
المهرجان تضمن عروضا فنية ومنتجات شعبية إضافة إلى الرقص الشعبي والألعاب الشعبية وquot;الزواملquot; وquot;المهاجلquot; الشعبية من مختلف مديريات محافظة تعز، إلى جانب الحرف التقليدية والفنون التراثية تضل حيث تم عرض عشرات الحرف والمنتجات المرتبطة بالبيئة التعزية.

وشملت العروض الحلي والمسوغات الفضية والأحجار الكريمة ومنتجات مصنوعة من سعف النخيلوأواني فخارية مصنوعة من الطين كما شملت المعروضات أعمال النجارة والعسل التعزي وquot;المعاوزquot; والمفروشات المصنوعة من الصوف بالإضافة إلى التطعيم بالصدف والنسيج اليدوي وعروض أزياء قائمة على الصناعات النسجية التراثية.

وكان رجل الأعمال المعروف شوقي أحمد هائل وهو راعي المهرجان قام بالتسوق وابتاع يوم الافتتاح بما يعادل قيمته 9000 دولار.

وشهد المهرجان فعاليات للألعاب الشعبية استمرت ليومين وقد قدم مشاركين من 8 مديريات عروض فنية للعديد من الألعاب التراثية ومسابقة للزوامل والمهاجل quot;قصائد شعبية ملحنةquot; التي تؤدى في مواسم البذر والحصاد وكذا في المناسبات الفرائحية مثل الأعياد والأعراس بمصاحبة الرقصات الشعبية والأغاني الشعبية.

وتخللت فعاليات المهرجان حفلة فنية ساهرة أقيمت في فناء فندق جبل صبر وقدمت مقطوعات من التراث الغنائي التعزي وأغاني الفرقة وعرضيين فنيين ساهرين للمنولوجين الشعبيين الفنان آدم سيف والفنان الكوميدي محمد الأضرعي.

غرس للرياحين
في حفل الافتتاح استقبلت الفتيات المكللات بالرياحين والورود على قارعة الطريق المتعرج إلى قمة الجبل الشهير quot;صبرquot; وتم تدشينه على أنغام فنان اليمن الأبرز quot;أيوب طارشquot; بزراعة 100 شتلة ورد ثم افتتاح خيمة المأكولات الشعبية لمديريات تعز ومعرض للصور لرئيسة بيت الموروث أروى عبده عثمان افتتحه محافظ المحافظة حمود الصوفي.

وقال المحافظ quot;إن المهرجان يعتبر أنموذجاً في إبراز مخزون التراث الثقافي والقيم النبيلة للمجتمع واستنهاض للطاقات الوطنية، وقدرات الشبابquot;.

وحسب اللجنة المنظمة فإن المهرجان هدف إلى إبراز الموروث الشعبي المتنوع الذي تزخر به محافظة تعز واستلهام العبر والإيجابيات التي تتمثل في قيم العمل والإنتاج وترويض الطبيعة لصالح الإنسان، والقيام بعملية توثيق لنتاج الإنسان اليمني وإعلاء شأن الذائقة عبر أحياة ثقافة الورد والشقر والريحان كونها لصيقة البيت اليمني، وتمجيد قيم الشراكة المجتمعية بين المرأة والرجل في الحقول والبيوت كسلوك مارسه الإنسان اليمني منذ القدم.

وتبلورت رسالة المهرجان مبكراً حيث تجدد تعز تأكيدها بأنها مدينة للحب والسلام رغم الأزمات التي تشهدها اليمن.