دعا رئيس المنتدى الفلسطيني للحريات والشؤون د. محمود العجرمي الفلسطينيين لاستثمار الأزمة الحالية في العلاقات التركية - الإسرائيلية والتي توترت إثر الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية وقتل عددًا من المتضامنين الأتراك.

أكد رئيس المنتدى الفلسطيني للحريات والشؤون الدولية ومساعد وزير الخارجية في الحكومة السابقة في غزة د. محمود العجرمي أن إسرائيل تعيش أزمة حقيقية بعد الهجوم الأخير على قافلة أسطول البحرية، والذي أدى إلى مقتل نحو تسعة أتراك، وإصابة آخرين من المتضامنين العرب والأجانب على متنها، مشيرًا إلى أن العلاقات التركية الإسرائيلية تأزّمت جراء الهجوم على الأسطول وعلى السيادة التركية في المياة الإقليمية، وقال لإيلاف: quot;إن التأزم في العلاقات مرّ بمراحل متعددة سابقة، مرجعًا ذلك إلى سياسة تركية الجديدة التي تعكس تغيّرًا في السياسة الخارجية التركية، ونتيجة المستوى الذي وصل إليه بطش الاحتلال الإسرائيلي، وغطرسته والتهويد الذي يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبشكل خاص في القدس وما يتعرض له المسجد الأقصى المبارك.

ويتوقع العجرمي أن يستمر تصاعد الأزمة خلال الفترة المقبلة، مقابل تطورا في العلاقات العربية التركية، وخصوصًا في الملف الفلسطيني، إلى أن ترضخ إسرائيل إلى مطالب تركيا التي أشار إليها عدد من مسئوليها وعلى رأسهم اردوغان من أن إسرائيل يجب أن تعتذر وتعوض الضحايا وترفع الحصار عن غزة، وتوقف تهويد القدس بحسب رأيه.مستبعدا في الوقت ذاته أن تلجأ تركيا إلى صدام عسكري مع إسرائيل.

وقال العجرمي: quot;إسرائيل بدأت تحصد الثمار المرة، جراء استمرار سياستها الرعناء على مدار ستة عقود من الصراع حتى الآن، مضيفا :quot; انه بدا العد العكسي لانهيار هذا التمرد على القانون الدولي والتفرد في المنطقة بقانون الغاب، ناهيك عن تصاعد أزمة الولايات المتحدة الداعمة لها في العراق وأفغانستان وباكستان وفلسطين وتابع:quot; إسرائيل اليوم بين نارين، إما أن تستمر بهذه السياسة، وتواجه بمزيد من العزل والحصار السياسي والاقتصادي، والذي بدأت تمارسه تركيا من جهة، ودول غربية أخرى وذلك من خلال التصريحات التي صدرت عن العديد من الدول الأوروبيةquot; ،وبحسب العجرمي فإن هناك سببًا آخر غير الاعتداء على الأسطول، وهو قضية اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح قبل أشهر في الإمارات العربية المتحدة.
وذكر العجرمي عضو المجلس الوطني الفلسطيني أن إسرائيل بدأت تشكل عبءًا على النظام السياسي الدولي وهو ما يذكر ببدء تداعي النظام العنصري بجنوب إفريقيا في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات حتى انهار في عام 1994، وهذا لا يعني نهاية قريبة لهذا الكيان على حد قوله، وأضاف :quot;هناك حراك دولي ومن مؤشراته وضع الملف النووي الإسرائيلي على الطاولة العام 2012 وبقي لسنوات من التابوهات والمحرمات وكذلك المطالبة بوقف الاستيطان، وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وان تتوقف إسرائيل عن سياسة القتل والتدمير التي تنتهجها.

وعن الدور الذي يمكن أن تقوم به تركيا للقضية الفلسطينية قال العجرمي:quot; هناك بداية تحول نوعي استراتيجي في السياسة التركية خاصة عضويتها في حلف الناتو وامتلاكها لأكبر جيش فيه وتوجهاتها الحثيثة لنيل عضوية الاتحاد الأوروبي، كل هذه السياسة تدفع تركيا للاقتراب أكثر من المنطقة العربية، وان تتحول إلى حليف استراتيجي لخدمة القضايا لعربية ولا سيما القضية الفلسطينية وأضاف:quot; اتضح دور تركيا من خلال مواقفها المرتبطة بأحداث مرت بالمنطقة الأعوام الماضية منها امتناعها من المساهمة في الغزو الأميركي للعراق العام 2003 مرورًا بما جرى بين السيد اردوغان ووزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريس في مؤتمر دافوس الاقتصادي بعد الحرب على غزة والتحرك الدولي الأخير لنصرة الشعب الفلسطيني المحاصر بغزة عبر سفن الحرية، وأكمل: quot;بإمكان تركيا أن تمارس دورًا إقليميًّا ودوليًّا مهمًّا، فلديها مقوّمات تؤهّلها لذلك، وتتمثل في تاريخها وطبيعة نظامها السياسي والاقتصادي وموقعها الاستراتيجي إلى جانب مقدرتها البشرية والعسكرية ،والدبلوماسية وأضاف: quot;بحكم العلاقات الوطيدة التي تربط تركيا بالغرب بإمكانها أن تعقلن التأثير الغربي الفاعل في موضوع الصراع العربي الإسرائيلي، وتعقيدات القضية الفلسطينية تحت الاحتلال الإسرائيلي quot;.

وتابع :quot; اعتقد أن تركيا بدأت هذا الدور باعترافها بمكونات الخارطة السياسية الفلسطينية التي يتنكر لها الغرب حتى يومنا هذا بعيدًا من الفهم المسؤول للديمقراطية وما ينجم عنها، وخصوصًا موقفها من نتائج الانتخابات الفلسطينية الأخيرة، حيث تحاول إقناع الغربquot; أميركا وأوروبا quot; بمصداقية نتائجها ، وسجلت اعترافًا من قبل اردوغان بمكونات الخارطة السياسية وان حركة حماس ليست تنظيمًا إرهابيًّا، وإنما لها دورها وتمثيلها الواسع في المجتمع الفلسطيني.

وعما إذا كان هناك تأثير للدور التركي على دور إيران بالمنطقة أوضح العجرمي: quot;لا اعتقد أن هناك تأثيرًا سلبيًّا لدور كلتا الدولتين في دعم القضية الفلسطينية العادلة للشعب الفلسطيني، وأضاف :quot; خاطئ من يظن أن تركيا أو إيران أو أي دولة ستخطف هذا الدور، لسنا بصدد عمليات تقليل مترفة للأنظمة السياسية لدول العالم المحيط، نحن بحاجة إلى أي دعم يأتي من أي طرف، خصوصًا إن كان غير مشروط بمتطلبات أو التزامات سياسية .

ويرى العجرمي أن كل هذه الظروف تصب في مصلحة الفلسطينيين وتخدم نضالهم وقال: quot;مطلوب من الفلسطينيين ألا يضيعوا الفرصة، وان يلتقطوا هذا الحراك بعيدًا من التدقيق في التاريخ، وأضاف: quot;نحن أمام ظاهرة جديدة علينا أن نطورها لصالحنا خصوصًا أننا بحاجة ماسة إلى كل أصناف الدعم الحقيقيquot; .

ولكي يضمن الفلسطينيون استمرار العلاقات التركية على النحو الذي يدعم قضيتهم، يشدد على أن عليهم أن يقوموا بتحشيد كل الطاقات من اجل تحقيق المصالحة الفلسطينية ، واستثمار المناخ الدولي المتضامن والمساند لحقوق الفلسطينيين، وإفساح المجال لعلاقات وشراكات بين فلسطين وتركيا وخلق جسر من التواصل بين البلدين.