يعتبر إعلان القنوات الفضائية العربية عن مسابقات جوائزها قيّمة تتمثل بارسال رسالة الى الرقم الموجود في الشاشة مبينا فيه الفريق الذي سيفوز في كأس العالم، نوع غير مباشر وبديل عن الرهانات الاعتيادية التي تجري في البلدان الغربية وغيرها حول العالم. إذ يعتبر كأس العالم مناسبة رياضية مهمة يجب اسغلالها اقتصاديا بشكل لافت خلال القرن الحالي لاستقطاب عدد اكبر من الاموال بطرق عدة، من اهمها الاعلانات والاشتراكات والمراهنات.
كأس العالم، ذلك العرس الكروي والتجمع الرياضي العالمي الاكبر الذي يشاهده الكم الهائل من البشر حول العالم ممن يفقهون او لا يفقهون ماهية كرة القدم وتفاصيلها واثارتها، هذا الحدث الذي يتكرر كل 4 اعوام ولفترة 30 يوما ينتظرها العديد من عشاق الكرة والنقاد والهواة وكذلك الاقتصاديين ورجال الاعمال بحثا عن الربح وجني الاموال.
في معظم دول العالم، تشهد معظم الرياضات والمنافسات الكروية وغيرها منافسات من نوع اخر، خارج محيط الملعب او المكان الذي تجري فيه المنافسة، حيث يتبارى العديد فيما بينهم عن طريق المراهنة في تخمين من هو الفائز، وكأس العالم هو احدى هذه المنافسات التي يتم فيها الرهان والتنافس في الاموال والدخول في مخاطرة، اما الخسارة او الربح الوفير، كما هو الحال في لعب القمار.
وكون هذا الامر يشكل جدلا كبيرا داخل المجتمع الشرقي، حيث يغلب على دولها التشريع الاسلامي الذي يحرم الدخول في المراهنة من الطرفين، يلجأ معظم التجار الى طرق ووسائل اخرى، تدر عليهم ارباحا طائلة، كي لا تمر هذه المناسبة الكروية المهمة مرور الكرام. نجد على سبيل المثال عددا كبيرا من القنوات الفضائية تعلن عن مسابقة يومية او اسبوعية لربح سيارة او مبلغا من المال او تذكرة سفر فقط اذا قام الشخص بارسال رسالة الى الرقم الموجود في الشاشة مبينا فيه الفريق الذي يشجعه او الفريق الذي سيفوز في كأس العالم.
ومن الطبيعي جدا ان احتمالية الفوز تتضائل في نظر المستهلك كلما اعتقد ان عدد الاشخاص الذين شاركوا يتزايد، وبالتالي يضطر الى المشاركة يوميا او ارسال عددا اكبر من الرسائل، حتى تزيد فرصة فوزه مقارنة بغيره. وعادة ما تكون تكلفة الرسالة ما يعادل 1.5 دولارا اميركيا، او ما يقابلها من العملة المحلية، وللقناة الفضائية نسبة معينة من هذه الرسوم يتم الاتفاق عليها مع شركات الاتصالات او مقدمي الخدمة داخل البلد، وهذا يعني قيمة الجائزة اقل بكثير مما يمكن كسبه بالنسبة للقناة، والمخاطر من فشل الحملة ضئيلة جدا.
يقول الخبير الاقتصادي وعضو الجمعية السعودية للادارة (ب.ع)، ان مثل هذه المسابقات ما هي الا وسيلة للعبث والغش والاحتيال على المشاهد، وقد تصل الى الاستخفاف به، وان كانت فعلا حقيقية، وهذا ما يضطر الى فعله بعض القنوات والصحف المحلية من اجراء حوار مع الفائز وتأكيد فوزه بشكل صحيح بالجائزة، ويضيف ان اكتساب المال دون جهد او تعب او ممارسة لا يمكن ان نسميه اكتساب وانما احتيال، فالفائز لا يحتال الا على نفسه فقط.
ويؤكد الخبير الاقتصادي ان هذه المسابقات لا تدعم الاقتصاد الوطني ولا تنميه بشكل فعلي، مجرد تجميع كمية كبيرة من المال في ايدي فئة، هم شركات الاتصالات في المقام الاول ثم الجهات المقدمة لمثل هذه المسابقات وكذلك الجهات الراعية، وما هي الا ميسر او رهان بشكل غير مباشر. ويؤكد انه حسب معلوماته يصل عدد الرسائل المرسلة 4800 رسالة في الثانية كمعدل لمثل هذه المسابقات، وللقاريء العزيز التخيل كم من المبالغ يمكن تحصيلها من وراء هذا الكم الهائل من الرسائل في اليوم الواحد فقط.
المتابع لمثل هذه المسابقات والكم الهائل منها خلال هذه الفترة تحديدا يلحظ انها جاءت استغلالا لاجواء الاثارة والحماس الذي ينتاب المتابعين خصوصا المراهقين منهم، جريا وراء الكسب السريع واختصار الزمن، حسب اعتقادهم، وبالنسبة للفرد التكلفة بسيطة، ولكن العائد التراكمي للشركة كبير، وكبير جدا، ومن هنا جاءت الرؤية حول اعتبار هذه المسابقات بديلا للرهونات الاعتيادية التي تجري في البلدان الغربية وغيرها حول العالم.
التعليقات