يجيز مشروع قانون الأحوال الشخصية الأردنية زواج من أكملت 15 عاما في حالات محدودة.

عمان: يثير السماح بزواج الفتيات اللواتي اكملن 15 عاما جدلا بين اسلاميي الاردن ومناصري حقوق المرأة الذين يعارضون مشروع قانون يتيح للقضاة الشرعيين عقد قرانهن، في بلد يغلب عليه الطابع المحافظ ويقف على اعتاب انتخابات عامة تجرى بعد اربعة أشهر.
وابقت المادة العاشرة من مشروع قانون الاحوال الشخصية سن الزواج القانوني عند 18 عاما، الا انها اثارت الجدل لنصها على استثناء يجيز زواج من اكملت 15 عاما في حالات محدودة وquot;وفق اجراءات خاصة وشروط منضبطةquot;، اضيفت لها في حزيران/يونيو إثر انتقادات لاذعة شرط، موافقة لجنة من القضاة الشرعيين.

ومشروع القانون لا يزال موضع دراسة من الحكومة قبل احالته الى البرلمان.
وتؤكد بثينة فريحات، من المركز الوطني لحقوق الانسان، ورود عشرات الشكاوى للمركز نتيجة زواج قاصرات وفارق السن بين الزوجة والزوج.

وتقول فريحات لوكالة فرانس برس ان quot;احدى الفتيات بعمر 16 عاما وتزوجت من رجل عمره 80 عاماquot;.
واضافت quot;ما لمسناه هو ان القاضي الشرعي يوافق على طلب الزواج من قاصر دون النظر الى حاجتها للزواج او اذا ما كان هناك ضرورة لتطبيق الاستثناءquot;.

وطالبت فريحات بسن quot;تعليمات واضحة حول الحالات والظروف التي ينطبق عليها الاستثناء الذي يسمح بزواج القاصرات للحفاظ على حقوقهن كاطفال وكمتزوجاتquot;، مؤكدة ان quot;الفتيات في عمر 15 عاما غير مستعدات من حيث البنية الجسمية او القدرة الجسدية على تحمل الزواجquot;.
وبحسب احصاءات دائرة قاضي قضاة الاردن فقد تزوج 5349 شخصا ممن تقل اعمارهم عن 18 عاما خلال عام 2009 من مجموع 64738 حالة زواج سجلت في المملكة لذات العام.

وتزوج 9014 شخصا (ذكورا وإناثا) تقل اعمارهم عن 18 عاما، من اصل 66581 حالة زواج عام 2008.
واظهرت الاحصاءات الرسمية ان هناك 259 حالة طلاق لازواج تقل اعمارهم عن 18 عاما من اصل 2939 حالة طلاق في المملكة العام الماضي.
ويرى مراقبون ان الدولة اوجدت من خلال تعديل قانون الاحوال الشخصية بعض التوازن بحيث تتقبله غالبية الفئات المحافظة في المملكة بعد ان واجه قانون الانتخاب انتقادات شديدة.

من جهتها، اعتبرت ناديا شمروخ، مديرة اتحاد المرأة الاردنية انه quot;حتى من بلغ سن 18 عاما يعتبر صغيرا على الزواجquot;.
لكنها اوضحت لوكالة فرانس برس ان quot;هناك حالات استثنائية يكون فيها الزواج حلا بالنسبة لفتاة بعمر اقل من 18 عاما مثل ان تتورط في علاقة غير مشروعة نتج عنها حمل فيكون الزواج حلا بدلا من ان ينتج طفل غير شرعيquot;.

وتابعت quot;ما نرفضه كذلك هو تزويج المغتصب لفتاة اغتصبها في حال حملت منه فنحن بالتالي نعاقب الفتاة مرتين ونسمح له باغتصابها مدى الحياة بدل معاقبته على فعلتهquot;.
وقالت شمروخ ان quot;السماح بتزويج الفتيات اللواتي اكملن 15 عاما هو بمثابة اغتصاب بشكل شرعي لهنquot;.

من جانبه، اشاد مجلس علماء جماعة الاخوان المسلمين في الاردن بمشروع قانون الأحوال الشخصية، رغم انتقاده لقانون الانتخاب quot;المحبطquot; الذي اقرته الحكومة في ايار/مايو الماضي وابقت فيه على نظام الصوت الواحد مما quot;يكرس العشائريةquot;.
واكد المجلس في ذلك الوقت ان quot;قوى الشد العكسي في البلد لا تسمح باجراء إصلاح حقيقيquot;.

وقد رفع قانون الانتخاب عدد المقاعد المخصصة للنساء في مجلس النواب من ستة الى 12 وعدد اعضاء المجلس من 110 الى 120 نائبا.
ويقول همام سعيد، المراقب العام للاخوان المسلمين في الاردن، لوكالة فرانس برس ان quot;الشريعة الإسلامية تسمح بالزواج قبل سن 18 عاما طالما كان هناك بلوغ ونضوج من قبل الطرفينquot;.

واضاف quot;لا شك في ان القانون جاء بما فيه الخير، اذا كانت الفتاة في حالة نضج جنسي وعقلي لماذا لا يتم الزواج؟ بدلا من ان نترك الامر كمسار التربية الغربية التي كلنا نعرف نتائجها الكارثية على الفرد والأسرةquot;.
وانتقد سعيد دور الجمعيات المناصرة لحقوق المرأة في الاردن، وقال ان quot;هناك تياران في الاردن، تيار يحافظ على العادات والتقاليد وتطبيق الشريعة الاسلامية وتيار آخر يتجه نحو الغرب ومبادىء الغرب والانفتاح الزائدquot;.

واضاف quot;نرفض تقليد الغرب الذي دمرت فيه الاسرة والإنسان في مجتمع مفكك ونقف ضد جهات مشبوهة تدعم حرية المرأة في التنقل والسكن بعيدا عن الاهل والزوج والحرية الجنسية والاجهاض وحرية الزواج بعيدا عن الاهل واولياء الأمرquot;.
وترد اسمى خضر، رئيسة اللجنة الوطنية لشؤون المرأة، بان quot;جميع الجمعيات تعمل وفقا للتشريعات الوطنية وتخضع لرقابة الدولة ومبادىء حقوق الإنسان ليست مبادىء غربية وانصاف المرأة ليست فكرة غربيةquot;.

وتعتبر خضر، وهي محامية ووزيرة سابقة، ان الاردن شهد تطورا مضطردا في مجال حقوق المرأة وتقول quot;تعليم المرأة يشكل إنجازا فالنساء يشكلن غالبية طلبة الجامعات، والمرأة في الاردن يحق لها الانتخاب والترشح وتشغل نساء مناصب عليا في الدولةquot;.
واضافت انه quot;في عام 2001 اصبح بامكان المرأة التقدم لدى المحكمة بطلب تفريق وفسخ عقد الزواج او ما يسمى بالخلع على ان تعيد ما قبضته من مهر وتتنازل عن حقوقها المالية، وتم الغاء المادة 12 من قانون جواز السفر وهي المادة التي تشترط موافقة الزوج او الولي على حصول الزوجة على جواز سفرquot;.

وتشكل الاناث في الاردن 48,5% من عدد السكان البالغ ستة ملايين نسمة.

ويؤكد عيسى مصاروة، استاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية، ان quot;تزويج الاطفال جراء الفقر والبطالة هو احدى المشكلات الاجتماعية التي ندرسها في الجامعةquot;.
واضاف ان quot;بعض الأسر تزوج بناتها وهن بعمر اقل من 18 عاما بهدف التخفيف من اعباء اقتصادية تواجهها من فقر وغلاء معيشة وارتفاع الاسعارquot;، مشيرا الى ان quot;ذلك يؤدي الى نتائج كارثية لدى الاسرة والطفلة المتزوجة، بدءا من حرمانها من تعليمها وجعلها عرضة للعنف لانها جاهلة بحقوقها او حتى طلاقهاquot;.

ــــــــــــــــــــــ