توفيق بوعشرين

يبدو أن ملف التهم التي تلاحق الصحافيين في المغرب يستمر بالتوسع، إذ تطورت الأوضاع بين الدولة والسلطة الرابعة لحد اتهام بعض الصحافيين بالنصب والاحتيال.

مع بروز تجربة الصحافة المستقلة في المغرب وتطرقها إلى عدد من الملفات الساخنة، تضاعفت حوادث المواجهة بين الدولة والسلطة الرابعة إلى درجة جعلت عددا من المؤسسات الإعلامية تختار إغلاق منابرها، في حين أضرب صحافيون عن الكتابة، بعد أن وجدوا أنفسهم أمام حلقة جديدة في هذا الصراع، الذي إتخذ منحى غير مسبوق.

فبعد أن كان صحافيون يقفون أمام عدالة المحكمة في ملفات تتعلق بالسب والقذف أو حتى نشر أخبار زائفة، أو التشهير، تحولوا اليوم إلى متهمين في قضايا تتعلق بالسرقة، أو النصب والاحتيال، والقائمة قد تكون طويلة مستقبلا!

فقبل أسابيع، عاد quot;سوء التفاهم الكبيرquot; إلى ردهات المحاكم في سيناريو جديد، تمثل في متابعة الصحافي علي عمار بتهمة السرقة.

وكانت عناصر أمنية اعتقلت الصحافي عمار، ثم وضع تحت الحراسة النظرية في مدينة الدار البيضاء، وأحيل على النيابة العامة بتهمة سرقة حاسوب شريكته السابقة، كما وجهت الشرطة استدعاء للصحافية الغزوي، العضو المؤسس لحركة quot;ماليquot; للدفاع عن الحريات الفردية، وزميلة عمار في أسبوعية quot;لوجورنالquot;، التي أغلقت قبل أشهر قليلة، إذ حضرت بمحض إرادتها إلى ولاية الأمن في الدار البيضاء لتفاجأ بوالي الأمن يخبرها بأنه تقرر عدم متابعتها في الملف.

توفيق بوعشرين، مدير نشر quot;أخبار اليومquot; المغربية، عانى بدوره من هذا الوجه الجديد للصراع، إذ قضت المحكمة الابتدائية في الرباط بحبسه ستة أشهر بشكل نافذ، وإداء غرامة مالية قدرها خمسمائة درهم بعد مؤاخذته من أجل جنحتي النصب والإحتيال.

إقرأأيضًا
رقابة ناعمة واتهامات لا علاقة لها بالاعلام وتسيس للاعلان
الدولة والصحافة في المغرب: معركة بأسلحة جديدة

كما قضت المحكمة بتعويض مدني قدره عشرة آلاف درهم للمطالب بالحق المدني، فيما أكدت عدم الاختصاص في باقي المطالب خصوصا منها فسخ عقد البيع.

وكان صاحب عقار عبارة عن فيلا قد تقدم بشكوى لدى وكيل الملك في المحكمة الابتدائية في الرباط، مفادها أن توفيق بوعشرين وأحد السماسرة، قاما بالنصب عليه وإستوليا على عقاره المتواجد في حي النهضة في الرباط.

وقال توفيق بوعشرين، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;أعتبر أن الغرض من هذه الطريقة الجديدة هو جعل تكلفة قمع الصحافيين أقل، لكن العكس هو الصحيح، إذ إن هذه الطريقة ستزيد من تشويه صورة السلطة أمام الرأي العام المحلي والدوليquot;.

وأكد مدير نشر quot;أخبار اليومquot;، التي سبق أن أدينت أمام القضاء بسبب رسم كاريكاتوري، أن خطورة هذا الإنزلاق ستمس بما تبقى للقضاء من هيبة واحترام، مبرزًا أن quot;ما يحدث يمس بمصداقية المؤسسة القضائيةquot;، وذكر أن quot;النموذج التونسي يغري بعض المسؤولين هنا في المغربquot;، مضيفا quot;نحن لا نقبل أن نكون فوق القانون، لكن في الوقت نفسه لا نقبل أن نكون تحتهquot;.

وأوضح توفيق بوعشرين أن quot;هذا المسار خطر، إذ إن قتل حرية التعبير ليس سوى قتل للديمقراطيةquot;، وزاد قائلا quot;نحن لا نطلب من الدولة سوى أن تلعب اللعبة، وأن تترك للصحافيين حرية القول والتعبير، وإذا وقع خطأ فهناك القضاءquot;.

وذكر أن مجموعة من الصحف مهددة بالإغلاق، مؤكدا أن الدولة تشن quot;حربا اقتصادية وحربا قضائيةquot; على بعض الصحف.

وأضاف توفيق بوعشرين quot;يجب على الدولة أن تعي أن الصحافيين ليسوا خصوما، بل جزء من الديمقراطيةquot;.

وبالنسبة إلى الملف الأخير الذي توبع فيه، فيشير مدير نشر quot;أخبار اليومquot;، إلى أن quot;القضاء سبق له أن حكم لصالحي، قبل 3 سنوات، إلا أن هذا الملف أعيد إحياؤه من جديد أخيرا، والنيابة العامة هي التي حركتهquot;. وخلص إلى القول quot;عندما لم تكن للسلطة النية للإساءة إلى توفيق بوعشرين فإن الملف لم يحرك، لكن حاليا عندما توجد هناك نية للإساءة إلى بوعشرين وتشويه سمعته فإن القضية أعيد إحياؤهاquot;.

وأوضح أن quot;الدولة تتحاور معنا بالسجن، والعقوبة وتشويه السمعة، وهذه اللعبة مرفوضةquot;، مؤكدا أن quot;الضرب تحت الحزام خط أحمرquot;.

يشار إلى أن الغرامات المالية الضخمة تعتبر، في نظر إعلاميين، هي إحدى علامات التوتر وأحد أمضى الأسلحة المستخدمة في حرب السلطة على الصحافة، حيث يوظف القضاء لإصدار أحكام خيالية من شأنها أن توقف صحفًا عن النشرquot;، وذلك كما حدث مع جريدة quot;لوجورنال إيبدوماديرquot; ما اضطر الصحافي بوبكر الجامعي إلى بيع الجريدة والسفر إلى الخارج.