أثار تقرير منظمة هيومن رايتس زوبعة في المغرب، ففي حين أيدت المنظمات غير الحكومية التقرير دعتها الحكومة إلى التحلـّي بالموضوعية.

الدار البيضاء: أثار التقرير الأخير لمنظمة هيومان رايتس ووتش، الذي أشار إلى أن وضع حقوق الإنسان تدهور عموما في سنة 2009 في المغرب، الكثير من المواقف المتباينة، وأعاد فتح النقاش حول هذا الموضوع، الذي دق حقوقيون نقاش الإنذار بخصوصه في أكثر من مناسبة.

وفيما دعا وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، خالد الناصري، بعض المنظمات غير الحكومية الحقوقية الدولية إلى التحلي بمزيد من التروي والموضوعية، واصفا خطابها بـ quot;السطحيquot; ومقاربتها ب quot;الانتقائيةquot;، ذهب حقوقيون في تجاه تأييد ما جاء في تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش، وأكدوا على وجود هذا التراجع، الذي مس مجموعة من المستويات.

وقال عبد الإله بن عبد السلام، نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، quot;بالنسبة للمغرب، فأكيد أنه يعرف تراجعات على العديد من المستوياتquot;، مبرزا أن quot;المسؤولين لا يريدون أن يقروا بذلك، ويقولون أن الهيئات تتعامل بشكل غير موضوعي مع هذا الموضوعquot;. وأضاف عبد الإله بن عبد السلام، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;تقرير هيومان رايتس ووتش يندرج في هذا الإطار. ومسؤولينا يحاولون تغطية الشمس بالغربالquot;.

وأوضح القيادي الحقوقي أن quot;ممارسات الماضي ما زالت مستمرة، وخنق حرية التعبير ما زال قائما، كما أن الخطوط الحمراء ما زالت موجودةquot;، وزد مفسرا quot;المغرب يعرف أيضا تراجعات على مستوى مجموعة من الالتزامات والاتفاقيات الدولية، إلى جانب عدم الالتزام بما جاء في توصيات هيئة الإنصاف والمصالحةquot;.

غير أن الناشط الحقوقي، عبد العزيز قراقي، كان له رأي مخالف، إذ أكد أن quot;الوضع الحقوقي في المغرب، مقارنة مع الفضاء الجغرافي، الذي ينتمي إليه، يعرف تطورا ملحوظا، حتى لو كان هذا الرأي لا يشترك فيه الجميعquot;. وأوضح عبد العزيز قراقي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;المجال الحقوقي بالمملكة في مسار تصاعدي، وما تم إنجازه منذ تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة جد مشجعquot;، وزاد موضحا quot;هناك من ينتقد هذا المسار، ولا يمكن أن نقول أن كل ما يحدث إيجابي، لكن مسار حقوق الإنسان شاق وطويل، ويحتاج تنشئة اجتماعيةquot;.

وذكر الناشط الحقوقي أن quot;المغرب حاليا بصدد إنجاز الخطة الوطنية حول الديمقراطية لحقوق الإنسان، وهذ الخطة ستنجز وفق مقاربة تشاركية، وبهذا تكون المملكة دشنت مسارا صعبا وشاقاquot;، مضيفا quot;هناك بعض الانحرافات، لكن لا يمكن على أساسها أن نحكم على أنه توجد هناك تراجعات كبيرة في مجال حقوق الإنسان بالمغربquot;.

وكانت هيومان رايتس ووتش، وهي منظمة غير حكومية مقرها في نيويورك، أشارت، في ندوة صحفية أمس الأربعاء بالرباط، إلى أن quot;هناك تراجع بشكل عام في المغرب، ما يقوض التقدم الذي تحقق في وقت سابق من هذا العقدquot;.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للمنظمة، في الندوة، quot;المغرب لديه مجتمع مدني حيوي وصحافة مستقلة، لكن السلطات بمساعدة القضاء تستخدم تشريعات قمعية لمعاقبة وسجن معارضين سلميين، وخاصة منتقدي النظام الملكي والمشككين في (مغربية) الصحراء أو يسيئون إلى الإسلامquot;.

وردا على سؤال حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب في تقرير منظمة quot;هيومان رايتس ووتشquot;، قال خالد الناصري، في لقاء صحافي عقب انعقاد مجلس الحكومة أمس الأربعاء، quot;من الضروري أن تتحلى المنظمات غير الحكومية الدولية الكبيرة بقدر كاف من التروي والموضوعية لتحدد مكمن نقاط ضعف المغربquot;. وأضاف quot;ننتظر من المنظمات غير الحكومية الدولية الكبرى أن تتحلى بالشجاعة لتقول الحقيقة، التي هي أكثر تعقيدا بالمغربquot;.

كما آخذ وزير الاتصال بعض المنظمات غير الحكومية الدولية على تبنيها لخطاب quot;سطحي ومقاربة انتقائية تضع المغرب، بشكل ممنهج، في قفص الاتهام، بدعوى أن هناك محاكمات، والتي تبقى على كل حال، محاكمات عاديةquot;. وقال الوزير إن الأمر quot;لا يتعلق بمحاكم استثنائيةquot;، مضيفا أن المتابعين ليسوا محرومين من حق الدفاع.