سلوى جبو مستشارة الرئيس العراقي

إتهمت سلوى جبو مستشارة الرئيس العراقي جلال طالباني في مقابلة مع quot;إيلافquot; الفكر الذكوري والأصولي بمحاولة تحجيم دور المرأة العراقية في المجتمع من خلال الانتهاكات التي تتعرض لها وأكدت وجود نظرة دونية للمرأة، تأتي حتى من السياسيين الذين لم يشركوا المرأة في مباحثاتهم ومفاوضاتهم، مشيرة إلى أن تزايد عدد المنتحرات في كردستان سببه الضغوط التي تتعرض لها المرأة هناك.

بغداد: قالت سلوى جبو مستشارة الرئيس العراقي جلال طالباني في حديث مع quot;إيلافquot; إنّ الفكر الأصولي والذكوري يحاول تحجيم دور المرأة العراقية في المجتمع من خلال الانتهاكات التي تتعرض لها، وكشفت جبو وهي مديرة مركز تطوير وتدريب الأرامل في بغداد أن عدد الأرامل في العراق وصل إلى نحو مليون امرأة وأنهن يُعانين من مشاكل عديدة موضحة أن هذا العدد لا يثيرها بقدر ما يثيرها أطفال الأرامل وعددهم أكثر بكثير مؤكدة رفضها فتح مكاتب لتزويج الأرامل لأنه طريقة لبيع جسد المرأة.

وفي ما يلي نصّ المقابلة:

* كيف تنظرين الى واقع المرأة العراقية الان؟

مشكلة المرأة العراقية مشكلة كبيرة جدًا ومعقدة جدًا مثل الوضع في العراق ، نحن الورث الذي ورثناه من الماضي، التغييب الكامل لكل شيء حضاري وثقافي ، الدكتاتورية عزلتنا عن العالم،هذا جعل أثاره ونتائجه السلبية على المجتمع العراقي بشكل عام وعلى المرأة العراقية بشكل خاص على مستوى التدريب والتأهيل والكفاءات العلمية والثقافة والفن وحتى طريقة اللبس والحضارة، هذه كلها تأثرت بسبب الوضع الاقتصادي والحصار الذي كان مفروضًا على العراق، وهذا كله نتاج الدكتاتورية والنظام السابق الذي صادر حقوق الشعب العراقي بالكامل وبعد ذلك المرأة جزء من ذلك ، والمرأة كما تعرف هي نقطة الضعف بالنسبة إلى مجتمعاتنا لأن الفكر الذكوري هو الفكر السائد وهناك نظرة دونية لوضع المرأة وحتى اصحاب الفكر التقدمي لا زالون ينظرون الى المرأة نظرة ليست هي النظرة للمرأة كونها اكثر من نصف المجتمع وانها لا بد أن تساهم في اعادة بناء المجتمع كونها مؤثرة جدًّا في بناء المجتمع.

* ماذا قدمتم للمرأة ولا سيما انك في منصب قريب من رئيس الجمهورية؟

الكل يعلم ان هذا الموقع هو موقع شرفي اكثر مما هو تنفيذي لأن ليس لدينا موقع مستشارة رئيس الجمهورية والسيد رئيس الجمهورية مشكورًا اعطى هذا الموقع ولكن ارجع واقول انا عملت كناشطة في الحركة النسائية بالتعاون مع كل الجهات المعنية بقضايا المرأة، منظمات المجتمع المدني، الامم المتحدة، وزارة الدولة لشؤون المرأة، فنحن بالمجموع يجب ان نعمل مشتركًا وليس كل على شكل اختصاصاتي لان هناك مشاكل كثيرة واتصور التنسيق بين الجهات هو الذي سيدفعنا للعمل لتقديم ما نريده للمرأة العراقية، مثلا الكوتا كانت احدى نتاج عملنا، قد تكون هناك الكثير من الملاحظات ولكن هي مكسب كبير للمرأة العراقية .

* ما اكثر ما تعانيه المرأة العراقية الان؟

قلة الخدمات، برامج التعليم، النظرة إلى المرأة ويجب فصلها عن الرجل وكأن الان الهدف الاساسي للكثير من مؤسسات الدولة هو فصل المرأة عن الرجل، ليس هذا هو الهدف والمنشود من الدولة العراقية ، المفروض ان نطالب بالمساواة بكل شيء والدستور العراقي يضمن هذا الحق في باب الحقوق والحريات، الشيء الآخر مسألة الامية انتشار الامية والافكار الاصولية غير المستندة الى دين او مذهب وانما هي عبارة عن حجج للهيمنة على هذه الفئة الاجتماعية او تلك، وبعد ذلك لدينا الارامل اللواتي هن نتاج مجتمع يعيش حالة غير مستقرة، عنف ، صراع سياسي، خاصة العنف الطائفي الذي اخذ مساحة كبيرة في مجتمعنا فنتاجه كان مجموعة كبيرة من الارامل اللواتي يصل عددهن من 900 الف الى مليون ارملة، وهذا الرقم من مركز
الاحصاء في وزارة التخطيط .

* الا ترين ان هذا الرقم مرعب؟

انا لا انظر إلى هذا الرقم انا انظر الى الاطفال الذين هم مسؤولية المرأة الارملة بعد ان فقدوا المعيل، ومعظم العوائل التي فقدت رجالها هم من الطبقات المسحوقة أي ما معناه الوضع الاقتصادي سيئ جدًّا لهذه العوائل، وبالتالي هناك مشكلة كبيرة في كيفية رعاية هذه المرأة لهؤلاء الأطفال.

هنا المشكلة، ما مستقبل العراق بجيل ربما يكون محروما من ابسط القضايا الاساسية للحياة التي هي التمتع بالتعليم والتمتع بالسكن الصحي التمتع بالخدمات الصحية والتمتع بالذهاب الى المدرسة بشكل آمن، فهناك العديد من المناطق حول بغداد وليس في الريف الوضع الصحي والخدمي والسكني فيها مأساة حقيقية، وهناك مدارس فيها الصف الواحد يحتوي على 80 طالبًا،إضافة الى ذلك النمو غير الصحي اي بمعنى ان الطفل نتيجة سوء التغذية لا ينمو بشكل صحيح، تقدر عمر الطفل بخمس سنوات بينما عمره الحقيقي 12 او 13 سنة.


* ولكن لا اعتقد ان لكم صوتًا مسموعًا؟

نحن نحاول عبر الصحافة والاعلام ايصال صوتنا وهذه المعلومات الى الجهات المعنية لانني في كثير من المجالات اقول ان هذه ليست مهمّة جهة واحدة هذه مهمة كل الجهات المعنية لتتكاتف وتضع برنامجًا قصيرًا المدى واستراتيجي للتغيير.

* الا يمكن ايجاد سبل المساعدة من البرلمان؟

برلماننا ينتمي إلى طوائف ومذاهب ومن الصعب جدا مثلا ان تقيم حملة لان الحملة تحتاج إلى مناصرة وضغط، المناصرة يجب أن تكون من البرلمان ومنظمات المجتمع المدني والجهات المعنية ، والضغط يجب ان يكون من البرلمان ، هم ينظرون الى ما هي مصالحهم الذاتية في هذا الجانب وبالتالي حين يجدون ان الامر لاحقا لا يستطيعون الاستمرار فهم لا يقفون الى جانبه، فمن الصعب الحصول على مناصرة من قبل البرلمان، ومع ذلك حاولنا الكثير وهناك من يدعمنا ونجحنا في بعض الامور ولكن نحتاج الى الكثير والكثير من العمل لان البرلماني المفروض ان يمثل مطالب الناس لانه المنتخب من قبلهم فهو الان لا حول لديه ولا قوة، فلو نظرنا الى 325 منتخبًا هناك 25 برلمانيًا لديهم القدرة على التواصل في المباحثات السياسية والاخرون ينتظرون متى سيحين دورهم حتى يحصلوا على صفات او مكتسبات، وحتى المطالبة بحقهم غير موجودة .

* كثيرًا ما نسمع عن ظهور جماعات تقتل النساء اعتراضًا على ملابسهن وزينتهن ماذا تقولين عن هذا؟

انا ارفض رفضًا باتًا اي نوع من العنف ضد المرأة، ومن أي جهة كانت سواء رسمية آو غير رسمية، الانسان حر والدستور يكفل له هذه الحرية وله الحق ان يختار نوع اللباس الذي يلبسه، سواء كان المرأة او الرجل، هل نستطيع ان نقف بوجه الرجل، ونقول له لماذا تلبس العباءة او العقال او لا تلبس العمامة، لماذا يقفون ضد المرأة اذا هي احبت ان تخرج من دون حجاب؟ لماذا المرأة بالذات؟ انا اقول ان هذه تجاوز على حقوق المرأة وتجاوز على حريتها وبالتاليالمفروض كل الجهات السياسية ان تقف ضد هذه المحاولات التي تستهدف المرأة ويعتبرونها هي نقطة الضعف.

* ما السبب وراء هذا برأيك ؟

- هذه هي سيادة الفكر الذكوري، الفكر الاصولي ومحاولة تحجيم دور المرأة في المجتمع، وبالتالي فسح المجال لهذه الجهات او الفئات او لهذه الافكار التي هي ليست من مجتمعنا وتاريخنا لأننا في السبعينيات كنا نلبس ما نريد ليس في بغداد فقط بل في مدن الجنوب التي يتصورونها الان مغلقة لهذا الفكر او هذا التيار وهي لم تكن هكذا نتعايش مع بعضنا بأخوة ، لم يسبق لاحد ولم اسمع في حياتي ان احدهم قال لماذا انت تلبسين هذا او لماذا يلبس الرجل كذا، انها حرية شخصية وبالتالي نحن نرفض اي نوع من الانتهاكات لحقوق وانا اعتبره انتهاكًا لحقوق الانسان ولحقوق المرأة في ممارسة حريتها باللباس الذي هي تريده.

* دائمًا ما تنقل وسائل الاعلام عن وجود عنف ضد المرأة في كردستان، ما السبب؟

نعم، الاستقرار العام انعكس بشكل ايجابي جدا على الوضع الاقتصادي والاستقرار الامني انعكس على حياة المجتمع ككل ولكن هناك العادات والتقاليد الموروثة العشائرية التي يقولون انهم يقتلون غسلا للعار او ما يسمى جرائم الشرف، وطبعا ظهرت في الاخير لان المجال فسح للاعلام ان يسلط الضوء على هذه الممارسات اللاانسانية التي تمارس ضد المرأة والمجتمع ككل، واتصور ان الاجراءات التي اتخذت في كردستان على مستوى قانون الاحوال الشخصية وعلى مستوى محاسبة المجرمين الذين يمارسون القتل بداعي الشرف تعتبر جريمة مثل الجرائم الاخرى ويعاقب عليها ليس كجريمة مخففة وانما جريمة اعتيادية.

* ولكن نسمع عن تزايد اعداد المنتحرات في كردستان؟

المنتحرات بسبب أن هناك الكثير من يضغط عليهن حتى لا تعتبر هذه جريمة، فيمارسون الحرق او غيره ومن ثم يقال انها تحت اطار ان هذه المرأة انتحرت او تلك الفتاة وبالتالي النتيجة تصب في المفهوم الاول مفهوم العنف ضد المرأة والانتهاكات ضدها.

* طالبت مجموعة من النساء بربع الوزارات العراقية، انت مع او ضد هذا التوجه؟

أنا مع أن تتبوأ المرأة مواقع صنع القرار، ولكن ان تكون فعلاً تمارس هذا الموقع ولا ان تكون نوعًا من الكرسي المجمل للصورة، اي ان نضع امرأة لتجميل الصورة، بل يجب ان تمارس دورها كإنسان له كفاءة وامكانات ان يساهم في اعادة بناء المجتمع في التنمية وخاصة التنمية في كل المجالات. انا الى جانب هذا. ويعتبر هذا حق طبيعي وهو اقل ما يمكن هو الـ 25، بما انها تمثل اكثر من نصف المجتمع واذًا يجب ان تكون هناك نسبة كبيرة من النساء في مواقع صنع القرار، ولكندون الا تكون تبعية لحزب او لجهة ما بل ان تكون بكفاءتها وامكاناتها، وهذا ما نريده حتى للرجال في موقع صنع القرار يجب ان يكون مؤهلاً وكفوءًا ولديه قدرات سياسية وفكرية وثقافية ، لا ان نأتي بهذا لان الفساد الاداري يستشري الان في مؤسساتنا.

* خلال المباحثات السياسية التي تجري حاليًا لتشكيل الحكومة لم نسمع عن اي امرأة كانت ضمن المتباحثين لماذا برأيك ؟

هذه هي النظرة الدونية للمرأة بحجة انها ليست لديها الكفاءة، انا اتساءل كيف يمكن ان تكون هناك امرأة كفوءة، وهي لم تساهم بشكل فعال حتى في ان تسمع ما يجري من مباحثات وماهي الصراعات السياسية، هي ليست مغيبة تمامًا وحتى ربة البيت لديها رأي فيما يجري في الساحة السياسية، وبالتالي ابعاد المرأة جزء من النظرة الدونية للمرأة ان ليست لديها الامكانية لان تساهم في حل المشاكل السياسية المطروحة حاليًا على الساحة، انا لو كنت بدل الكثير من القوى والاحزاب السياسية لوضعت المرأة كمساهمة، لأن نظرة المرأة تختلف عن نظرة الرجل كما تختلف رؤياها في الامن والسلام، ولو انها اشتركت لكان لها دور ايجابي جدًّا في الوضع السياسي في البلد الآن.

* احتجت بعض البرلمانيات أخيرًا على رئيس الجمهورية كونه دعا الى مأدبة غداء الرجال من السياسيين فقط، ما رأيك؟

في الحقيقة لا استطيع الاجابة ويجب ان تسأل السيد رئيس الجمهورية، حينها لم أكن موجودة في العراق، ولا استطيع ان ابدي رأيي في مكان لم اكن موجودة فيه.

* كيف تأسس المركز وما الغرض منه؟

المركز منذ تأسيسه الى حد الان تخرجت منه 1900 امرأة، تأسس في الاول من ايار/ مايو من دورات لخمس عشرة امرأة بطلب من شركة زين للعمل في روضة للاطفال وعلمناهن كيفية رعاية الطفل وقضايا اللا عنف وحقوق الطفل وغيرها.

* لأي نوع من الارامل ابوابكم مفتوحة؟

أبوابنا مفتوحة لأي أرملة، نحن لا ننظر إليها من أيّ جانب او جهة، فقط ننظر اليها كعراقية وننمي روح المواطنة، اما عن الاعمار فنسبة كبيرة من الارامل من مواليد الثمانينيات، فلا تسغرب أن هناك المئات من الارامل اللواتي يأتين إليها وهنّ بأعمار ما بين العشرين والثلاثين.

* هناك من فتح مكاتب لتزويج الأرامل، ما رأيك بهذا؟

أنا لا أؤمن بهذه القضية، لست ضد أن تتزوج الارملة ولكن أن تتزوج بكرامتها، لا أن تمنح جسدها من اجل أن تعيش، لا عطفًا عليها بل يجب ان تعمل هذه المرأة وتستقل اقتصاديًا ، انا ضد اي طريقة ، لانها ارملة يجب ان يأتي احدهم ويتزوجها من اجل ان تعيش هي او يرعاها هي وأطفالها، أنا ضد ذلك. يجب ان يكون الزواج بخيارها هي وباستقلاليتها وألا يتشرد اطفالها ، هذا هو هدفي، لست ضد التزويج ولكن لست مع ان يستخدم جسد المرأة سلعة من اجل ان تعيش ، فاللبلد لديه الكثير لكي يقدمه للانسان العراقي وليس للمرأة فقط، وبالتالي أنا مع ان تؤهل المرأة وان لا يفرض عليها الزواج، كما إنني ضد ان يفتح مكتب لتزويج الارامل، لست الى جانب هذا، لست مع ان يكون جسد المرأة سلعة بهذه الطريقة.