تباينت وجهات النظر في الأردن بشأن قانون جديد ينظم عمل المواقع الإلكترونية، وبينما اعتبر ناشرو مواقع اخبارية أن القانون يشكل قمعًا للحريات، يرى آخرون أن الأمر ليس أكثر من تنظيم لعمل المواقع الإلكترونية وحماية المواطن الأردني وكل معاملاته عبر تلك المواقع.

عمان:عادت الازمة بين ناشري المواقع الالكترونية والحكومة الاردنية للظهور مجددًا، والذي جدد شرارة الاشتعال هذه المرة هو قانون quot;جرائم انظمة المعلومات الموقت للعام 2010quot;.الذي اعتبر بنظر ناشري المواقع استهدافًا للحريات الصحافية والتضييق عليهم لتمرير ما تريد الحكومة من سياسات اقتصادية وسياسية خلال الفترة المقبلة .

في حين تؤكد الحكومة ان اقرار القانون جاء بهدف وحيد لا ثاني له وهو تنظيم المعاملات الالكترونية خصوصا التجارية لتكون بمثابة الغطاء القانوني لجذب الاستثمار وحماية المواقع نفسها من التعرض للقرصنة وليس استهداف لها بحسب تصريح خاص لـquot;ايلاف quot; على لسان وزير الاعلام والاتصال علي العايد .مؤكدًا ان الحكومة لا تستهدف المواقع الالكترونية المهنية والموضوعية التي تناول قضايا الوطن.

والقانون المؤقت مثار الجدل الاعلامي الجديد الذي صدر قبل ايام تضمن موادا قانونية وضعت المواقع الالكترونية الاخبارية الى جانب المواقع الاباحية والبطاقات الائتمانية والجرعة الاضافية التي اغضبت المواقع الالكترونية الاخبارية ووصفت من قبل ناشري المواقع بانها quot; تشكل خطورة quot; هو ان القانون اجاز لموظفي الضابطة العدلية ضبط الأجهزة والأدوات والبرامج والأنظمة والوسائل المستخدمة في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها أو يشملها هذا القانون والأموال المتحصلة منها والتحفظ على المعلومات والبيانات المتعلقة بارتكاب أي منها.

ومطالب ناشري المواقع ال 28 وضعت في بيان طالب حكومة سمير الرفاعي بسحب القانون والعودة عن كافة الاجراءات التي لجأت اليها الحكومة quot;للتضييق على الحريات في الاردن والتي كان اخرها حجب الصحف الالكترونية الوطنية عن شبكتها الداخلية بذرائع وهميةquot;.
واكد ناشرو بعض الصحف الالكترونية في حديثهم لـquot;ايلاف quot; ان مبررات الحكومة وراء اقرار القانون هو تقيد الحريات الصحافية واسكات صوت الاعلام الحر كما يقول مدير تحرير صحيفة عمون الالكترونية باسل العكور .

اما مدير تحرير كل الاردن علاء الفزاع فيؤكد ان quot;اصدار القانون مقترن بموضوع سياسي لقمع الحركات الشعبية الاحتجاجية واخفاء ما يجري في الداخل الاردنيquot;

واتفق كل من العكور والفزاع ان القانون جاء لتضييق الحريات على الاعلام الالكتروني خصوصًا بعد احتواء معظم وسائل الاعلام المطبوعة حسب قولهما، لكن يعتقد الإثنان وفق قراءتهما الخاصة ان الحكومة تهدف إلى quot;قمع الاعلام واعلان حالة الاحكام العرفية عبر نهجها الحالي في كافة القطاعات بهدف تزوير الانتخابات النيابية والاخلال باجراءات العملية الانتخابية خصوصًا بعد اتساع دائرة المقاطعة من كافة الاطياف الحزبية والشعبية لهاquot;.

من جانبه، نفى الوزير العايد في حديثه لـquot;ايلاف quot; وجود استهداف للمواقع الإعلامية، مؤكدا أن القانون الجديد لا يهدف للتضييق على الحريات الصحفية .ويقول:quot;على الجميع ان يعرف ان القانون وضع من اجل حماية عمل المواقع الالكترونية من او الاعتداء عليها quot;.
مضيفا quot; ان الحكومة ليست ضد المواقع الالكترونية المهنية المسؤولة خصوصًا تلك التي توجه النقد من اجل مصلحة الوطن لأننا جميعًا نعمل في مركب واحد هدفنا مصلحة الوطنquot; .

ومبررات القانون بحسب الوزير العايد جاءت من اجل حماية المعاملات التجارية ليكون غطاء قانوني لحماية الافراد واعمالهم خصوصًا ان المستثمر يبحث عن الحماية القانونية .

اما القراءة القانونية لقانون جرائم انظمة المعلومات المؤقت لعام 2010 بحسب الكاتب السياسي والمحامي محمد الصبيحي فأن الأمر تضمن خطأ قانونيا صريحا وهو وضع المواقع الاخبارية الالكترونية في سلة المواقع الاباحية، ونصوص بطاقات الائتمان والقرصنة في باب الجرائم الالكترونية quot;.طارحًا تساؤلاً هل المواقع الالكترونية التي تفتح المجال للمواطنين الاطلاع على اخر المستجدات من اخبار اجتماعية واقتصادية وسياسية باتت ترتكب جرائم وتوضع في قفص الاتهام من قبل الحكومة الحالية برئاسة سمير الرفاعي .
واما الخطأ القانوني الاخر حسب وجهة نظر ناشري المواقع فهو quot;تكرار كلمة يعاقب في معظم مواد القانون وفرض الغرامات والحبس والتحويل لمحكمة امن الدولة، مشيرين إلى أن الرقابة على المواقع جاءت بطريقة ناعمة تم تمريرها بذكاء من قبل الحكومة.

واخطر مواد القانون يوضحها بحسب الكاتب السياسي والمحامي محمد الصبيحي فهي المادة الثانية والتي تنص على تعريف للعبارات على غرار التصريح، والموقع الكتروني (..) وكذلك المادة المادة الثالثة فقرة (أ) والتي تقول quot;كل من دخل قصدًا موقعاً الكترونيا أو نظام معلومات بأي وسيلة دون تصريح أو بما يخالف أو يجاوز التصريح ، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد على ثلاثة أشهر أو بغرامة لا تقل عن (100) مئة دينار ولا تزيد على (200) مئتي دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين .لكنه يعتقد ان اخطر مواد القانون هي المادة 13 فقرة -أ- والتي تقول:quot;مع مراعاة الشروط والأحكام المقررة في التشريعات ذات العلاقة، يجوز لموظفي الضابطة العدلية الدخول إلى أي مكان يشتبه باستخدامه لارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، كما يجوز لهم تفتيش الأجهزة والأدوات والبرامج والأنظمة والوسائل المشتبه في استخدامها لارتكاب أي من تلك الجرائم، باستثناء بيوت السكن إلا بإذن من المدعي العام المختص قبل الدخول إليها، وفي جميع الأحوال على الموظف الذي قام بالتفتيش أن ينظم محضرًا بذلك ويقدمه إلى المدعي العام المختصquot;.

وبخصوص موقف نقابة الصحفيين من القانون يقول نائب نقيب الصحفيين حكمت المومني ان القانون ليس متعلقًا بالمواقع الالكترونية وجاء جزئية من ضمن باقة مواضيع على الشبكة العنكبوتية .
ويؤكد ان نقابة الصحافيين لن تسمح وضد المساس بالحريات الصحفية في الاردن لذا طلبت النقابة من مستشارها القانوني قراءة القانون لتؤكد فعلاً اذا ما كان يمس الحريات الصحفية وتحديدًا الاعلام الالكتروني.
ويعتقد المومني انه لا يجوز اطلاق احكام متسرعة واتهام الحكومة مسبقا quot;اذ نحن نتنظر الرأي القانوني وحينها نقررquot;.

وفي ظل اجواء التجاذب بين قناعة ناشري المواقع بان الحكومة تستهدفهم وعدم الثقة بالمبررات يقول الفزاع والعكور أن على الحكومة التراجع عن القانون ويقول الفزاع:quot; التراجع يجعلنا نقف الى جانب الحكومة في قراراتها الصائبةquot;
quot;لكن اصرار الحكومة على موقفها كما يقول العكورسيواجه بالتصعيد من جانبناquot;.

ولعل ابرز اشكال التصعيد التي تدرس حاليًّا لدى ناشري وضع صورة الرئيس سمير الرفاعي كترويسه في الصحيفة الرئيسة للمواقع والكتابة عليها quot;عدو الصحافةquot; ،وكذلك اغلاق المواقع ووضع صفحة سوداء احتجاجا على واقع الحريات ،وكذلك تنظيم الاعتصامات في اكثر من مكان .ويأمل العكور عدم توشيح مشروع القانون من الملك عبدالله الثاني بالارادة الملكية السامية كونه يتناقض تمامًا مع حالة الحريات العامة والصحفية النموذجية التي ينادي بها وهو صاحب المقولة المعروفة والتي يعتبرها الصحافيون شعارًا يعملون على هديه quot; حرية سقفها السماءquot;، وفقًا لما يقوله الناشرون.

ولكن يرى اعلاميون اخرون ان حالة الذعر والخوف التي اصابت المواقع الالكترونية جاءت لاعتبارات شخصية ومصالح ضيقة ويتساءل البعض:quot; لماذا تخاف المواقع من سن قانون ناظم للعمل ويحمي الافراد ومصالح الوطنquot;.

ويؤكد هؤلاء انه لا وجود من داعٍ للهواجس والمخاوف، خصوصًا اذا كانت المواقع فعلاً تعمل بمهنية واخلاقيات الصحافة وتنشر بموضوعية ومسؤولية وتنتقد الخطأ من باب الخوف على المصلحة الوطنية وليس من باب المصلحة الضيقة والشخصية .

لكنهم في الوقت ذاته لا ينكرون ان حكومة سمير الرفاعي تتعامل مع الاعلام وفق رؤية خاصة والدليل على ذلك ستضبط ايقاع
المواقع والسيطرة عليها عبر مواد محددة جاءت في هذا القانون .