تتزايد أعداد الطلاب الجامعيين الأميركيين الذين يرغبون في إكمال دراستهم بالدول العربية، وفي مقدّمة تلك الدول، تأتي مصر ولبنان وسوريا والأردن والإمارات. وجاء هؤلاء الطلاب لدراسة اللغة العربية، وكذلك للتعامل مع قضايا ثقافيّة واجتماعيّة ودينيّة تبدو معقدّة بالنسبة إليهم.

القاهرة: تعد صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في عددها الصادر اليوم تقريرًا تبرز من خلاله حقيقة تزايد أعداد الطلاب الجامعيين الأميركيين الذي يرغبون في إكمال دراستهم بالدول العربية، والتي يأتي في مقدمتها مصر ولبنان وسوريا والأردن والإمارات. وتمضي الصحيفة لتقول في مستهل حديثها إن هؤلاء الطلبة جاؤوا لدراسة اللغة العربية، وليست الفرنسية، وكذلك للتعامل مع قضايا ثقافية واجتماعية ودينية أكثر تعقيدًا بكثير عن القضايا الموجودة في إسبانيا أو ايطاليا، على سبيل المثال.

وتُكمل بقولها إنه وفي الوقت الذي قد يتوجه فيه نظراء هؤلاء الطلبة في أوروبا إلى مدينة هايدلبيرغ في ألمانيا لتناول مشروب الخمر خلال عطلة نهاية الأسبوع، فإن الطلبة الأميركيين الذين يدرسون في المنطقة العربية يزورون أماكن، يعرفها معظم الأميركيين من خلال التقارير الإخبارية، مثل الضفة الغربية، وإثيوبيا، وكذلك شمال العراق.

وفي ذلك البرنامج الذي يُطلِق عليه المعلمون quot; أكثر برامج الدراسة بالخارج سرعة من حيث النموquot;، بدأت تتزايد أعداد الطلبة الأميركيين الذي يختارون قضاء الفترة الأولى من حياتهم الجامعية ببلدان عربية مثل تلك الآنف ذكرها، رغبةً من جانبهم في الاحتكاك بالعالم العربي بعيدًا من الحدود ووجهات النظر الأميركية. ووفقا ً لتقرير صدر في شباط/ فبراير من العام الجاري من معهد التعليم الدولي، تلك المؤسسة الخاصة التي لا تهدف للربح وتدير برنامج فولبرايت لحكومة الولايات المتحدة، فقد تزايد عدد الطلبة الأميركيين الذين يدرسون في بلدان ناطقة باللغة العربية بمقدار ستة أضعاف إلى 3399 خلال العام 2007 بعد أن كان 562 العام 2002.

وفي الوقت الذي قد يبدو فيه هذا العدد صغيرًا مقارنة بعدد الطلاب الأميركيين الذين توجهوا إلى المملكة المتحدة العام 2007 وهو العدد الذي يزيد عن 33 ألف طالب، وكذلك الثلاثة عشر ألف طالب الذين أكملوا دراستهم في الصين، إلا أنه يُمثِّل أسرع المناطق نموًّا بالنسبة إلى الدراسة في الخارج على مستوى العالم.

وتشير الصحيفة في هذا السياق إلى أنه وخلال الفترة ما بين عامي 2006 و 2007، تزايدت أعداد الطلبة الأميركيين الذين يدرسون في دول عربية بما يقرب من 60 %، بينما زادت أعدادهم في الصين بنسبة 19 % فقط، وفي إنكلترا بنسبة 1.9 %.

وتتابع الصحيفة حديثها بالتأكيد على أن تلك الأرقام قد تم تعزيزها ببرنامج المنح الدراسية الخاص باللغة، وهو البرنامج الذي بدأته وزارة الخارجية الأميركية عام 2006، وهي مبادرة حكومية تم إطلاقها لتشجيع الطلبة في سن الجامعة على دراسة اللغة العربية، وكذلك اثني عشر لغة أخرى، من بينها البنجابية والأذربيجانية.

وقد لاقى ذلك البرنامج رواجًا كبيرًا منذ أن تم إطلاقه. وتنقل الصحيفة في هذا الإطار عن ليزا أندرسون، العميدة في الجامعة الأميركية بالقاهرة، التي يدرس بها ما يقرب من سبعة آلاف طالب، إنها شهدت بالفعل زيادة في الاهتمام من جانب الطلبة الأميركيين بالمنطقة، وأضافت quot;قبل أحداث الحادي عشر من أيلول / سبتمبر، كان يتراوح عدد الطلبة الأميركيين الذين يدرسون هناك كل عام ما بين 50 إلى 75 طالبًا، مقارنةً بـ 350 طالبًا يدرسون هناك الآن في كل فصل دراسيquot;.

وتواصل أندرسون حديثها بالقول :quot; لكن عليك أن تدرك أن هؤلاء الطلاب ليسوا الأطفالأنفسهمالذين يذهبون للتجول في فرنسا بالدراجات. فكثيرون منهم يفكرون في الحصول على وظائف في منطقة الشرق الأوسط، ربما مع هيئة أجنبية أو مع إحدى المنظمات غير الحكومية. ويمكنني القول إنهم جادون للغاية بشأن تلك المنطقة من العالمquot;.

وانتقلت الصحيفة بعد ذلك لتضرب الأمثلة على هذا التوجه الذي بات يسيطر على تفكير كثيرين منهم، فتحدثت عن طالب يدعى أليكس طومبسون، 21 عامًا، يود أن يعمل يومًا ما في مجال التمويل الإسلامي، حيث نجح في تعلم العربية العامية المصرية. وتبرز كذلك قدوم الطالبين اليهوديين بريان ريفيز، 21 عامًا، وليغ نوسبوم، 20 عامًا، إلى الشرق الأوسط، رغبة ً من جانبهما في استكشاف الجانب الآخر من الصراع العربي - الإسرائيلي والقيام في الوقت نفسه بشحذ مهاراتهما اللغوية.

وبعد لفتها لطبيعة الحياة بالنسبة للمرأة في الشرق الأوسط، وفقًا لما تلمسته طالبات أميركيات من حقائق حول الحياة النسائية في المنطقة، تمضي الصحيفة الأميركية لتنقل عن رانيا المر، منسق الخدمات للطلبة الدوليين بالجامعة الأميركية في بيروت، قولها :quot; في العام الذي تلا الحرب بين إسرائيل وحزب الله العام 2006، شهدنا زيادة فعلية في أعداد الطلبة الأميركيين. ولا سيما أنه خلال فترة الحرب، كان يُفضّل كثيرون البقاء في الجبال مع أسر أصدقائهم من الطلبة اللبنانيين عن العودة للولايات المتحدةquot;.

وفي الختام، تلفت الصحيفة إلى حقيقة تغير الفكرة المأخوذة من جانب هؤلاء الطلبة عن المنطقة، وقالت إنهم ينظرون الآن إلى المنطقة بصورة مختلفة تمامًا. وتنقل هنا عن طالبة تدعى كاثرين باكستر، 20 عامًا، قولها :quot; لن أنظر مطلقًا مرة أخرى إلى أي خبر يتم بثه عن الشرق الأوسط بمثل هذا المنظور أحادي الجانبquot;. في ما تنقل عن أنطوني كليرمونت، 21 عامًا، الذي قضى ستة أشهر في المغرب، قوله :quot; لقد استمتعت حقًّا وأنا أشاهد سقوط جميع أفكاري المسبقة عن العالم الإسلاميquot;.

وقال ريتشارد فروهليشتاين، 21 عامًا، الذي قضى الخريف الماضي في الجامعة الأميركية بالقاهرة: quot;لقد وجدت أني سواء كنت في القاهرة، أو في أسوان، أو في عمان، أو في دمشق، كان يرغب الأشخاص الذين تفاعلت معهم في أن يتحدثوا عن المصالح المشتركة ndash; مثل الأسرة، والرياضة، والموسيقى، والشؤون الاقتصادية ndash; وليس عن الصراعات والخلافاتquot;. وختمت الصحيفة بنقلها عن آنا أولتمان، 21 عامًا، التي قضت فصلاً دراسيًّا في مصر، قولها: quot;في الضراء والسراء، وبالتأكيد ليس عن غير قصد، ربطت أحداث الحادي عشر من سبتمبر بين جيلنا من الأميركيين وبين الجيل المناظر لنا من الشرق أوسطيين. ونحن بحاجة إلى التعرف إليهمquot;.