أثار تأييد باراك أوباما إقامة مسجد قرب موقع برجي مركز التجارة العالمي اللذين دمّرا في اعتداءات 11 أيلول - سبتمبر 2001 في نيويورك، جدلاً شديدًا السبت في الولايات المتّحدةالأمر الّذيحمل الرئيس الأميركي على القيام بتوضيح والتشديد على أنّ المسألة مسألة مبادئ.
بنما سيتي: دافع الرئيس الاميركي باراك اوباما السبت عن التصريحات التي ادلى بها امس بشأن الحقّ في بناء مسجد بالقرب من موقع اعتداءات 11 ايلول - سبتمبر في نيويورك مؤكدًا أنّها مسألة quot;قيمquot; بالنسبة إلى الولايات المتّحدة.
وكان الرئيس الأميركي أثار جدلاً كبيرًا بتدخله للمرة الاولى في هذا الملف المتفجر عندما انبرى مساء الجمعة للدفاع عن حقّ المسلمين في إقامة مسجد بالقرب من موقع quot;غراوند زيروquot; في نيويورك.
وقال الرئيس السبت: quot;في هذا البلد نعامل الجميع على قدم المساواة ووفقًا للقانون من دون أي اعتبار للجنس أو للدينquot; متطرقًا من جديد الى هذه القضية خلال زيارة الى بنما سيتي (فلوريدا، جنوب شرق) حيث أمضى عطلة نهاية الأسبوع مع أسرته لإظهار تضامنه مع سكّان هذه المنطقة التي تضرّرت من البقعة النفطية.
وأكّد الرئيس للصحافيين الذين يرافقونه في فلوريدا: quot;لم ولن أتحدث عن مدى صواب اتخاذ القرار ببناء مسجد هناكquot; بالقرب من موقع برجي مبنى مركز التجارة العالمي اللذين دمّرا في اعتداءات 11 ايلول - سبتمبر 2001.
وأوضح: quot;تحدّثت تحديدًا عن الحقّ المكفول للناس منذ تأسيسquot; البلاد، في اشارة الى دستور الولايات المتحدة الذي يضمن حرية العقيدة، مشدّدا على أنّ quot;هذا ما يعنيه بلدناquot;. وتابع أوباما: quot;أعتقد بأنّه من المهمّ جدًّا، أيًّا كانت صعوبة هذه المسائل، أن نستمر في التركيز على ما نحن عليه كشعب وعلى ما تمثله قيمناquot;.
وجاءت تصريحات أوباما خلال زيارة قام بها السبت إلى خليج المكسيك لتشجيع السياحة في هذه المنطقة التي عانت جرّاء تسرّب النفط أخيرًا، وقد قال حاكم ولاية فلوريدا، تشارلي كرست، لشبكة quot;سي.أن.أنquot; إنّه يدعم توجّه أوباما ولا يرى مانعاً من بناء المسجد في الموقع المقترح.
وأضاف كرست، وهو في الأساس من أعضاء الحزب الجمهوري، ولكنه قرر خوض انتخابات الكونغرس المقبلة بصفة مستقلة: quot;نحن دولة ندافع عن حرية الأديان واحترام الآخر، وأنا أدرك وجود بعض الحساسيات لكنني أرى أن الرئيس أوباما على حقّ، وكذلك فإن ميشيل بلومبيرغ، رئيس بلدية نيويورك (الداعم للمشروع،) على حق أيضاًquot;.
وقالت احدى المنظمات التي تمثل اسر ضحايا هذه الاعتداءات التي اوقعت نحو ثلاثة آلاف قتيل ان الرئيس، بدفاعه الجمعة عن هذا المشروع المختلف عليه، quot;اختار القول ان ذكرياتنا عن 11 ايلول - سبتمبر عفا عليها الزمن وان قدسية موقع غراوند زيرو (موقع برجي مركز التجارة العالمي) باتت من الماضيquot;.
وقالت منظمة quot;اسر ضحايا 11 ايلول - سبتمبر لولايات متحدة قوية وآمنةquot; في بيان: quot;نشعر بالذهول لاستعداد الرئيس للاستهانة بما يجب ان يفخر به الاميركيون: كرمنا حيال الغير في 11 ايلول - سبتمبر، اليوم الذي انتصرت فيه الكرامة الانسانية على الشرquot;.
واضاف البيان: quot;لا احد عاش تلك اللحظة وشعر بالألم للخسارة التي مني بها بلدنا في ذلك اليوم يمكن ان يصدق ان تعريض اسرنا للوعة فراق جديدة يمكن ان يكون بادرة سلامquot;.
وينطوي هذا التدخل الرئاسي على مجازفة سياسية كبرى مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي التشريعية في تشرين الثاني - نوفمبر المقبل حيث انه يتعارض مع غالبية الرأي العام الاميركي. فقد اشار استطلاع للـquot;سي.ان.انquot; وquot;اوبينيون ريسرتشquot; نشرأخيرًا الى أنّ 68 في المئةمن الاميركيين يعارضون بناء هذا المسجد الذي لا يؤيّده سوى 29 في المئة.
ولم تتوان المعارضة الجمهورية عن استغلال هذه الفرصة. فقد اتّهم ممثل نيويورك في مجلس النواب بيتر كينغ الرئيس بأنّه quot;استسلم لآداب اللياقةquot;. واعتبر النائب الجمهوري ان المسلمين quot;يستغلونquot; حقوقهم وquot;يسيئون بشكل مجانيquot; الى الكثيرين بهذا المشروع.
وقال متحدث باسم البيت الابيض ان تصريحات اوباما يوم السبت لا تمثل تراجعًا عن التصريحات التي ادلى بها خلال حفل الافطار.
وقال بيل بورتون للصحفيين في رسالة عبر البريد الالكتروني: quot;الرئيس لم يتراجع بأي شكل عن التصريحات التي ادلى بها الليلة الماضية، ما قاله الليلة الماضية واكده اليوم هو انه اذا كان من الممكن بناء كنيسة او معبد او معبد هندوسي في مكان ما فلا يمكن ببساطة حرمان هؤلاء الذين يريدون بناء مسجد من هذا الحقquot;.
واظهر استطلاع للرأي نشر يوم الاربعاء ان الأميركيين على مختلف اطيافهم السياسية يعارضون بناء هذا المشروع قرب موقع هجمات سبتمبر.
واشار الاستطلاع الى ان نحو 70 في المئة من الأميركيين يعارضون المشروع من بينهم 54 في المئة ديمقراطيون و82 في المئة جمهوريون و70 في المئة مستقلون.
ووصف جون بوينر زعيم الجمهوريين في مجلس النواب الأميركي quot;موافقةquot; اوباما على بناء المركز قرب موقع الهجمات بأنها امر مثير للقلق، وقال: quot;حقيقة ان يكون من حق احد فعل شيء ما لا يجعل بالضرورة ما يفعله هو الصواب، هذه ليست قضية قانونية او حرية دينية او تقسيم مناطق محلية. هذه قضية اساسية تتعلق باحترام لحظة مفجعة في تاريخناquot;.
وقال جاري بوير رئيس جماعة quot;القيم الأميركيةquot; المحافظة غير الربحية ان تصريحات اوباما اظهرت ان الرئيس فقد الاتصال بمواطنيه، واردف قائلا في بيان ان quot;هذا القرار الاخير دليل ايجابي على ان الرئيس لا يفهم قيم ومشاعر الشعب الأميركي ولا سيّما في الوقت الذي ما زلنا فيه في حرب حول العالم مع الجهاديينquot;.
ولكن النائب الديمقراطي جيرولد نادلر الذي تشمل منطقته موقع هجمات سبتمبر أثنى على اوباما.
وقال ان quot;الحكومة ليس لها شأن بتقرير ما اذا كان يجب او لا يجب اقامة دار عبادة للمسلمين قرب المنطقة صفرquot;. مشيرًا الى مكان هجمات 11 سبتمبر.
من جانبه اشاد مركز العلاقات الاسلامية الاميركية، المدافع عن الحقوق المدنية للمسلمين ومقره واشنطن، بتدخل اوباما معتبرًا أنّه quot;سيشجع الذين يحاربون العداء المتنامي للاسلامquot; في البلاد.
وتبدي الكثير من الجمعيات التي تمثل المسلمين الاميركيين قلقها ازاء شعور quot;متنام بالعداء للاسلامquot; مع اقتراب ذكرى 11 ايلول - سبتمبر، التي تتزامن هذه السنة مع عيد الفطر. وطلبت من الشرطة الاميركية تشديد تدابيرها الامنية لتفادي اي اعمال عدائية ضد المسلمين في هذه المناسبة.
ويؤكد انصار المشروع ان quot;بيت قرطبةquot; سيساعد على تجاوز الافكار النمطية المسبقة التي ما زال المسلمون في المدينة يعانون منها منذ اعتداءات 11 ايلول - سبتمبر.
في المقابل يرى معارضو المشروع ان بناء مسجد بالقرب من quot;غراوند زيروquot; يشكل اهانة لذكرى ضحايا هذه الاعتداءات.
وقد اجتذبت خطط بناء المركز بالقرب من المنطقة المعروفة باسم quot;الأرض الصفرquot;، الكثير من الجدل في الولايات المتحدة، خصوصًا بعد أن قال بعض قادة الجالية الإسلامية في المنطقة إن المسجد يمكنه أن يوفر فرصة لتحسين التواصل والعلاقات بين الأديان.
وتأمل مبادرة quot;قرطبةquot; أن تجمع 100 مليون دولار لبناء مسجد ومركز إسلامي مؤلف من 13 طابقاً، ويقدم برنامج حول الإسلام وحوار الأديان والعلمانية وغيرهما.
الجهات المسؤولة في نيويورك تقول إن أي قرار لا يمكنه بالضرورة أن يلغي فكرة إنشاء المسجد أو المركز الإسلامي في المنطقة، خصوصاً أنه لا يوجد قانون يمنع البناء هناك أو يمنع استغلال المباني القائمة والبناء عليها، بمعنى إضافة المزيد من الطوابق إلى مباني قائمة بالفعل.
التعليقات