سلطت وفاة طفلة مصرية بسبب عملية ختان الضوء من جديد على ظاهرة ختان الإناث في مصر، وألقت بمزيد من الشكوك حول فاعلية جهود السلطات في مواجهة هذه العادة المتجذرة من زمن بعيد، ويبدو ان الطريق يزداد تعقيدا يوما بعد يوم لتغيير جميع المواقف نحو هذه الظاهرة والقضاء عليها تماما.
القاهرة: عندما أعلنت السيدة سوزان مبارك قرينة الرئيس مبارك محافظة أسوان مؤخرا أول محافظة مناهضة لهذه العادة، توسم البعض خيرا بهذا النجاح وقالوا ان تكرار نجاح هذه التجربة التي جرت في المحافظة الجنوبية، في أقصى صعيد مصر، سيكون سهلا في المحافظات الأخرى، لكن ما بين حين وآخر تتفجر حادثة جديدة مرتبطة بعملية ختان لطفلة في عمر الزهور .
وعلى الرغم من وجود قانون أقرته مصر في عام 2008 يجرم من يثبت إدانته بتشويه أو بتر الأعضاء التناسلية للإناث وعقابه بمدة تتراوح ما بين ثلاثة أشهر وعامين في السجن وغرامة مالية تتراوح بين 1,000 و5,000 جنيه مصري، إلا أن هذا القانون لم يردع الطبيبة فتحية محمد احمد عويضة من إجراء عملية ختان لطفلة تبلغ من العمر 13 عاما بقرية أبو نشابة البلد في مركز السادات في محافظة المنوفية، انتهت الى اصابتها بنزيف حاد عقب العملية أودى بحياتها وخوفا من العقاب تم دفن الطفلة دون تصريح او استخراج شهادة وفاة لها.
وقد أمر النائب العام فور تلقيه بلاغا من وزيرة الدولة للأسرة والسكان مشيرة خطاب بسرعة مباشرة التحقيقات مع الطبيبة وأمرت النيابة بحبس الطبيبة احتياطيا على ذمة القضية وإحالتها على محكمة الجنايات المختصةrlm;.
الحادث لم يثن الكثير من الخبراء عن اعتقادهم بانحسار الظاهرة نوعا ما في السنوات الأخيرة بفضل الجهود الحكومية والشعبية والتشريعية، لكن اكدوا في الوقت نفسه وجود تحديات كثيرة لا تزال راسخة، على الأخص في المناطق الريفية التي تصر على عدم تغيير موقفها من هذه العادة الموروثة.
وترقى أسباب هؤلاء الريفيين في التمسك بهذه العادة الى مستوى الأساطير والخرافات، حيث يعتقد البعض أن ختان الفتاة رمز لطهارتها وعفتها، ووسيلة لضمان عذريتها قبل الزواج والسيطرة على حياتها الجنسية بعد الزواج.
ولكن التحدي الأكبر، وفقا للخبراء، يتمثل في ان غالبية حالات الختان تتم في البيوت وفي الخفاء، ما يجعل الكشف عن الجريمة امرا صعباً وفي الوقت نفسه يضع تحديات أكبر أمام تفعيل قانون مكافحة الختان .
ويشكك المؤيدون للختان في حملات التوعية والتشريعات لأنهم يعتقدون ان هذه المسألة شخصية ولا يجوز للحكومة أن تتدخل فيها ، كما ان هناك من يرى ان التخلي عن هذه الممارسة quot;مطلب غربي خارجي يهدف الى نشر الرذيلة و الانحراف في المجتمعquot;، وفقا لـquot; إيمان كمالquot; ناشطة حقوقية في هذا المجال في المحافظة ذاتها التي لقيت فيها الطفلة حتفها .
وأوضحت إيمان أن المشكلة أيضا انه على الرغم من إعلان المفتي علي جمعة والبابا شنودة الثالث رفضهم لختان الإناث، الإ ان هناك بعض الدعاة ورجال الدين المحليين يواصلون دعواتهم لهذه الممارسة.
لكن عدد الفتيات المختنات الآن في انخفاض مطرد في بلد حوالى 96 % من نسائه المتزوجات خضعن للختان .
فقد أوضح المسح الديموغرافي الصحي لعام 2008 أن 72 في المئة من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15-30 عامًا خضعن للختان مقارنة بـ 96 بالمائة بين الفئة العمرية نفسها خلال المسح الديموغرافي الصحي لعام 1995 .
وتتوقع أحدث الدراسات الاستقصائية ان حوالى 63 ٪ من بنات مصر بدءا من 9 اعوام واصغر سيتم ختانهن على مدى العشر سنوات المقبلة. بينما الإحصاءات في المناطق الحضرية مثل القاهرة تتوقع اقل من ذلك حوالى40 % فقط. لكن في المناطق الريفية في الجنوب يتوقع أن تزيد الى 78 %. وهي معدلات في كل الحالات تعبر عن نتائج ايجابية وان كانت بطيئة بعض الشيء.
التعليقات