ينزل إلى المكتبات الفرنسية في الأيام القليلة المقبلة كتابان يتناولان حياة زوجة الرئيس الفرنسي، كارلا بروني ساركوزي. الكتاب الأول quot;كارلا وأصحاب الطموحquot; الذي كتب بمساعدتها ويصفها بأنها تحرك زوجها كيفما شاءت والثاني quot;كارلا - حياة سريةquot;، سيرة ذاتية غير مرغوب فيها بحسب المؤلفة بسمة لاهوري.

الفرنسيون، والعالم معهم، محتارون مع صدور كتابين جديدين عن سيرة حياة السيدة الأولى كارلا بروني - ساركوزي. وهذا لأن كلا من الكتابين يقدم موضوعه من زاوية مختلفة وقد تتضارب مع زاوية الكتاب الآخر.

وبالطبع فإن السيرتين تتعرضان لعلاقة كارلا المعقدة بزوجها الرئيس وللمؤسسة السياسية الفرنسية عموما، ولرؤية كارلا نفسها لحياتها. لكن quot;ديلي تلغرافquot;، التي عرضت الكتابين، تعتقد أن ذلك الذي كتب عنها برضاها وتعاونها هو الذي يصوّرها تحت ضوء أقل إيجابية من الآخر الذي لا يد لها فيه.

الكتاب الأول هو Carla et les Ambitieux (كارلا وأصحاب الطموح) الذي كتبه - بأسلوب القيل والقال ولكن بشكل جيد التوثيق - صحافيان ألفّا بعض أكثر الكتب مبيعا من قبل عن سيرتي حياة السيدة الأولى سابقا سيسيليا ساركوزي ووزيرة العدل سابقا وعضو البرلمان الأوروبي حاليا رشيدة داتي. والصحافيان هما ميشيل دارمون وايف ديراي.

وتبعا لهذا الكتاب فإن كارلا تفرض كلمتها فوق كلمة كبير مستشاري زوجها للشؤون الخارجية، وهو دبلوماسي رفيع المستوى، وحاولت مرارا طرده من منصبه. كما حصلت على ملفات من الشرطة وأجهزة الاستخبارات سعيا لتحديد الجهة، أو الجهات، التي أطلقت الشائعات عن خياناتها وخيانات ساركوزي الزوجية.

وتبعا للكتاب فقد رفعت كارلا النقاب ايضا عن تفاصيل محرجة في حديث خاص لها مع سيدة أميركا الأولى ميشيل اوباما. وتبعا لها فقد أخبرتها ميشيل بأنها تكره الحياة في البيت الأبيض. وتعتقد كارلا أيضا أنها ضحية مؤامرة دبرتها رشيدة داتي، طليقة شقيق ساركوزي، وشخص آخر وصفته بأنه quot;عرّافquot; من أجل نشر الشائعات المعيبة عن حياتها الخاصة.

ووفقا لهذا الكتاب أيضا فإن كارلا تغير برنامج زوجها في اللحظة الأخيرة إذا اعتقدت أنه مرهق بالنسبة له، وبغض النظر عن حجم الإعدادات التي سبقته أو عدد الناس الذين سيظلون دهرا في انتظاره. لكن هذه، تبعا لديلي تلغراف، هي الأخبار الطيبة فقط!

ولئن كانت كارلا قد جلست ساعات طويلة مع مؤلفي هذا الكتاب، فقد رفضت حتى مقابلة بسمة لاهوري، مؤلفة الكتاب الثاني عنها وهو بعنوان Carla, une Vie Secregrave;te quot;كارلا.. حياة سريةquot;، ومنعت أصدقاءها ومساعديها من إعطائها أي معلومات. ويذكر ان لاهوري هي مؤلفة سيرة حياة النجم الكروي زيدان الدين زيدان.

ومع ذلك فإن الصورة التي رسمتها هذه المؤلفة عن كارلا تشير الى امرأة ذكية دؤوبة تكرس حياتها لمبادئها ويرجع فضل نجاحها في مهنتها التي اختارتها (كموديل ومغنية) للتفكير المتأني في أهدافها وأفضل كيفية لتحقيق هذه الأهداف.

وفي هذا الكتاب يحيط القارئ علما، ليس عبر كارلا نفسها - كما الحال في الكتاب الآخر - وإنما عبر زملائها ومصوريها ومحرري صحافة الأزياء والوكلاء الفنيين منذ أن كانت في السادسة عشرة من العمر عندما بدأت مهنتها كموديل. ويعلم القارئ أنها كانت دقيقة في مواعيدها ولطيفة المعشر مع الجميع سواء كانوا نجوما أو طامحين في بداية الطريق وراغبة في التعلم وغير متخوفة من الطرق الوعرة والمهام الشاقة.

وتخبرنا المؤلفة بأن كارلا سعت وراء الرجال في حياتها - من أمثال نجوم الروك والبوب إريك كلابتون وميك جاغر - وحتى نيكولا ساركوزي بذلك القدر نفسه من الذكاء والتصميم والعزيمة (ومن هنا جاء وصفها بأنها quot;دون خوان نسائيquot;).

ومع انها كانت تلقي برجل في سلة المهملات من أجل آخر في سلسلة طويلة، فقد استطاعت عبر ذكائها ولطفها الحفاظ عليهم جميعا كأصدقاء، بحيث أن ساركوزي، في منزل عائلتها الريفي، كان يركض مع أحد هؤلاء ثم يركب الدراجة في سباق مع آخر وهكذا دواليك قبل أن يجلس الجميع الى المائدة نفسها.

والشيء نفسه مع سلسلة طويلة من عمليات الجراحة التجميلية. لكن هذا ليس جديدا. فبعدما اختطفت المفكر رافائيل انتوفين تحت بصر زوجته اليافعة في مراكش قبل عشر سنوات، كتبت هذه الأخيرة رواية بشخصية من الواضح أنها تشير الى كارلا، وسمتها quot;المرأة البايونيةquot; في إشارة الى أن أعضاء جسدها quot;مصنّعةquot;.

ويقول مؤلفا الكتاب الأول، ميشيل دارمون وايف ديراي، إنه quot;سياسيquot;. ويبدو أن كارلا اختارتهما بالتحديد بسبب كتابيهما عن سيسيليا زوجة ساركوزي السابقة ورشيدة داتي. وعلى عكس ما حدث مع لاهوري، شجعت كارلا أصدقاءها ومساعديها على التعاون معهما وإعطائهما أي معلومات يريدانها، ولهذا فلا شك في صدق تفاصيل الكتاب. وما لا شك فيه هو أن كارلا نفسها قرأت مسودة الكتاب ووافقت على محتوياته قبل طباعته.

ومع ذلك فهي وزوجها ينظران الآن الى هذا الكتاب بقدر من الندم وصل حد إصدار الإليزيه بيانا ينكر فيه أن تكون كارلا قد وافقت عليه باعتباره سيرة حياتها الرسمية. وطبيعي أن الزوجين - ومعهما الإليزيه - ينظران بغضب الى ما قاله الكاتبان من أنها تفرض كلمتها فوق كلمة كبير مستشاري زوجها للشؤون الخارجية، أو أنها تغير برنامج زوجها في اللحظة الأخيرة quot;وليحدث ما يحدثquot; وهكذا دواليك..

ويصفها الكتاب بأنها quot;يسارية من دون تفكيرquot; دفعت بزوجها لارتكاب خطأين سياسيين مكلفين: الأول هو اختيار فريديريك ميتران ابن أخ الرئيس السابق (الاشتراكي) لمنصب وزير الثقافة. ورغم تعدد مواهب هذا الرجل الكاتب والسينمائي الفنان وأهليته للمنصب، فقد اعترف في كتاب سيرة حياته الذاتية - الذي قرأه الزوجان ساركوزي- بأنه quot;تذوّق طعم الشذوذ الجنسيquot; في زيارة له الى تايلاند. ومع اندلاع الفضيحة والمطالب باستقالته، أجبرت كارلا زوجها على الحفاظ به وهو ما كلّفه خسارة المحافظين التقليديين داخل حزبه.

وسعيا للنصر على السيدة الأولى السابقة سيسيليا، تعمدت كارلا إلقاء الضوء على صداقة جديدة جمعتها بطليقة ساركوزي الأولى، ماري - دومينيك التي أنجبت له اثنين من أبنائه. وكان لهذا أثر كبير عندما حاول ساركوزي، بناء على رغبة كارلا، ترشيح جان (23 عاما) أحد ابنيه من ماري - دومينيك، وهو طالب الحقوق ولكن من دون أي شهادة أكاديمية، ليترأس لجنة تطوير منطقة تجارية في غرب باريس وهو أحد أكبر مشاريع العاصمة التنموية.

ووصف القرار على الفور بأنه quot;محسوبية رئاسية في وضح النهارquot; وتفاقمت الفضيحة بسبب إصرار ساركوزي على عدم التراجع. ورغم أن جان نفسه انسحب لاحقا من المشروع، فقد حدث لساركوزي ما حدث من ضرر. ويلقي الكاتبان باللائمة على كارلا في كل هذا الأمر.

ورغم أن استطلاعات الرأي الفرنسية رفيقة بكارلا حتى الآن، تبقى معرفة الأثر الذي سيحدثه هذا الكتاب الثاني تحديدا. ولئن كان كتاب لاهوري يصورها باعتبارها quot;دون خوان النسائيquot;، فهذا يظل عند الفرنسيين شأنا خاصا. وهذا بالإضافة الى أنه يصور مسيرتها تحت ضوء إيجابي.

لكن كتاب ميشيل دارمون وايف ديراي، الذي كتباه بعونها، يصفها في الإجمال بأنها تحرك زوجها كيفما شاءت وتتدخل بقدر غير مقبول في شؤون الدولة السياسية. فهل يجعلها هذا لدى الفرنسيين quot;كارلا أنطوانيتquot;؟