أثار الإعلان عن تشكيل تيار الانبعاث، والتجديد لخمسة فصائل بعثية تتخذ من دمشق مقراً لها جدلاً ليس بسبب وزنه السياسي الذي قللت من قيمته فصائل بعثية أخرى، وقالت إنه لا يشكل سوى فقاعات لمجموعات صغيرة في الحزب، ولكن لكشف قادتها عن وجود حوارات مباشرة بينها، وبين رئيس الوزراء نوري المالكي، حيث وصف ممثل حزب البعث العراقي quot;جناح سورياquot; أن هذا التيار لا قوة او تأثير له، وانما هو يمثل شخصيات تبحث عن دور سياسي.


محمد رشاد الشيخ راضي

لندن: قال محمد رشاد الشيخ راضي،ممثل حزب البعث العراقي quot;جناح سورياquot;،في مقابلة مع quot;إيلافquot; إن الحكومة العراقية ليست جادة في مسألة المصالحة الوطنية ولكنها تستخدمها عندما تتعرض لبعض الضغوطات الدولية والإقليمية وتحاول كسب الوقت إعتقاداً منها أن عامل الزمن سيكون في صالحها للإنفراد بالسلطة. واشار إلى أن تيار الانبعاث والتجديد الذي أعلن عنه مؤخراً لا تأثير سياسيًا له، ولا وجود لفصائله، مؤكدا عدم وجود أرضية مهيئة حالياً لعقد مؤتمر قطري لتوحيد جناحي البعث العراقي بقيادة عزة الدوري ومحمد يونس الاحمد.. وهنا ما جاء في المقابلة:

أعلنت خمسة فصائل بعثية تقيم في سوريا، وتعمل باسم تنظيم حزب البعث العراقي في الخارج مؤخرا عن تشكيل تيار الانبعاث والتجديد، قال قادتها إن هناك دعوات وجهت لتوحيد صفوف البعث، وهناك إستعدادات لعقد مؤتمر قطري لهذا الغرض.. كيف تصفون علاقتكم مع هذا التيار الجديد، وهل وجهت لكم دعوة رسمية منهم؟

لا يمكن تسمية الإعلان عن تيار الانبعاث والتجديد على أنه إندماج خمسة فصائل بعثية، لأنه لا وجود لمثل هذه الفصائل، ناهيك عن حجم تأثيرها في العمل السياسي، ربما يمكن أن يقال إنه مبادرة من بعض الشخصيات إلى الدعوة لهذا اللقاء لتدارس إمكانية لعب دور في تقريب وجهات النظر بين طرفي النزاع داخل تنظيمات (بعث صدام حسين) جناح (الدوري) وجناح (الأحمد) اللذين كانا شريكين في ارتكاب الجرائم ضد الشعب العراقي طوال خمسة وثلاثين عاماً، واللذين ما زالا يصران على أن ما ارتكب في فترة الحكم السابق كان صحيحاً، وهما غير نادمين، وانما ايضا مستعدان لإعادة التجربة نفسها إذا ما أتيحت للفصيلين الفرصة ثانية.. فما الفائدة من مناشدة مثل هذه القيادات، وهي جزء من المشكلة وليست جزءاً من الحل.. فلا توجد أي إستعدادات لعقد مؤتمر قطري لتوحيد الحزب حسب علمي، ولا أعتقد أن الأرضية مهيئة لمثل هذا المؤتمر، لأنهم لا يختلفون في المنهج، وإنما في المصالح، ومن مصلحة هذه القيادات استمرار الوضع الحالي للحزب.

يصف التيار البعثي الجديد تصفية العديد من القيادات البعثية عام 1979 على يد الرئيس السابق صدام حسين إثر دعوتها لتوحيد البعث في سورية والعراق بأنه مجزرة فهل هناك عمل حزبي مشترك معهم لإحياء المشروع القومي في هذا الإتجاه؟

إن مجازر نظام (صدام حسين) كانت كثيرة واستهدفت كافة القوى السياسية العراقية، وكان حزب البعث العربي الإشتراكي أولى ضحاياه، ومن أوائل القوى السياسية التي تم استهدافها منذ استلامه السلطة في تموز (يوليو) عام1968، فقد تم اعتقالنا ومطاردتنا وإعدام وتصفية الكثير من كوادرنا منذ أيلول (سبتمبر) عام 1968، ومجزرة عام 1979 ماهي إلا تحصيل حاصل لنظام دكتاتوري مارس القتل ضد الآخرين، فما المانع أن يمارسه ضد من يشك بولائه من داخل مؤسسته السياسية؟

هل يعبر هذا التيار الجديد عن حالة الإنشقاقات التي واجهت حزب البعث تنظيم العراق بعد عام 2003، وماهو ثقل هذا التيار وسط المجموعات الحزبية البعثية الأخرى؟

لا يمكن اعتبار هذا التحرك تياراً وإنما مجموعة أشخاص لديهم ربما مهمة تحاول التوفيق بين الأطراف المتصارعة دون الأخذفي الاعتبار التأريخ والنهج والتجربة التي مارسوها طيلة حكمهم والتي جلبت الويلات للعراق وقدمت الذرائع المطلوبة لاحتلاله، لكني لا أعتقد أن مثل هذا الإجتماع سيخرج بأي نتيجة أكثر من المؤتمر الصحافي الذي عقدوه.. فالنوايا شيء وإمكانية تحقيق إنجاز حقيقي على أرض الواقع شيء آخر.

ما هو موقف دمشق من تيار الإنبعاث والتجديد، وهل جاء الإعلان عنه نتيجة لاتفاقات حصلت بعد زيارة المالكي الأخيرة الى سورية؟

لا أعتقد هنالك أي صلة بين هذا الإعلان والقيادة في سورية التي لا تتدخل في مثل هذه الأمور وهي حريصة دائماً على وحدة وسلامة وعروبة العراق، واللقاء الذي تم مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والقيادة السورية كان هدفه تسهيل مهمة تشكيل الحكومة ومساعدة جميع الأطراف على التوصل الى إتفاق بعد أن تأخر تشكيل الحكومة أكثر من ثمانية أشهر حيث لعبت سوريا دوراً مهماً في تقريب وجهات النظر رغم الضغوطات الدولية والإقليمية.

قال قادة تيار الأنبعاث والتجديد إن هناك حوارات مباشرة قد حصلت قبل عام ما بين الفصائل البعثية، ووفد يمثل المالكي.. فما هو مستقبل العملية السياسية في العراق في ظل مشاركة أحزاب بعثية بمسميات مختلفة في العملية السياسية الجارية في العراق؟

لا أعتقد أن الحكومة العراقية جادة في مسألة المصالحة الوطنية، ولكنها تستخدم هذا الموضوع بين الحين والآخر عندما تتعرض لبعض الضغوطات الدولية والإقليمية وتحاول كسب الوقت إعتقاداً منها أن عامل الزمن سيكون في صالحها للإنفراد بالسلطة، ومن المؤسف أنها لم تستفد من تجربة حكم صدام حسين عندما اعتقد أن بإمكانه الانفراد بالسلطة وإبعاد الآخرين عنها، ورغم بطشه وقسوته والإمكانيات المادية الهائلة والدعم الدولي والإقليمي الذي كان يتمتع به لم يستطع تحقيق ذلك، وكانت النهاية معروفة للجميع.

إن العراق لا يحكم بلون سياسي واحد، والمشاركة يجب أن تكون صادقة وحقيقية والمصالحة الوطنية مهمة جداً لاستقرار البلد. إن الصراع على السلطة الذي صاحب الانتخابات البرلمانية الاخيرة وما أعقبها وأتهام شخصيات من القائمة العراقية بأنهم صداميون واجتثاثهم ومنعهم من الترشيح للانتخابات وملاحقتهم قضائياً حتى استقر الأمر وتم استلام رئاسة الوزارة تم التراجع عن كل الاتهامات السابقة وتم القبول بهم شركاء وتبوأوا أعلى المناصب الحكومية، كل ذلك يؤكد أنه صراع على السلطة، وأن المصالح والمواقع هي من يحدد العدو والصديق، وليس المواقف والمبادئ.

هل تتوقعون إجراء تعديل على الدستور العراقي بخصوص الاجتثاث أم انه سيتم تعطيل العمل بالفقرة حول اجتثاث البعث ومنع نشاطه؟

إن موضوع الاجتثاث يتقاطع مع الديمقراطية، ومن يتابع تصريحات بعض المسؤولين العراقيين حول هذا الموضوع يلاحظ مدى التناقض والتخبط في مواقفهم ما يؤشر اما إلى عدم وجود تصور واضح لديهم أو عدم وجود نوايا صادقة لمعالجة هذا الملف. وعلى سبيل المثال فقد صرح القيادي في تيار الإصلاح وعضو التحالف الوطني السيد (فالح الفياض) بتاريخ 31/ 12/ 2010. (إن حزب البعث يسعى إلى تخريب العملية السياسية وإسقاط رموزها وتقويض النظام الديمقراطي ) وفي فقرة أخرى يقول (في الوقت الحاضر ليس لديهم قاعدة في العراق وينبغي أن يبحثوا عن مكان آخر بدل العراق).

كما قال أحمد الشيحاني مستشار المالكي (إن الحكومة لديها مشروع كبير لتنمية المصالحة الوطنية في المستقبل، وهو يشمل حتى أعضاء الحزب الذين لم تتلطخ أيديهم بدماء العراقيين إبان حكم النظام السابق) ويتضح من تصريح السيد المستشار أنه غير مطلع على الخارطة السياسية للمعارضة العراقية، ولا يعرف الفرق بين حزب البعث الذي كان أحد أعمدة المعارضة وبين قتلة الشعب من جماعة صدام حسين، وإذا كان يعرف الفرق فهو غير قادر على تقديم المشورة الصحيحة، كما لم يوضح لنا كم من الوقت سيحتاج لإنجاز هذا المشروع الكبير؟

ومن جهته، أكد علي العلاق النائب عن ائتلاف دولة القانون (إن الحكومة العراقية لن تمارس أمراً محظوراً دستورياً عبر فتح قنوات حوارية مع شيء اسمه حزب البعث ) ثم يقول (إن قنوات الحوار الوطني مفتوحة للشخصيات الوطنية والتي لاتعتبر مشكلة سياسية في البلاد).. وهذه المقولات تذكرني بالمصطلحات التي كان يستخدمها نظام صدام حسين، عندما كان يطرح بين الحين والآخر التعددية السياسية، والمشاركة، ولكنه يضع شروطا تفرغها من مضمونها، لأنه غير صادق فيما يطرح وغير جاد، ويريد الجمع بين الإنفراد بالسلطة وإخضاع الآخرين لسياساته.

أجريتم لقاءات قبل الانتخابات الاخيرة مع مسؤولين عراقيين كبار بينهم الرئيس جلال طالباني ونائبه عادل عبد المهدي اضافة الى رئيس الوزراء نوري المالكي حول دعم العملية السياسية والتعاون للتصدي للإرهاب.. فالى أين وصلت هذه المحادثات؟

نعم لقد التقيت مع هذه الشخصيات إضافة إلى بعض المسؤولين في الدولة والبرلمان، وكان هناك إتفاق حول إيجاد صيغة تسمح بتعديل المادة السابعة من الدستور المتعلقة بحظر نشاط حزب البعث الصدامي ليسمح لحزبنا بالعمل السياسي العلني باعتباره غير مشمول بهذه المادة أصلاً. لكن تغيير موقف الحكومة فيما بعد ربما كان بسبب ضغوطات إقليمية إضافة إلى وجود بعض المستشارين لدى السيد رئيس الوزراء لايتمتعون بالكفاءة المطلوبة ما أدى الى توقف تلك المفاوضات، وما زلنا بانتظار الإنتهاء من تشكيل الحكومة بشكل كامل لمعرفة توجهاتها، وكلنا أمل أن تكون القيادة العراقية قد إكتشفت بعد كل هذه التجربة أن تعطيل المشروع الذي إتفقنا عليه في حينه كان أفضل بكثير مما فرض عليهم بعد ذلك.

هل لديكم أسباب أو شروط معينة تكمن وراء عدم مشاركتكم في العملية السياسية الراهنة في العراق؟

إن الحكومة العراقية غير جادة في مسألة المصالحة الوطنية وهي تستخدم هذه الاتصالات لتمرير الوقت والإدعاء بأنها تبذل جهوداً من أجل التواصل مع القوى المعارضة.. فقد كان هناك وزير للحوار الوطني يتمتع بالمرونة المطلوبة لإدارة الحوار لكنه تم إستبعاده وجمد نشاطه وأوكلت مهمة الحوار الى أحد مستشاري رئيس الوزراء هو (محمد سلمان) ولم يستطع هذا الشخص تحقيق أي تقدم يذكر في هذا الملف.

وقد كنت أتوقع أن توكل مهمة الحوار الوطني في الوزارة الحالية الى شخصية سياسية معتدلة قادرة على التواصل مع الآخرين وتتفهم بأن المصالحة تعني اللقاء في منتصف الطريق، وما زال الأمل يحدونا رغم أن وزارة المصالحة ما زالت بالوكالة، وهذه بداية غير موفقة.

لقد سمعنا عن وفود وصلت الى دمشق مرسلة من الحكومة العراقية للاتصال مع بعض المعارضين هناك ولكن اتصالات هذه الوفود تجري مع عناصر غير مؤثرة في العمل السياسي وهو ما يؤشر إلى عدم جدية الحكومة، فهي تحاول إستخدام بعض الأسماء مقابل إعطائهم بعض الوعود بالحصول على مواقع وهذه الطريقة إستخدمها الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم عندما حاول إبعاد الحزب الشيوعي عن المشاركة السياسية والأتفاق مع (داوود الصائغ ) فذهب داوود الصائغ وبقي الحزب الشيوعي، كذلك عندما حاول صدام حسين إستخدام بعض الأكراد (الجحوش) في مواجهة القيادة الكردية التأريخية فذهب (الجحوش) وبقيت القيادة الكردية في موقعها. وإذا كانت الحكومة العراقية صادقة في موضوع المصالحة الوطنية لاداعي للف والدوران، والأفضل دخول البيوت من أبوابها توفيراً للوقت وحماية للوطن.. ولم يتم الأتصال بنا ربما لعلمهم بأننا نطمح لتقويم العملية السياسية وهم لايرغبون بذلك، والآخرين يعملون لإسقاط العملية السياسية وكافة رموزها ولكن مطلوب الاتصال بهم.

تم وصف زيارة المالكي الأخيرة الى سوريا بأنها زيارة تبديل المواقف وتوقيع اتفاقات مقابل بقائه بعد أن وقفت سوريا الى جانب القائمة العراقية؟

لم تكن زيارة المالكي الى سورية لتبديل مواقف وانما زيارة تصحيح مواقف وتبادل وجهات النظر ورسم آفاق العمل المشترك للمرحلة القادمة. إن سوريا لم تقف الى جانب طرف عراقي ضد طرف آخر، وإن شعور البعض بأنها وقفت مع القائمة العراقية غير دقيق، وهي تقف على مسافة واحدة من الجميع ولما كانت القائمة العراقية قد حازت على الكتلة الأكبر في البرلمان قبل أن تندمج قائمة دولة القانون والأئتلاف الوطني ما ولد ذلك الإنطباع لدى البعض.