إقرأ في إيلاف أيضًا:
المسيحيون العرب غير آمنين وفقاً لأغلبية القراء الكاسحة

أعاد تفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية فتح العديد من الملفات القبطية المسكوت عنها منذ زمن، وأبرزها موضوع بناء الكنائس وترميمها. ويرى الأقباط أنهم يعانون من التمييز في ظل عدم وجود عدد كبير منهم في المناصب القيادية.


إذا كانت تفجيرات كنيسة القديسين في مدينة الإسكندرية مع الساعات الأولى من العام الجديد، قد استهدفت الأقباط في مصر، فإنها لم تسطتع التفرقة بينهم وبين المسلمين، كما أنها عجزت عن خلق حالة من الإحتقان الطائفي، إلا أنها أعادت فتح العديد من الملفات القبطية المسكوت عنها منذ زمن.

ناشطون مسيحيون ومسلمون ينددون بتفجير الاسكندرية خلال تجمع في القاهرة

يعاني الأقباط المصريون الذين لا يتجاوز عددهم في أكثر التعدادات السكانية 15 مليون قبطي، من أصل قرابة 85 مليون مصري، من العديد من المشاكل أبرزها تلك المتعلقة ببناء الكنائس الخاصة بهم وترميمها، وكذلك قانون الأحوال الشخصية، وجميعها قوانين موضوعة داخل quot;برادquot; مجلس الشعب، حيث لم يخرج أي منها إلى النور دون أسباب واضحة، خصوصًا أن هناك العديد من المشاريع لهذه القوانين لكن لم تتم مناقشتها.

لذا يشعر الأقباط المصريون بأنهم قلة، ويعتقدون أنهم يعانون من التمييز ضدهم في ظل عدم وجود عدد كبير منهم في المناصب القيادية، إذ لا يمثلهم سوى إثنين فقط في مجلس الوزراء، ومحافظ واحد من أصل 29 محافظ في مختلف محافظات مصر، بينما نادرًا ما تجد أي قبطي في مناصب الرجل الثاني.

ويحصل الأقباط المصريون العاملون في الوظائف العامة والحكومية على حق التأخير لمدة ساعتين يوم الأحد لأداء الصلاة في الكنيسة، وتحصل مدارس الراهبات المنتشرة في عدد من المحافظات المصرية، على عطلة يوم الأحد بدلاً من يوم السبت. في حين يعتبر يوم الجمعة عطلة في مؤسسات الدولة كافة، وهناك مؤسسات كثيرة تعطل يومي الجمعة والسبت.

تمييز بحق الأقباط

يختلف التوزيع الجغرافي للأقباط، فهم مندمجون في الشارع المصري بصورة كبيرة بحيث لا يمكن تفريقهم عن المسلمين. إلا أن هناك مناطق ذات أغلبية قبطية من أشهرها منطقة شبرا في القاهرة الكبرى، وعدد من محافظات الصعيد خصوصًا المنيا وأسيوط وقنا.

ويسمح للطلاب المسلمين بالدراسة في مدارس الراهبات، وفي المقابل لا يسمح للأقباط بالدراسة في المدارس الإسلامية، وهو ما يعتبره الأقباط أحد المميزات التي يتمتع بها المسلمين دونهم، فضلاً عن انتشار المساجد والزوايا الصغيرة في مختلف الشوارع، بينما عدد الكنائس في أي محافظة محدود ومعروف للقاصي والداني.

كما يواجه الأقباط العديد من المشاكل في ترميم الكنائس أو بنائها لا تواجهها الجوامع، لذا دائمًا ما تجد الكنائس المصرية مصممة بأجود وأفخر الخامات التي تتيح لها البقاء لفترات طويلة. وفي هذا السياق يقول الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي لـquot;إيلافquot; أن هناك quot;مشكلات متعلقة بترميم الكنائس تصل إلى حد إغلاقها خوفًا من إنهيارها على المصلينquot;، مشيرًا إلى أن مدينة قنا التي يتولاها محافظ قبطي توجد بها كنيسة بحاجة إلى ترميم منذ العام 2006، وحتى الآن لم يصدر القرار بترميمهاquot;.

وأكد كيرلس على أن quot;قانون دور العبادة الموحد هو الحل للمشكلات كافة المتعلقة بالفتنة الطائفية والتي تكون غالبيتها ناتجة عن مشاكل متعلقة ببناء الكنائس وترميمهاquot;، لافتًا إلى أن قانون بناء الكنائس الذي تتم معاملة الكنائس المصرية به وضع قبل أكثر من قرن من الزمن.

أقباط ومسلمون في نسيج واحد

مسيحي مصر بمواجهة شرطة مكافحة الشغب أمام كنيسة القديسين في الاسكندرية

ترى الغالبية القبطية ليس على المستوى الكنسي فحسب، وإنما أيضًا على مستوى المواطنين، أن الحكومة المصرية تعاملت بشكل جيد مع الإعتداءات التي تعرضوا لها، خصوصًا أن لديهم قناعة بأن التعزيزات الأمنية التي انتشرت في محيط الكنائس بعد البيان الأول لتنظيم القاعدة كانت موجودة.

ويقول الأنبا مرقص رئيس لجنة الإعلام في الكاتدرائية وأسقف شبرا الخيمة لـquot;إيلافquot; إن الأقباط quot;يعيشون في نسيج واحد مع المسلمينquot;، لافتًا إلى أنهم quot;آمنين على أنفسهم بنسبة 100% وليست لديهم أي مشاكل مع المسلمينquot;.

وأكد مرقص على أنه على الرغم من أن الحادثة الأخيرة تحمل شبهة الطائفية نظرًا لوقوعها أمام كنيسة في توقيت إقامة القداس، إلا أنه لا يعبر عن المسلمين لأن الإرهاب لا يفرق بين المسلم والقبطي. ولفت إلى أن قوات الأمن المسؤولة عن تأمين الكنائس قامت بدورها على الشكل الأكمل حيث قامت بزيادة عدديدها فضلاً عن قيامها بتركيب بوابات إلكترونية لتفتيش الزوار لتأمين الكنائس من الداخل.

وأشار الأنبا مرقص إلى أن quot;التفجيرات الإنتحارية يصعب السيطرة عليها لأن الإنتحاري يسير بشكل إعتيادي في الشارع وسط المواطنين ولا يمكن التنبؤ بما يحمل داخل طيات ملابسهquot;. وشدد على أن quot;الأقباط لا يفكرون في الهجرة من مصر إلى الخارج نتيجة عدم شعورهم بالأمانquot;، موضحًا أن quot;نسبة كبيرة من الشعب المصري لديه رغبة في الهجرة، وإذا نظرت لنسبة الأقباط في المجتمع المصري ونسبة من يريد الهجرة منهم ستجدها نسبة إعتيادية بالنسبة إلى طبيعة البلدquot;.

الوحدة في المحن

يؤكد الأنبا بيمن أسقف قوص ونقادة في لـquot;إيلافquot; أن المسلمين والأقباط في مصر واجهوا الصعوبات والمحن على مر التاريخ، وكانوا يدًا واحدةquot;، لافتًا إلى أن quot;مصر لم ولن تشهد أي نزاعات طائفية، لأن الجميع مؤمن بمقولة: الدين لله والوطن للجميعquot;.

وأوضح الأسقف أن quot;المرجعيات الدينية المسلمة والقبطية دائمًا ما تحثّ على الوحدة، ويظهر ذلك جليًا خلال الأزمات والمحنquot;، مشيرًا إلى أن quot;العلاقات الطيبة بين المسلمين والأقباط ستظل إلى الأبدquot;. من جهته يشير خبير الشؤون الدينية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية نبيل عبد الفتاح إلى أن quot;كل مجتمع عربي يختلف عن الآخر، والظروف الداخلية تختلف من دولة إلى أخرىquot;.

وأوضح أن هناك تراجعًا كبيرًا شهده العالم العربي بصفة عامة في الحضور المسيحي quot;بعدما كان المسيحيون يؤدّون أدوارًا مهمة خلال السنوات الماضيةquot;، مشيرًا إلى أنهم quot;كانوا جزءًا مهمًّا من الحضارة في الوطن العربي ولعبوا أدوارًا حيوية في تطوير الأنظم القائمةquot;.

وحمل عبد الفتاح الغالبية المسلمة مسؤولية حماية الأقلية المسيحية وليس الحكومات، مشيًرا إلى أن هناك محاولات من تنظيم القاعدة لإشاعة الفوضى في البلاد العربية واستهداف الأقليات الدينية مستغلين اهتمام العالم الغربي بوضع الأقليات الدينية حول العالم. وأكد على أن هناك حاجات لنشر قيم التسامح والمساواة والعمل معًا في إطار دولة واحدة لتحقيق أهداف مشتركة.