يفسر مراقبون جزائريون تحدثوا لـquot;إيلافquot;، تراجع زخم المظاهرات في الجزائر، خلافا لما شهدته الجارة تونس، بغياب قوى حزبية ومجتمعية مؤثرّة، ما حال دون تأطير ثورة الغاضبين قبل أسبوع، وجعل انتفاض الشباب المهمّش رهين مجموعات من المخرّبين ومحترفي السرقة الذين عصفوا برهانات الرأي العام المحلي.

في وقت امتنع أكثر من مسؤول حكومي عن الخوض في المسألة رغم الاتصالات العديدة لـquot;إيلافquot;، والتزام أكثر من دائرة وزارية جانب التحفظ، ينبّه quot;حبيب بوخليفةquot; الأستاذ بجامعة الجزائر، إلى أنّ تراجع زخم التظاهرات في بلاده مردود إلى ما نهض به النظام الجزائري على مدار السنوات الأخيرة من تقويض لأحزاب المعارضة الفعلية وتحجيم القوى الحية للمجتمع المدني، وما ترتب عن ذلك من تجريد للمجتمع المحلي من ركائز أساسية لطالما اتكأ عليها في الماضي.

وإذ يشدد بوخليفة على أنّ أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني هي من صنعت الفارق في تونس، من خلال لعبها دورا هاما قلب الموازين لصالح الشعب، فإنّه يؤكد أنّه دون هذا التنظيم المحكم من طرف النخبة لا يمكن إفراز استمرار تكسير الخوف والنهوض ضد الإهانة والقهر وتصنيع نماذج quot;بوعزيزيةquot; يمكنها صنع تاريخ مميّز في المنطقة المغاربية.

وعلى وقع ابتهاج الشارع الجزائري بسقوط بن علي، يلفت بوخليفة إلى أنّ المعادلة تختلف بحكم طبيعة النظام الجزائري الذي يدرك أنّ عائدات النفط تصب لمصلحته، فيما المعارضة شكلية، وينقل على لسان وزير الخارجية الجزائري الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي قوله بشأن من يحكم الجزائر؟ فأجاب:quot;الله أعلمquot;، وهو ما يضفي مزيدا من الغموض، فهل يحكم الجزائر الرئيس بوتفليقة؟ أم جنرالات الظل ؟ أم أناس الظل الذين يحكمون جنرالات الظل، وعليه فإنّ quot;مصيبة الشعب الجزائري هي أنه لا يعلم من يحكمه !، لذلك فأي ثورة برتقالية أو حمراء في بلد يقع تحت مفعول حالة الطوارئ للعام التاسع عشر على التوالي، وما ينجر عنها من غلق للحقل السياسي وقطع للطريق على أي مبادرات خلاّقةquot;.

وبينما أبدى الحزب الإسلامي quot;حركة مجتمع السلمquot; (أحد أضلاع الائتلاف الحاكم) ما حدث في تونس quot;درسا للأنظمة العربيةquot; وتوخى زعيم الحزب quot;أبو جرة سلطانيquot; الحذر في مقاربة ما وقع في الجزائر، يشير quot;كريم طابوquot; السكرتير الأول للحزب الأمازيغي المعارض quot;جبهة القوى الاشتراكيةquot; إلى أنّ النظام الجزائري حتى وإن كان يختلف في بعض جزئياته عن النظام التونسي، فإنّه نجح في تسطيح مجتمعه منذ الذي حصل في العشرية الحمراء، من خلال إبقاء المواطنين مُرتهنين وسط مستنقع معيشي صعب، وتحييد كبار زعماء المعارضة، ولا أدلّ على ذلك مما يسميها quot;مهزلةquot; الانتخابات الرئاسية الأخيرة (أبريل/نيسان 2009) التي شهدت فوز الرئيس quot;عبد العزيز بوتفليقةquot; بولاية ثالثة، إثر مشاركة شكلية لفريق من الموصوفين بـquot;المرافقينquot; الذين لعبوا أدوارا رُسمت لهم بدقة قبل أشهر من ذاك التاريخ، إثر حسم مخابر القرار خيار التمديد لحاكم البلاد.

من جهته، يربط الكاتب quot;أنيس بن مختارquot; انبعاث زخم جديد بتأسيس طلائعي يتجاوز تراكمات الوضع الذي تعيشه جزائر 2011، وما يتصل بها من إنهاك وفشل وابتئاس، وعليه يقدّر بن مختار بأهمية تشكيل هيكل جديد بإمكانه التمهيد لتغيير يمرّ أولا بنشر الفكر التوعوي، وتفعيل مختلف الأطياف والانتماءات السياسية والثقافية، متقاطعا مع المفكر quot;شرف الدين شكريquot; وجزم الأخير أنّ ما تعانيه الجزائر من آلام، علاجها في شعلة شبابية متكاملة التأطير.