يؤكد العديد من الخبراء والسكان في يافا أن إسرائيل تحاول تفريغ المدينة من سكانها العرب وذلك عبر العديد من المخططات التي يجري تطبيقها منذ سنين طويلة، ومنها تحويل الأحياء العربية إلى الطابع اليهودي تحت مسمى التطوير.


يافا: بهدوء وصمت يرافقه حالة من الغضب الشعبي المحلي تشهد مدينة يافا العربية داخل إسرائيل مخططا لتغيير واقع المدينة وطابعها العربي، وتقوم بلدية تل-أبيب/ يافا الإسرائيلية بعملية مبرمجة لتحويل الأحياء العربية فيها إلى حي ذي طابع إسرائيلي بحت. حيث تشكل يافا بالمفهوم الإسرائيلي مكانة خاصة كونها تقع في قلب العاصمة الاقتصادية والمدينة الأكثر ازدهارا في اسرائيل.

فعمدة بلدية تل-أبيب رون خولدائي ومنذ توليه منصبه في العام 1998 يقود حملة واسعة تستهدف قلب معالم المدينة، بمسمى التطوير والذي بموجبه يتم عرض العقارات العربية كسلعة في سوق الاستثمار الإسرائيلية تباع وتشترى، واستجلاب المقتدرين اليهود والرأسمال الإسرائيلي للاستيطان فيها، وذلك ضمن مساعي السلطة الإسرائيلية إلى فرض سيطرتها على معالم المدينة، وتحويلها إلى مدينة إسرائيلية بحتة. بعد أن تحولت أحياؤها العربية إلى مخيم لاجئين تحاصرها تل-أبيب .

تهويد تحت مسمى التطوير

عملية التطوير كما تسميها إسرائيل تأخذ مفهوما آخر بالنسبة إلى المواطنين العرب في المدينة، حيث قد يصل الأمر بالسلطة الإسرائيلية إلى حد طردهم وتشريدهم في عملية تهويد هادئة وبطيئة تزحف على معالم المدينة، ويتم خلالها هدم البيوت ويمنع المواطنين العرب من ترميم منازلهم. وتمتنع عن إصدار تراخيص بناء لهم. مقابل ذلك تقوم السلطات الإسرائيلية بإغراء السكان بمبالغ خيالية لإجبارهم على بيع منازلهم لصالح إقامة مشاريع ومبانٍ سكنية لتوطين اليهود.

فعملية التهويد في يافا تتم عبر مخطط تضييق الخناق على المواطنين الفلسطينيين وحرمانهم من الخدمات وتهميشهم في مسعى لدفعهم إلى ترك الأحياء القديمة طوعا، بالإضافة إلى نزع الهوية العربية عن المدينة وتزييف تاريخها وطمسه وعبرنة كافة معالمها، وسن قوانين على مقاس المخططات الإسرائيلية بحيث تسهل السيطرة على الأوقاف الإسلامية والمسيحية .

حملات تهويد متسارعة ومساعٍ لإقامة أحياء يهودية

مؤخرا شهدت المدينة حملة متسارعة لإدخال المستوطنين المتطرفين إلى أحياء المدينة، وخصوصا بعد عملية فك الارتباط الإسرائيلي الأحادي الجانب عن قطاع غزة في صيف 2005، إذ تقوم جمعيات استيطانية بتكثيف نشاطاتها في المدينة، والتي كان آخرها مصادقة المحكمة العليا الإسرائيلية على بناء مجمع سكاني تقوده جمعية quot;بئموناهquot; الاستيطانية لليهود المتدينين القوميين بمناقصة ارض سوق الجبلية وسط يافا. حيث تقوم بحملة استيطانية إسرائيلية مكثفة لتهويد الأحياء العربية فيها، وكشف النقاب عن قيام بلدية تل-أبيب/يافا، بالعمل على إقرار خطة لبناء 155 وحدة سكنية و400 غرفة فندقية في البلدة القديمة من يافا، بالإضافة إلى 700 مربع مساحة تجارية.

فيما تقوم مديرة أراضي إسرائيل (المنهال) بطرح المزيد من المنازل الفلسطينية التي تعود إلى اللاجئين الفلسطينيين في يافا، للمزاد العلني للبيع بوسائل وطرق مختلفة وتهجير عبر شركة خاصة مملوكة للدولة تجير أموالا وعائدات وأملاك اللاجئين لدعم التهويد واقتلاع جذور الفلسطينيين من يافا.

وتقوم شركات عقارية واستثمارية إسرائيلية وبلدية تل أبيب بتنفيذ مخطط تهويدي غير مسبوق لمدينة يافا بهدف مضاعفة عدد السكان اليهود في المدينة خلال العقد المقبل وتهجير آلاف السكان العرب منها.

سكسك: خولدائي يتعمد تغير واقع المدينة

يشكل المواطنون العرب في يافا/تل-أبيب حوالى 5 بالمائة من مجمل السكان، حيث يعيش ما بين 17-20 ألف عربي في المدينة التي كانت ذات يوم العاصمة الثقافية والاقتصادية والتجارية لفلسطين، وحول ما يجري في يافا، اتهم عضو المجلس البلدي عمر سكسك عمدة بلدية تل-أبيب رون خولدائي بتهويد الأحياء العربية، وقال لـquot;إيلافquot;:quot;نحن اليوم بحاجة فورية إلى ما يقارب 500 وحدة سكنية، لإعطاء حلول لمشكلة الأزواج الشابة التي تسكن مع أهاليها في البيت نفسه. والمشكلة السكنية هي ليست فقط في إيجاد حلول لبناء شقق جديدة، وهي أيضا ما تتعرض له مئات البيوت اليافاوية في ما تعرف بـquot;المستأجر المحميquot; quot;بيوت عميدار- شركة الإسكان الشعبي الإسرائيليةquot; بحيث إن هناك قانونا ينص على أن المستأجر المحمي حتى الجيل الثالث، ونحن اليوم موجودون في الجيل الثالث، ما يعني أن مئات العائلات العربية ستجد نفسها في الشارع، ما لم يتم تعديل القانون، حسب طلبنا من مديرية أراضي اسرائيل.

ويوضح سكسك أن هناك 200 عائلة عربية يوجد لديها استحقاقات بيوت كمساعدة اجتماعية، وقد توجهت بطلب إلى شركة quot;حلاميشquot; لإيجاد حلول لها، لكن لا توجد حاليا بيوت لهذه العائلات حاليا، حيث لم تقم الحكومة ووزارة الإسكان ببناء أي وحدة سكنية لحل مشكلة هذه العائلات، التي تعيش تحت خط الفقر.

وأضاف سكسكquot;: quot;ونحن بدورنا قمنا بتقديم اقتراح للبلدية كونها شريكا في شركة quot;حلاميشquot;، أن تضع حلا لهذه العائلات ضمن مخطط بناء 246 وحدة سكنية في حي أبو كبير، والتي توفر حالا لهذه الشريحة التي تشكل 25 -30 بالمائةquot;.

وتابع: quot;وفي خضم المعركة الانتخابية قلنا انه حتى لو دخلنا المجلس البلدي، لا نتوقع من عضو المجلس البلدي أن يستطيع إيجاد الحلول الفورية للمشاكل المستعصية في يافا، وخصوصا إننا نتعامل مع جهاز له أجندة وفيه بيروقراطية، وسياسة خاصة تتعلق بالمواطنين العرب، ومن يتوقع أن يقوم رئيس البلدية أن يأتي بحلول للمواطنين العرب فهو مخطئ، إذ إن خولدائي يسير حسب خطة مبرمجة تتلاءم مع السياسة الرسمية المتبعة، والهادفة إلى اقتلاع العرب من منازلهم وبيوتهم. وهذه سياسة مبرمجة وخولدائي يدعمها ومن لا يرى غير ذلك فهو إنسان عاجز ولا يرى واقع الأشياء بعينهاquot;.

أبو شحادة: خطر الهدم والإخلاء هاجس يلاحق العائلات اليافاوية

الباحث سامي أبو شحادة اللجنة الشعبية للدفاع عن الحق في الأرض والمسكن قال لـquot;إيلافquot;:quot; تشكل قضية المسكن وسياسات الطرد الإسرائيلية أهم هاجس يلاحق سكان يافا العرب، واليوم هناك 500 عائلة عربية يافاوية تواجه خطر الطرد والترحيل من قبل المؤسسات الإسرائيلية وفي مقدمتها بلدية تل-أبيب/يافا، المندرجة في إطار السياسة العامة للحكومة الإسرائيلية.

تبرر البلدية ملاحقة العائلات العربية لهدم البيوت وإخلاء المواطنين العرب بذريعة عدم توفر تراخيص لازمة للبناء ومخالفة القانون، أو quot;اقتحام وغزو أملاك الدولةquot;. وهي السياسة المبرمجة نفسها لهدم يافا العربية وتحويلها إلى مدينة يغيب عنها تاريخها العربي والوجود العربي فيها.

ويردف قائلا: لا تقتصر قضية المسكن على مئات أوامر الإخلاء والهدم بل تتبع المؤسسة الإسرائيلية سياسة عرض العقارات العربية للبيع ضمن مناقصات وبأسعار خيالية تقوم بها دائرة أراضي اسرائيل quot;المنهالquot;، وهذا الأمر يشكل عامل قلق للعائلات العربية المهددة بالاقتلاع من بيوتها. وبموازاة ذلك تقوم البلدية والحكومة بصورة متناسقة بمنح الأراضي والعقارات العربية للمستوطنين بهدف تشجيع الاستيطان اليهودي في الأحياء العربية اليافاوية.

ويضيف أبو شحادة نضالنا مستمر نتيجة الخطر الذي يهدد استمرار الوجود العربي في يافا بشكل عام، وفي أحياء العجمي والجبلية بشكل خاص بهدف التهويد، ويواجه سكان مدينة يافا ضغوطات متزايدة لترك منازلهم من خلال مجموعة من السياسات العنصرية الإسرائيلية، تمثل بحرمانهم من إصلاح منازلهم، وخصوصاً أن معظم هذه المنازل كانت مسجلة quot;كأملاك غائبينquot; تابعة للدولة بشكل مباشر. ونتيجة إهمال البلدية المتعمد للأحياء القديمة في المدينة، تسبب بانهيار بعض المنازل، وفي بعض الحالات قامت البلدية بهدم عدد آخر من المنازل.

ويلخص أبو شحادة المشهد اليافاوي بالقول: quot;يافا ما زالت منكوبة ولكنها تقاوم كل مساعي التهويد والاسرلة التي تريد فرضها البلدية كواقع في المدينة، وهي بأمس الحاجة للدعم للاستمرار في مواجهة المخططات الإسرائيلية.