واجه قرار المحكمة الاتحادية العراقية بربط الهيئات المستقلة برئاسة الحكومة بدل مجلس النواب معارضة كتلتي التحالف الكردستاني والعراقية التي وصفت الناطقة بأسمها النائبة ميسون الدملوجي في حديث مع quot;أيلافquot; القرار بأنه التفاف على الديمقراطية ونزع لروح الدستور العراقي، وكشفت عن اتصالات بين الكتل السياسية لمواجهة القرار لدى استئناف مجلس النواب لجلساته في الثلاثين من الشهر الحالي، وعبرت عن الخشية من الالتفاف على التفاهمات التي ادت الى انبثاق الحكومة الجديدة.


ميسون الدملوجي

قالت النائبةميسون الدملوجي في اتصال من بغداد اليوم الجمعة إن الكتلة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق أياد علاوي تجد في قرار ربط الهيئات المستقلة برئاسة الحكومة بدلاً من مجلس النواب التفافاً على الديمقراطية وانتزاعاً لروحية الدستور العراقي. وأشارت الى ان الدستور يؤكد على ان النظام في البلاد برلماني ديمقراطي ويحد من الممارسات الفردية في صناعة القرار.

وقالت quot;إن قرار المحكمة الاتحادية يؤكد تحذيراتنا السابقة من خطورة محاولات تسييس القضاء العراقي فهي كانت أصدرت رأياً قبل ذلك منافياً للدستور حول تفسير الكتلة النيابية الأكبر عدداً واليوم تصدر قراراً لا يقل خطورة عن الأول تعطي بموجبها الحكومة صلاحيات أوسع مما نص عليه الدستورquot;.

وشددت على أن هذا القرار لايشكل انقلابًا على الدستور فحسب، وانما على الديمقراطية بشكل عام وعلى مفهوم الاستقلالية.. وتساءلت قائلة: quot;كيف تكون الهيئة مستقلة إذا كان ارتباطها بالحكومة؟quot;. واضافت أن جميع الكتل السياسية تشعر بالقلق ازاء هذا القرار، ومنها الكتل المنضوية في التحالف الوطني الحاكم نفسه.

وقالت quot;أجرينا اتصالات عديدة وهناك رغبة بتنسيق الموقف في البرلمان بعد الانتهاء من مراسيم الأربعينيةquot; واستئناف جلساته في الثلاثين من الشهر الحالي. وحذرت من ان هذا القرار يهئ لديكتاتورية جديدة في العراق.. وقالت quot;لقد تكلمنا عن ظهور هذه البوادر في السابق والأمر أصبح يتقدم بثبات خطوة تلو الأخرىquot;.

وردا على سؤال عما اذا كانت العراقية تعتقد أن هناك محاولات للالتفاف على التفاهمات التي ادت الى انبثاق الحكومة الجديدة بمشاركتها اكدت الدملوجي قائلة quot;نعم نحن نخشى من الالتفاف على اتفاق الشراكة الوطنية في أربيل فالاقصاء والتهميش مازال مستمراً وهناك ثلاث حقائب وزارية من حق العراقية لم يعلن عن أسماء وزرائها وبدون أي تبرير والأجهزة الأمنية غير الدستورية ما زالت تمارس عملها بمعزل عن الوزارات الأمنية، ولم يتم التصويت على هيئة جديدة للمساءلة والعدالة بينما تمارس هيئة اجتثاث البعث المنحلة عملها وكل الوزارات الأمنية يديرها رئيس الوزراء بالوكالة ولم يتم تعيين وزراء أمنيين ليقوموا بمهامها. وقالت quot;هناك مراسلات بين الدكتور أياد علاوي والسيد نوري المالكي بهذا الشأنquot;.

وحول تأخر الاتفاق على قانون المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية اوضحت الناطقة بأسم الكتلة العراقية ان كتلتها تشعر بوجود محاولات لتسويف مسألة انبثاق المجلس والخلاف مازال في بعض التفاصيل. وقالت: quot;نحن نريد لمجلس النواب أن يصوت على رئيس مجلس السياسات إضفاءً للشرعية بينما الطرف الاخر يصر على أن لا يصوت عليه البرلمان وانما يقتصر الأمر على أعضاء المجلس نفسه فحسبquot;.

وعن اسباب رفض رئيس الحكومة نوري المالكي مرشحي العراقية لوزارتي الدفاع فلاح النقيب والكهرباء زياد الذرب اشارت الى انه لم يرفض النقيب لوزارة الدفاع والذرب لوزارة الكهرباء وأنما طالب بمرشحين اخرين لكنه لم يعط تبريراً لذلك. وقالت quot;مرة أخرى أؤكد على اننا نخشى من أن يكون هذا التسويف التفافاً على اتفاق الشراكة الوطنيةquot;.

وفيما اذا كانت العراقية قد رشحت عناصر نسوية لملء بعض الحقائب الوزارية الشاغرة اوضحت الدملوجي ان العراقية رشحت في البداية سيدة لشغل منصب وزير الثقافة ولكن تم رفض الترشيح لأسباب سياسية فجاءت التشكيلة الحكومية المعلنة كالحة وبلا وجوه نسائية واليوم رشحت العراقية سيدة من محافظة بابل لشغل منصب وزير دولة بلا أية مهمة لكن المالكي طالب أيضا بأسماء مرشحات أخريات أسوة بفلاح النقيب وزياد الذرب.

ومن جهته وصف التحالف الكردستاني قرار المحكمة الاتحادية العليا القاضي بتحديد ارتباط الهيئات المستقلة بمجلس الوزراء مباشرة وليس بمجلس النواب بأنه انتقاص من استقلالية عمل هذه الهيئات.

واشار القيادي في التحالف النائب محمود عثمان الى إن quot;قرار المحكمة الاتحادية غير صحيح ومرفوضquot; مشددا على ضرورة quot;بقاء ارتباط تلك الهيئات بالبرلمانquot;. واضاف في تصريح نقلته وكالة quot;السومرية نيوزquot; اليوم ان quot;قرار ارتباط الهيئات المستقلة برئاسة الوزراء غير ناجح وسيفقد وينتقص من استقلالية عمل تلك الهيئات والمؤسساتquot;.

وأكد عثمان أن quot;إصدار مثل هكذا قرار يجب أن يقابله تعديل دستوري لان الدستور ينص على غير ذلكquot;. وأوضح أن quot;الدستور العراقي ينص على ارتباط تلك الهيئات بمجلس النوابquot; داعياً quot;مجلس النواب إلى دراسة هذا الموضوع في أولى جلساته المقبلةquot;.

الهيئات المستقلة وموقف الدستور منها

وتأتي هذه الاعتراضات اثر قرار تخذته المحكمة الاتحادية العليا امس الاول يقضي بارتباط الهيئات المستقلة المشار إليها في الدستور العراقي برئاسة الوزراء مباشرة وليس برئاسة مجلس النواب. وجاء القرار ردا على طلب من مكتب رئاسة الوزراء مقدم إلى المحكمة الاتحادية في الثاني من كانون الأول (ديسمبر) الماضي.

ويشير الدستور العراقي في بابه الرابع تحت عنوان quot;الهيئات المستقلةquot; إلى عدد من الهيئات والأجهزة المستقلة مثل ديوان الرقابة المالية وهيئة الإعلام والاتصالات والهيئة الوطنية لاجتثاث البعث التي حلت محلها الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة كما حدد الدستور طبيعة علاقتها بمجلس النواب أو بمجلس الوزراء.

وأوضحت المحكمة الاتحادية العليا في خطاب رسمي أنه quot;ردا على الطلب الوارد إليها من مكتب رئيس الوزراء بشأن تحديد الجهة التي ترتبط بها بعض الهيئات المستقلة والتي لم يحدد الدستور مرجعية لها سواء مجلس النواب أو مجلس الوزراء وجدت المحكمة أن ارتباط بعض الهيئات المستقلة بمجلس النواب لا يحول دون إشراف مجلس الوزراء على نشاطاتها تطبيقا لأحكام المادة 80 أولا من الدستورquot;. وتنص الفقرة 80/ أولا من الدستور العراقي على أن يمارس مجلس الوزراء أولا تخطيط وتنفيذ السياسة العامة للدولة والخطط العامة والإشراف على عمل الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة.

وأضاف خطاب المحكمة أن quot;باقي الهيئات المستقلة التي لم يحدد الدستور بنص صريح ارتباطها بمجلس النواب أو بمجلس الوزراء وتمارس مهام تنفيذية فإن مرجعيتها تعود لمجلس الوزراء ويكون لمجلس النواب حق تنفيذ الرقابة على أعمالهاquot;.

واشار الى أن quot;ارتباط هذه الهيئات بمجلس الوزراء ضروري طالما أن الدستور لم ينص صراحة على ارتباطها بمجلس النواب وذلك لغلبة الصفة التنفيذية على أعمالهاquot;. واوضحت المحكمة في خطابها أن quot;قرار المحكمة صدر بعد أن تشكلت برئاسة القاضي مدحت المحمود وعضوية عدد من القضاة للبحث والتداول في الطلب المقدم من مكتب رئيس الوزراء في الثاني من شهر كانون الأول من العام الماضي لإيضاح الجهات الرسمية التي ترتبط بها الهيئاتquot;.