الهجرة غير الشرعية تقلق الكثير من دول العالم

يلجأ الكثير من الحكومات في العالم، خاصة في أميركا وبريطانيا وأستراليا، إلى الاستعانة بشركات أمنية خاصة لمكافحة الهجرة غير الشرعية، فيما أصبحت تلك الشركات تجني أموالاً طائلة جرّاء عملها في هذا المجال.


بدأت تزدهر خلال الأعوام القليلة الماضية صناعة عالمية فريدة من نوعها، ألا وهي المتعلقة باعتقال الأشخاص الذين يسلكون طرقاً غير شرعية في الهجرة، بعدما بدأ يتم تأسيس شركات أمن خاصة تعنى بمواجهة تلك الإشكالية، التي تمثل صداعاً في رأس عدد من الحكومات حول العالم، ومنذ ذلك الحينوحجم تلك الصناعة آخذ في الازدياد.

أبرزت في هذا السياق صحيفة quot;النيويورك تايمزquot; الأميركية حقيقة استعانة بعض الحكومات، وخاصة في بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا، على نحو متزايد، بمثل هذه الشركات متعددة الجنسيات لتوسيع نطاق الاعتقال وطمأنة جمهور الناخبين إلى أنهم يطبّقون أشد القوانين، وأكثرها صرامة، بغية التعامل مع تلك المشكلة.

أشارت الصحيفة في الإطار عينه إلى أن بعضًا من هذه الشركات يتميز بضخامته، موضحةً أنها تقوم بتلبية الاحتياجات بصورة أسرع وبأسعار أقل عن شركات القطاع العام. بيد أن اتساع نطاق عمليات الاعتقال بدأت ترافقه تقارير تفتيش لاذعة ودعاوى قضائية وتوثيق لجرائم انتهاك وإهمال واسعة النطاق، كانت مميتة أحياناً.

وقالت جماعات حقوق الإنسان إن الاعتقال لم يسبق له أن عمل كرادع أو وسيلة سريعة للترحيل، كما تعتقد الحكومات، في وقت أبدى فيه البعض تخوفه من احتمالية إنشاء quot;مجمع اعتقال صناعيquot;.

وقال هنا كاي برنارد، الأمين العام لنقابة عمال الاحتجاز في أراضي جزيرة كريسماس الاسترالية: quot;تقوم تلك الشركات بدور جيد للغاية في الكتيب اللامعquot;.

كما تحدثت الصحيفة عن أن السجون الخاصة الموجودة في الولايات المتحدة لطالما أثارت موجات من الجدل. لكن في الوقت الذي توجد فيه دراسات متضاربة بشأن تكاليفها وفوائدها، فإنه لا يوجد أي مقارنات منهجية بالنسبة إلى اعتقال أو احتجاز المهاجرين، وفقاً لما قاله علماء من أمثال ماتيو غيبني، أستاذ العلوم السياسية في جامعة أكسفورد، الذي يتعقب ويتقفى أثر النظم الخاصة بالهجرة.

وتابعت الصحيفة بقولها إن الشركات الخاصة تسيطر الآن على نصف أَسِرَّة الاعتقال تقريباً، مقارنةً بنسبة قدرها 8 % فقط في سجون الولايات والسجون الفيدرالية، تبعاً لبيانات حكومية.

كما تقوم شركات مقاولات خاصة تهدف إلى الربحية بإدارة 7 من أصل 11 مركز اعتقال في بريطانيا، إضافة إلى معظم الأماكن التي يتم فيها التحفظ على المهاجرين لفترات زمنية محدودة.

ثم لفتت الصحيفة إلى أن استراليا كانت أكثر الدول التي استعانت بمصادر خارجية من أجل تطبيق قوانين مكافحة الهجرة غير الشرعية، وأن النتائج هناك كانت أكثر اضطراباً أيضاً.

وفي ظل وجود قوانين احتجاز إلزامية حادة بشكل غير معتاد، ظل يُدار النظام هناك من جانب ثلاث شركات منذ العام 1998، هي GEO Group التي يوجد مقرها في فلوريدا، وشركة G4S الأنجلو دنمركية، ثم أخيراً شركة Serco التي بدأت عملها في عام 2009.

ثم واصلت النيويورك تايمز الحديث عن المشكلات الخطرة، التي ترافق إدارة مثل هذه الشركات الخاصة لمراكز الاحتجاز، مثلما حدث في المراكز التي تديرها شركة Serco من جزيرة كريسماس لفيلاوود خارج سيدني.

وأبرزت الصحيفة في هذا الصدد تصريحات بعض المهاجرين المحتجزين في مركز الشركة في فيلاوود، التي أكدوا من خلالها أن عمليات الاعتقال الطويلة والمفتوحة جعلتهم يصابون بحالة من الجنون. كما تحدثت الصحيفة عن المشكلات النفسية التي لحقت ببعض الأطفال الذين ولدوا هناك، فضلاً عن التكلفة المالية التي تتكبدها الشركة في سبيل رعايتهم.

من جانبه، قال ناطق باسم شركة Serco: quot;نحن على دراية تامة بمسؤولياتنا، ونحن ملتزمون بأن نقدم معاملة إنسانية وعادلة وكريمة لجميع من هم في رعايتنا. وسنستمر في العمل مع عملائنا حول العالم، ونسعى إلى تحسين الخدمات التي نوفرها لهمquot;.

مع هذا، أوضحت الصحيفة أن فقدان أي من تلك الشركات لعقود عمل في هذا الشأن أمر نادر الحدوث، ومن الممكن تعويضه بسهولة في هذا القطاع متسارع النمو.

بينما تقوم شركة G4S بتسليم النقدية للبنوك في معظم القارات، وتدير أمن المطارات في 80 دولة، ولديها 1500 موظفًا في قطاع إنفاذ قوانين مكافحة الهجرة في بريطانيا وهولندا والولايات المتحدة.

ورغم مواجهة الشركة مشكلة ما في العام الماضي في بريطانيا، إلا أن الصحيفة أوضحت أن الشركة ترتبط بعقود حكومية هناك تزيد قيمتها عن 1.1 مليار دولار، وفقاً لما نقلته عن ناطق رسمي باسمها.

في ختام حديثها، نقلت الصحيفة عن ريتشارد هاردينغ، الذي عمل على مدار 10 أعوام كبيرًا لمفتشي سجون منطقة غرب أستراليا، والمعروف عنه عدم اعتراضه على فكرة الخصخصة، قوله: quot;لقد فقدنا السيطرة. لكن مركز اعتقال كورتين (الذي تولت شركة Serco إدارته في المناطق النائية في أستراليا) أضحى اليوم رمزاً للترتيب المعيب الذي سيسير بطريقة غير مرضية بغضّ النظر عن هوية الجهة التي تديره.

وتعتبر تلك الشركات العالمية الكبرى، في ما يتعلق ببعض النشاطات، شركات أكثر قوة من الحكومات التي تتعامل معها على صعيد مكافحة الهجرة غير الشرعيةquot;.