ملف: ستيف جوبز... رحلة رجل غيّر ملامح العالم |
تميّز ستيف جوبز، الرئيس التنفيذي السابق لشركة آبل بالقدرة على اختيار المنتجات البسيطة والأنيقة لإنتاجها في شركة آبل، كما أنه كان يهدف إلى تطوير منتجات ذات أسعار متميّزة وتضمن تحقيق أرباح كبيرة.
توفي ستيف جوبز الأربعاء بعد صراع مع المرض |
ربما جعلت التركيبة الفريدة من نوعها التي تميّز بها ستيف جوبز، الرئيس التنفيذي السابق لشركة آبل الأميركية التي ساهم في تأسيسها، من الصعب تحديد مكانه الصحيح في عالم الأعمال. وهي التركيبة التي كان قوامها حب الظهور والنظرة الثاقبة تجاه التفاصيل والغريزة الموجودة بداخله تجاه استراتيجيات الأعمال.
ورغم أن كمال جوبز الأسطوري وإصراره على بساطة وأناقة منتجات آبل كانت أهم سمات شخص ذوّاق وحسّاس بشأن الجمال، إلا أنه كان يهدف إلى تطوير منتجات ذات أسعار متميزة وتضمن تحقيق أرباح كبيرة. وأكد تقرير نشرته اليوم في هذا الشأن صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية أن السمعة التي حظيت بها آبل في جودة التصنيع الذي لا تشوبه شائبة، بعيداً عن تفوقها الهندسي الممشوق، هو ما جعل الشركة تتميز في ما يتعلق بمسألة الأسعار. وتابعت بقولها إن أجهزة آبل قد تتكلف أكثر، لكنها تعمل في ما يبدو على الدوام. ويكفي أن الهامش الربحي للشركة في آخر عام مالي كان أكثر من 21 ، مقارنةً بنسبة الهامش الربحي التي قدرت بـ 7 % فقط لدى شركة هيوليت باكارد، أكبر منتج للحاسبات الإلكترونية في العالم.
هذا وقد تمكن جوبز، الذي توفي مساء أمس بعد صراع طويل مع مرض السرطان عن عمر يناهز 56 عاماً، أن يدفع بمبدأ quot;القِدم المخطط لهquot; إلى آفاق جديدة. فعمليات التحديث والتجديد التي كانت تقوم بها الشركة سنوياً لمنتجاتها كانت السبب وراء بيع ملايين الوحدات، في الوقت الذي كان يصطف فيه أصحاب أجهزة ماك بوك أو آي فون من أجل شراء النسخة الأحدث، حتى عندما تكون التغييرات الجديدة إضافية.
واللافت، وفقاً لما سبق، أنه وبعد أن تقدم جوبز باستقالته من منصبه في آب/ أغسطس الماضي، عُقِدت مقارنات بينه وبين توماس إديسون وهنري فورد. والحقيقة، كما أوضحت الصحيفة هنا، هي أنه ورغم ظهور اسم جوبز على مئات من براءات الاختراع الخاصة بآبل، إلا أنه لم يُعرَف على أنه مخترع. وعلى عكس فورد، لم يقم جوبز بتطوير نموذج تصنيع ثوري. لكن هذا لا يعني إنكار تاريخه الحافل سابقاً.
وقد رحل جوبز تاركاً وراءه موروثات من بينها تصنيع ما يطلق عليه quot;العامل البشريquot;، وهو عنصر لا غنى عنه عند تصميم الأجهزة الإلكترونية للمستهلكين وتحسين التوزيع وعرض المحتوى الرقمي، لدرجة أنه قام بتعطيل نموذج عمل في مجال الترفيه والمعلومات، استمرّ في بعض الجوانب على مدار عقد، وإظهار أن معايير التصنيع الرفيعة لا تتكلف أموالاً، بل تدرّ أرباحاً. وبوصفه مسؤولا تنفيذيا في عالم التكنولوجيا، دائماً ما كان يرتبط اسم جوبز بشيء جديد في هذا المجال دائم التطور.
إلى هنا، مضت الصحيفة تتحدث عن مساهماته في تطوير عالم الحاسوب وباقي الأجهزة التي تميّزت آبل في تطويرها على مرّ السنين، ثم تحدثت عن حالة التطور فائقة السرعة التي نجح جوبز ورفاقه في تحقيقها وبخاصة خلال العقد الأول من العام الجاري.
ولفتت الصحيفة كذلك إلى النهج الاستراتيجي الذي كان يرتكز عليه جوبز، والذي يتألف من عنصري البساطة والاتساق، وهو النهج الذي سبق له أن أكد أنه سيجذب المستهلكين للتحميلات الموسيقية الرقمية القانونية. وتحدث التقرير ختاماً عن الدروس المفيدة التي خلفها جوبز، والتي لابد أن يستفيد منها كل من يمتلك الفكر والرؤية للعمل في القطاع التكنولوجي، والتي يأتي في مقدمتها المثابرة والسعي لتقديم الأحداث.
وأشار تقرير آخر نشرته الصحيفة في السياق نفسه إلى أن الثورة التي أحدثها ستيف جوبز في تكنولوجيا المستهلكين عملت أيضاً على توفير مبالغ مالية طائلة لمستثمري شركة آبل. وأضاف التقرير أن القيمة السوقية لأسهم الشركة قد زادت من حوالى 5 مليارات دولار في نهاية عام 2000 إلى 351 مليار دولار الآن ndash; وهو ما جعل الشركة ثاني أكبر الشركات الأميركية التي تتداول أسهمها علناً بعد اكسون موبيل.
ومن عام 2000 حتى أيلول/ سبتمبر من العام الجاري، ارتفعت أسهم آبل بنسبة مكافئة لـ 44 % سنوياً، بينما كسب مؤشر ستاندرد أند بورز 500 الممتاز أقل من 0.5 % سنوياً. وفي الوقت الذي لطالما حظيت فيه أسهم آبل بمكانة خاصة، على غرار منتجاتها، فقد استفاد عشرات الملايين من الأميركيين مادياً من نجاح الشركة دون أن يكونوا على علم ربما بالمسألة. وهو ما يعود إلى أن الأسهم تعتبر حيازة شعبية بين كثير من أكبر الصناديق المتبادلة في البلاد. ثم نوهت الصحيفة بأن عودة جوبز إلى آبل كرئيس تنفيذي في أيلول/ سبتمبر عام 1997 تصادفت مع بداية موجة الجنون الخاصة بالدوت كوم. وقد صعدت أسهم الشركة عامي 1998 و 1999، ثم تحطمت عام 2000، في الوقت الذي تعرضت فيه فقاعة التكنولوجيا للانفجار.
وزادت قيمة المبيعات الإجمالية للشركة ثلاثة أضعاف من 9.08 مليارات دولار في الربع الثاني من عام 2009 إلى رقم قياسي قدره 28.6 مليار دولار في الربع الذي انتهى في حزيران/ يونيو الماضي. كما ارتفعت الأرباح من 1.79 دولار للسهم إلى 7.79 دولارات للسهم في نفس المدة. وقال أنصار آبل إن السعر الاسمي المرتفع للأسهم، الذي يقدر بحوالى 380 دولار لكل سهم، يخلق على نحو ظالم صورة فقاعة.
وأوضح المحللون كذلك أنه يتوقع أن تحقق الشركة قيمة قدرها 27.77 دولارا للسهم بالنسبة للعام المالي المنتهي في الثلاثين من شهر أيلول/ سبتمبر الماضي. وهو ما يعني أن الشركة كسبت 83%، بعد أن كان يقدر سهم الشركة بـ 15.15% العام السابق. ويعتقد بعض المحللين أن أسهم آبل قد تراجعت، على صعيد الأرباح، نتيجة الشكوك التي أثيرت بشأن آفاق نمو الشركة على المدى البعيد بعد جوبز.
التعليقات