في الوقت الذي ازدادت فيه المطالب الفئوية والإضرابات على سوء الأحوال الاقتصادية، وشعر العاطلون عن العمل بأن ثورة يناير في طريقها إلى الفشل في تحقيق العدالة الاجتماعية، تخوّف بعض السياسيين والاقتصاديين المصريين من اندلاع ثورة جياع مع وجود بوادر أبرزها البلطجة وأعمال السلب والنهب.

مخاوف حقيقة من اندلاع ثورة جياع في مصر

القاهرة: حذر الخبراء السياسيون والاقتصاديون من التأثير السلبي للإضرابات الفئوية على الإقتصاد، محذرين من ثورة جياع خلال الفترة القليلة المقبلة.

ويرى الخبراء أنالأيام الماضية شهدت العديد من الإضربات التي شارك فيها مختلف الفئات، مثل المعلمين والأطباء وعمّال الشركات، إضافة إلى عمّال النقل العام، مما أدى إلى تعطيل الإنتاج، معتبرين أن تلك الإضربات دليل على سوء الأحوال الإقتصادية.

إستمرار النظام السابق

يقول محمد الأشقر من مؤسسي حركة كفاية لـquot;إيلافquot; إن مصر مقبلة على ثورة جياع خلال الفترة المقبلة، نظرًا إلى أن الحكومة تعاملت مع الشعب بعد الثورة عبر مدرسة النظام السابق نفسهاالقائمة على الكذب والنفاق والخداع.

وأضاف: لم نر تصريحاً صحيحاً وصادقاً ولو مرة واحدةمنجانب الحكومة مما تسبب في أن يكون الشعب في وادٍ والحكومة في وادٍ آخر. وكانت النتيجة خروج المظاهرات الفئوية، والتي تحولت إلى مليونيات، مثلما حدث مع المدرسين، وأصبح الجميعمن مختلف طبقات الشعب يبحثون عن تحسين معيشتهم ودخلهم، الذي تراجع بسبب الثورة، كما يعتقدون.

ويتوقع الأشقر أن تشهد الأيام المقبلة مزيدًا من مظاهرات ثورات الجياع والتي ينتظر خروجها في وقت واحد، كل يبحث عن سد احتياجات المعيشة، وطالب الأشقرالمجلس العسكري بضرورة الصدق والمصارحة مع الشعب وكشف الحقائق كاملةً أمام الرأي العاموتنفيذ مطالب الثورة، مشيراً إلى أن أتباع المجلس العسكري والحكومة وطريقة النظام القديم في إدارة الفترة الانتقالية سوف تؤدي إلى وضع البلاد في مأزق كبير.

الإقتصاد في أزمة

ووفقاً للدكتور يوسف عبد الرحمنالخبير الاقتصادي في جامعة الأزهر فإن الوضع الاقتصادي لمصر في أزمة كبيرة، وأوضح لـquot;إيلافquot; أن حجم الدين الخارجي والمحلي تجاوز تريليون و254 مليار جنيهًاحسب التقرير الشهري للبنك المركزي.

وأرجع عبد الرحمن سبب هذا الارتفاع إلى تأثر الصادرات ووقف عجلة الإنتاج بشكل واضح بعد الثورة، في الوقت الذي تزداد فيه المطالب الفئوية، إضافة إلىأن الحكومة تقوم بالسحب من الرصيد الاحتياطي الأجنبي، الذي وصل إلى 24 مليار دولار، بعدما كان38 مليار دولار، متوقعاً أنه في حال استمرار الأوضاع على ما هي عليه الآن ستوشك مصر على إعلان إفلاسها، وهو ما سيترتب عليه خروج مظاهرات جياع بحثًا عن توفير لقمة العيش وشراء الرغيف.

ودعا عبد الرحمن الحكومةإلى سرعة اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاقتصادية لتجنب المزيد من تدهور الوضع الاقتصادي، وبالتالي خروج ثورات الجياع.

وتابع: نطالب الشعب بالعمل والإنتاج، لكونه الأمل الوحيد في تحقيق مطالبهم في ظل نقص الأموال الكافية الآن لسد المطالب الفئوية.

ثورة جياع

يشير الدكتور سعيد الصاوي أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإسكندرية إلى أن ثورة الجياعتقومفي حالة وجود خلل في العدالة الاجتماعية وإنتشار الحقد الاجتماعي، وأضاف لـquot;إيلافquot; إن ثورة الجياع تقوم في الدول التي تزداد فيهانسب الفقر المقترن بالبؤس.

عن احتمالية قيام ثورة جياع في مصر، يرى الدكتور الصاوي أن هناك مخاوف حقيقية لدى البعض من الخبراء السياسيين الثورجية من حدوث ثورة مجاعة في مصر استنادًا إلى أمرين: الأول هو إحساس الفقراء وأطفال الشوارع والعاطلين بأن ثورة يناير في طريقها إلى الفشل، ولم تحقق أهدافها، وبالتالي ضياع الأمل، والمتمثل في تحقيق عدالة اجتماعية، والتي من أجلها قامت ثورة يناير.

ويلفت إلى أن الأمر الثاني هو شعور فئات مطحونة من الشعب بالضعف، مما يدفعهم إلى القيام بثورة جياع حتى لو كانت عشوائية.

لا ثورة جياع في مصر

رغم ذلكيستبعد الصاويحدوث ثورة جياع، وأوضح أن هناك عوامل أخرى لا يضعها أصحاب الرأى السابق في الحسبان، تحول دون اندلاع ثورة جياع في مصر، أهمها ما حدث في ثورة يناير من تنظيم لجان شعبية، وهذا معناه أن كل مواطن لديه الوسيلة التي تحميه، والأمر الآخر أن هناك مساعدات خيرية تصل إلى الفقراء، لا تعلم عنها الدولة شيئاً، إلى جانب عامل مهم آخر وهو الوازع الديني لدى الشعب المصري.

وعن الربط بين المظاهرات الفئوية وثورة الجياع، يقول الصاوي إنه قد لا يكون هناك ربط بين الاثنين، إذا تمت المظاهرات الفئوية بشكل سلمي وبدون تعطيل لعجلة الإنتاج، وتعاملت الدولة بتجاوب وبوعود تشعر الناس بأن المستقبل أفضل.

وحذّر في الوقت نفسه بأن المظاهرات الفئوية ستكون الشرارة الأولى لثورة الجياع، إذا تعاملت الحكومة معها بمنطق الطناش والاستخفاف بهم.وتحقيق ثورة جياع من عدمها في مصر، وإن كان مستبعدًا من وجهة نظري،إلا أنه مرتبط بمدى الذكاء السياسي، الذي يتمتع به من يدير البلاد، سواء في الفترة الانتقالية أو بعدها.

يرجح الدكتور الصاوي أنيكون إقرار قانون البلطجة وتفعيل قانون الطوارئ يرجع في الأساس إلى إحساس المجلس العسكري والحكومةبوجود بوادر ثورة جياع، من خلال تزايد البلطجة وأعمال السلب والنهب في الشارع، فكان لابد من المواجهة حتى لا يفكر أحد بالقيام بثورة جياع، والتي شهدتها دول كثيرة.

وكانت البداية في الدولة العباسية، وسميت بثورة العبيد، وكذلك ثورة الجياع في كوبا، وثورة إسبرت كورس في الغرب، وكلها قامت بسبب تدهور العدالة الاجتماعية لبعض الطبقات.

وشدد الصاوي على ضرورة اتخاذ الحكومةمجموعة من القرارات، التي تعطيالمواطن الأمل في المستقبل والعدالة الاجتماعية، منها الإسراع في تضييق الهوّة بين الأجور والرواتب.