سرت: سيطر مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي السبت على محور رئيسي في سرت، مسقط رأس الزعيم المخلوع معمر القذافي وأحد آخر معاقله في ليبيا، في حين اندلعت معارك عنيفة بالاسلحة الرشاشة في وسط المدينة، كما افاد مراسل وكالة فرانس برس.

ونجح مقاتلو النظام الليبي الجديد الذين تقدموا من الجهة الشرقية لسرت في ان يستولوا على هذا الشارع الرئيسي الطويل الذي يتحكم بالمدخل الجنوبي للمدينة، وواصلوا تقدمهم باتجاه المواقع التي لا تزال تحت سيطرة الكتائب الموالية للعقيد الفار.

وعاش مراسل وكالة الانباء الفرنسية ليلة على خط الجبهة في سرت. وروى قائلاً: quot;من خلف جدار الحوش المصنوع من الطوب لمستودع متفحم يستخدمونه موقعا متقدما، يشرف مقاتلون quot;ثوارquot; على ارض المواجهة التي توقفت اخيرا، بعد يوم جديد من عمليات القصف الكثيفquot;.

ويضيء القمر البساتين غير المرزوعة والمساكن المتناثرة في الضواحي الشرقية للمدينة المحاصرة.

وتقدمت قوات المجلس الوطني الانتقالي، السلطة الجديدة في ليبيا، من كل الجهات الجمعة: من الغرب والجنوب والشرق، في كماشة ترمي الى ارغام القوات الموالية لمعمر القذافي على الاتجاه نحو البحر، وبات جزء من المعارك يدور في شوارع وسط المدينة.

ويسيطر على الجبهة الغربية متمردو مدينة مصراتة التي حاصرتها قوات العقيد القذافي طويلا. وينتشر في الشرق مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي الذين اتوا من بنغازي، العاصمة التي انطلق منها الثوار في بداية الانتفاضة شرق البلاد. وتتولى قوة مشتركة شن الهجوم من الجنوب.

اما رجال quot;لواء شهداء الزنتانquot; فيسيطرون على مركز واغادوغو للمؤتمرات، وهو مثلث من الاسمنت على شكل حصن صغير، واشد الاماكن تحصينا في جنوب شرق سرت حيث يخوض الموالون المتحصنون مقاومة شرسة.

وقال مقاتل يستخدم رشاشا من نوع بي.كاي.ام quot;اننا نطلق النار عليهم منذ ايام، بالصواريخ والدبابات والمدافع، ولا شيء يتحرك. وبالكاد نخدش الدهانquot;.

واضاف quot;يبدو ان مدافع هاوتزر هي التي تعطي نتيجةquot;، مشيرا بذلك الى قطع المدفعية الضخمة هذه، التي يؤدي قصفها المنتظم من ضواحي المدينة الى اهتزاز الارض في دائرة يبلغ قطرها بضعة كيلومترات.

وقال هذا الجندي وهو ينظر الى السماء quot;اليوم، اطلقوا علينا النار من كل مكان: قناصة القذافي، وكذلك رجالنا القادمون من مصراتة. وصباح غد، سيحصل الشيء نفسهquot;.

وكلما اشتد الحصار على المدينة ازداد تعرض الثوار لنيران رفاقهم الذي ادى الى وقوع اصابات بينهم.

وفي الموقع المستكين، حيث يبدأ الرجال ليلتهم تحت الخيمة او يعدون وجبات الطعام، جاء قائد دبابة من نوع تي-70 يطلب الاذن لاطلاق النار على خزان للماء في وسط المدينة. وحصل على الموافقة. وبدأ اطلاق النار الذي نجم عنه ضجيج رهيب وسحابة غبار كثيفة مشحونة برائحة البارود الذي ينخر الانوف.

واستمر الانكفاء فترة قصيرة. واستؤنفت معارك قريبة متقطعة في المدينة. وانفجرت صواريخ غراد محدثة وميضا ناريا على المباني. واندلعت الحرائق في المدينة الواقعة تحت رحمة القصف، فيما اضاءت موجة طبيعية من الحر الغيوم فوق البحر. ويشعر المقاتلون بالنشوة حيال هذا المشهد الرائع.

وتقطع احلامهم صرخة على جهاز اللاسلكي. quot;قولوا لهم ان يتوقفوا. انهم يطلقون النار عليناquot;. انهم مقاتلو مصراتة مرة اخرى وقد اصابت طلقات مدافعهم المضادة للطائرات عيار 23 ملم مقاتلي quot;لواء ليبيا الحرةquot;.

ويفتح رشاش النار على مركز واغادوغو للمؤتمرات. وقال انصار المجلس الوطني الانتقالي quot;ثمة سيارة على الطريقquot; وهم يشيرون بأصابعهم في الظلمة. ويستحيل رؤية اي شيء، لكن السيارة تنطلق على quot;الجادة التي يسلكها انصار القذافي للوصول الى وسط المدينةquot;.

وفجأة يمزق هدير طائرة هدوء السماء المزدانة بالنجوم. ويسمع انفجار عنيف، وتشعل كتلة من النار جدران مركز واغادوغو. فالحلف الاطلسي شن غارة لتوه استهدفت على ما يبدو موقعا يستخدمه قناص.

وقال مقاتل quot;منذ ايام وانا احاول اصابة هذا القناص القذر، لكنه لم يتحرك. واذا استمر بعد هذه الغارة في اطلاق النار علينا، سأرحلquot;.