اعداد عبد الاله مجيد: تكشف التفاصيل التي عُرفت حتى الآن عن المخطط الإيراني لاغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير عن أن المخطط اشتمل على استهداف إيراني غير مسبوق لأراضي الولايات المتحدة نفسها، وضرب اثنين من أعداء النظام الإيراني في آن واحد، وتصعيد حدة التوتر بين الولايات المتحدة والمكسيك جارتها الجنوبية، كما يقول مراقبون أميركيون.

وأعلنت إدارة الرئيس أوباما جملة عقوبات ردًا على المؤامرة، وهي تدرس خيارات أخرى أمامها لاتخاذ إجراءات اضافية. ودعا محللون الى رد اميركي ذي بعدين على اقل تقدير، هما رد تكتيكي فاعل وتحرك استراتيجي مضاد.

في هذا الشأن تنقل مجلة فورين بولسي عن المحلل كين بولاك أن إيران تعتبر نفسها في حالة حرب مع الولايات المتحدة، وان طهران في حساب خطواتها الهجومية على هذا الأساس ربما لم تعد قلقة من مواجهتها برد اميركي واسع بالأسلحة التقليدية.

في هذه الحالة يكون رد إدارة اوباما بإعلان عقوبات إضافية ضروريًا، لكنه ليس كافيًا. ويتعين على أقل تقدير التفكير في رد عسكري من بين خيارات أخرى في ضوء ما يكشف عنه التحقيق. ولعل من الاحتمالات القائمة توجيه ضربات محدَّدة الأهداف ضد معسكرات تدريب الحرس الثوري الإيراني داخل إيران، بحسب مجلة فورين بولسي، مشيرة الى ان هذا ستكون له أيضًا افضلية أخرى، تتمثل في معاقبة الكيانات نفسها المسؤولة عن مقتل جنود اميركيين في العراق ومد طالبان بالعتاد في افغانستان.

وتؤكد مجلة فورين بولسي أن التبرير لا يتطلب أن يكون مخطط الاغتيال قد نًُفذ فعلاً للإقدام على رد كهذا. وعلى سبيل المثال فإن الولايات المتحدة اكتشفت عام 1993 مؤامرة أعدّها نظام صدام حسين لاغتيال الرئيس السابق جورج بوش الأب، فردت إدارة كلنتون على الوجه المطلوب بضربات صاروخية استهدفت مقر الاستخبارات العراقية في بغداد.

وتبقى هناك تساؤلات عمّا إذا كانت عملية فيلق القدس نالت تفويضًا من أعلى مراجع النظام الإيراني، وخاصة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. ومن الجائز تمامًا ان خامنئي كان على علم بالمؤامرة، ولكن حتى إذا لم يكن على اطلاع بها، وحتى إذا كانت من تدبير quot;عناصر مارقةquot; في فيلق القدس، فإن الرد القوي مبرر، لسبب بسيط، هو ان طهران مسؤولة عن تشكيل الحرس الثوري وتسليحه واسناده، ويجب ان تُحاسب على اعماله ، كما تدعو مجلة فورين بولسي.

لكن هناك اسبابًا عدة يمكن أن تُساق ضد الرد العسكري في هذا الوقت، وعلى الولايات المتحدة ان تحذر من التصعيد غير المبرر والعواقب غير المتوقعة لخطوة كهذه. ولكن خطورة هذا التهديد، وخاصة لجهة ما يكشف عنه في حسابات طهران الاستراتيجية الجديدة بشأن هامش حركتها لاستهداف الولايات المتحدة نفسها، هي خطورة كبيرة بما فيه الكفاية للنظر على الأقل في امكانية الرد العملي.

ولعل الأهم من ذلك هو البعد الاستراتيجي للرد الاميركي، وهنا ينبغي ان تُعطى الأولوية الى استخدام هذا الحادث لقلب اتجاه الزخم الاستراتيجي ضد ايران. وإذا كانت هناك حاجة الى دليل آخر يؤكد ضرورة منع النظام الايراني من تطوير قدرات تسلحية نووية فان هذا الدليل توافر الآن.
ويتعين ان يشمل التحرك الاستراتيجي الاميركي المضاد ترميم العلاقة المتوترة بين الولايات المتحدة والعربية السعودية، وإعادة تركيا الى الاصطفاف إلى جانب الولايات المتحدة ضد ايران، وتشديد الضغط متعدد الأطراف على نظام الرئيس السوري بشار الأسد حليف ايران، وتعزيز الدعم الاميركي لحكومة كالديرون المأزومة في المكسيك، والقيام بمجهود جديد لتعبئة الضغط الصيني والروسي ضد ايران على جبهات متعددة، بحسب مجلة فورين بولسي.

وكان الفيتو الصيني والروسي المزدوج ضد قرار مجلس الأمن الدولي حول سوريا في الاسبوع الماضي لمصلحة ايران بقدر ما كان لمصلحة نظام الأسد.

وتكشف المؤامرة الجديدة التي استهدفت العاصمة الاميركية نفسها أن إيران تمادت في غيّها، بحيث إن سياسة روسيا والصين في اللعب على الحبلين لم تعد سياسة صالحة. وتحذر مجلة فورين بولسي قائلة إن على بكين وموسكو أن تدركا الآن أن أي دعم أو غطاء آخر تقدمانه لطهران سيكون بمثابة موقف مباشر ضد المصالح الأساسية للولايات المتحدة وأمنها.