أسرى فلسطينيون في سجن إسرائيلي

تترقب عائلة الأسير الفلسطيني المسيحي كريس البندك إطلاق سراحه بفرح وغضب، إذ لن يتسنى لها لقاء ابنها والاحتفال به كبطل، لأنه سيبعد إلى غزة، التي تعزلها إسرائيل عن العالم، ولا تسمح لسكان الضفة والقدس بالتوجّه إلى القطاع المحاصر.


بيت لحم: فرحة ممزوجة بالقلق تعيشها عائلة الأسير الفلسطيني المسيحي كريس البندك (32 عامًا) من كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح، فهو سيتحرر، لكنه سيبعد إلى غزة، ولن تتمكن عائلته من رؤيته لأن إسرائيل لا تسمح لسكان الضفة والقدس بالتوجّه إلى القطاع المحاصر.

وقالت أليس البندك (70 عامًا) عمّة كريس quot;نحن فرحون لأنه سيتحرر من السجن الثلاثاء، ولكننا نشعر بالغضب لأن إسرائيل تريد أن تحرمنا فرحة لقاء أسرانا والاحتفال بهم كأبطالquot;.

واضافت لوكالة فرانس برس quot;تريد إسرائيل حرمان الأسرى فرحة عناق أمهاتهم وأولادهم وزوجاتهم وأخوتهم، وتريد أن يتشرب الفلسطينيون مرارة الفراق عندما تبعدهم الى غزة، التي تعزلها عن العالم، ولا تسمح لنا بالوصول اليهاquot;.

وتفرض الدولة العبرية حصارًا على قطاع غزة منذ حزيران/يونيو 2007.

ومن المقرر أن تفرج إسرائيل عن 1027 أسيرًا فلسطينيًا مقابل الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط على مرحلتين، الأولى يتوقع أن تبدأ الثلاثاء، والثانية بعد شهرين.

وتابعت أليس quot;نحن نخاف على كريس وكل السجناء من الغدر الإسرائيلي والانتقام منهم وتصفيتهم في قطاع غزة أو في الخارجquot;.

وأوضحت أن quot;الإبعاد والفراق مثل السجن. خلال تسع سنوات من سجن كريس لم تسمح لي إسرائيل بزيارته مرة واحدة، ويا فرحة ما تمت، كنا نريد ضمه وتقبيله، اشتقنا إليه، أردنا تزويجه والفرح بهquot;.

وكريس البندك فلسطيني مسيحي ينتمي إلى طائفة الروم الارثوذكس، ولد في مدينة بيت لحم، ونشأ وترعرع في كنف خالته فكتوريا لفقدانه المبكر لوالدته ووفاة والده صغيرًا.

كان عضوًا ناشطًا في خلايا كتائب شهداء الأقصى خلال الانتفاضة الثانية العام 2000، وشارك في قتال الجيش الإسرائيلي عند اجتياحه مدينة بيت لحم في نيسان/إبريل 2002، ولجأ إلى كنيسة المهد مع رفاقه المقاتلين، حيث حوصروا، ثم تمكن من التسلل منها مع عدد من رفاقه.

لكنه اعتقل في كمين نصبته له الاستخبارات الإسرائيلية في 6 شباط/فبراير 2003، وصدرت بحقه أربعة أحكام بالسجن مدى الحياة، بعدما اتهمته النيابة الإسرائيلية بإطلاق النار على مستوطنة في حي جيلو في القدس، والتسبب بمقتل ثلاثة إسرائيليين من المستوطنة.

وقال شقيقه خضر (33 عامًا) بحسرة quot;للأسف لا نستطيع الوصول إلى غزة، لو أبعد إلى تركيا، لكنا نستطيع السفر إلى هناك. أما إلى غزة فممنوعquot;.

وتدارك quot;رغم ذلك سنقيم له احتفالاً كبيرًا في مدينة بيت لحم عند تحريرهquot;.

واضاف خضر quot;سمحت لي إسرائيل بزيارته في سجنه ثلاث مرات فقط، الزيارة قاسية جدًا، وكنت أرجع متضايقًا ومتعبًا، كنا نراه من خلال زجاج ونتحدث معه عبر الهاتفquot;.

وقالت عمته ندى سعادة بندك (68 عامًا) quot;زرته آخر مرة في أيلول سبتمبر/الماضي، فوجدته هزيلاً وسألته: لماذا ضعفت هكذا؟ فأبلغني أنه صام رمضان مع رفاقه في السجن، وقال quot;إنهم إخوتي في كل شيء، ونحن نتشارك في أفراحنا وأحزانناquot;.

واضافت quot;كان يطبخ للسجناء، وفي كل مرة كنت أزوره كان يسألني عن وصفات وأكلات ليطبخها لهمquot;.

وذكرت بوفاة خالته فكتوريا، التي ربته، فيالعام الماضي، وقالت quot;كانت روحها متعلقة بكريس، وفي آخر مرة زارته كانت مريضة، وعلى كرسي نقال، وكانت الزيارة مؤثرة، سيخرج ويفتقدها كثيرًاquot;.

وتدخلت إحدى قريباته قائلة quot;نحن قلقون على حياة كريس من الاغتيال الإسرائيلي ومن المجموعات الإسلامية الصغيرة المتطرفة في القطاع لكونه مسيحيًاquot;.

إسرائيل وحماس تستعدان لعملية تبادل أسرى غير مسبوقة

وعملت اسرائيل وحركة حماس الاحد على إتمام التحضيرات الأخيرة تمهيدًا لعملية تبادل أسرى غير مسبوقة مقررة الثلاثاء بينهما، تتسلم إسرائيل بموجبها الجندي جلعاد شاليط المحتجز في غزة منذ اكثر من خمس سنوات، مقابل مجموعة أولى تضم 477 أسيرًا فلسطينيًا.

ونشر الطرفان بشكل متزامن قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم، وبينهم 27 امراة.

وستفرج إسرائيل لاحقًا في غضون شهرين عن مجموعة ثانية تضم 550 أسيرًا فلسطينيًا، بموجب اتفاق تم توقيعه الثلاثاء بين إسرائيل وحركة حماس الحاكمة في قطاع غزة.

وبإطلاقها سراح 1027 معتقلاً، وافقت إسرائيل على دفع الثمن الأعلى نسبيًا حتى الآن لاسترجاع جندي واحد.

وكانت الدولة العبرية افرجت في ايار/مايو 1985 عن 1150 اسيرًا فلسطينيًا مقابل ثلاثة عسكريين إسرائيليين.

ومن بين الأسرى الذين سيفرج عنهم نائل البرغوثي المسجون منذ العام 1978، وأول امرأة في الجناح العسكري لحركة حماس أحلام التميمي، التي حكم عليها بـ16 عقوبة مؤبد لتنفيذها عملية في مطعم في القدس الغربية أسفرت عن مقتل 15 إسرائيليًا في التاسع من اب/اغسطس 2001.

وكان المفاوض الاسرائيلي ديفيد ميدان موجودًا الاحد في القاهرة لتسوية آخر تفاصيل عملية التبادل، وابلغ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بها لدى عودته الاحد.

وقال نتانياهو في بيان quot;ستكون المهمة أنجزت عندما سيعود جلعاد شاليط حيًا وفي صحة جيدة إلى أسرتهquot;.

واكد عاموس جلعاد المسؤول الكبير في وزارة الدفاع أن quot;الاتفاق نهائي، ولن نقبل بأي تغييرquot;، في إشارة الى مصير الأسيرات الفلسطينيات الثماني غير المدرجات على القائمة.

وقال مدير مجلس الامن القومي الجنرال يعكوف اميدرور quot;يفترض أن يجري كل شيء طبقا للتوقعات، الا اذا تدخلت المحكمة العليا أو قام طرف ما في غزة بأعمال استفزازيةquot;.

وسيتيح نشر هذه اللائحة المجال أمام افراد او منظمات لرفع طعون في الافراجات امام المحكمة العليا الاسرائيلية ضمن مهلة قانونية من 48 ساعة وقدمت طعون عدةمنذ الجمعة.

ولم يسبق ان طعنت المحكمة العليا الاسرائيلية بأي اتفاق تبادل أسرى أبرمته الحكومة.

ومن أصل الأسرى الـ477 الذين سيتم الافراج عنهم، سيسمح لـ131 فقط بالعودة الى منازلهم في الضفة الغربية، على أن تفرض قيود على حركة نصفهم.

في المقابل، سيتم ترحيل مجموعة مؤلفة من 203 فلسطينيين من الضفة الغربية، 145 منهم الى قطاع غزة، و40 الى الخارج، في دول لم يعلن عنها بعد. وسيرغم 18 آخرون على الإقامة في غزة لثلاث سنوات.

وسيسمح لستة من عرب إسرائيل بالعودة الى عائلاتهم، فيما يسمح لـ25 اسيرة بالعودة الى منازلهن في غزة والضفة الغربية والقدس. أما الأسيرتان المتبقيتان، فستنقلان الى الاردن وغزة، بحسب ما اعلنت وزارة العدل.

وتسلم الرئيس شيمون بيريز مساء السبت ملفات عدد من المعتقلين الفلسطينيين، الذين يفترض أن يصدر عفو عنهم في إطار صفقة تبادل الاسرى.

وذكرت اذاعة الجيش الاسرائيلي ان ادارة السجون باشرت الاحد جمع معظم المعتقلين الفلسطينيين في سجن كتسيعوت (جنوب إسرائيل).

ونقلت الأسيرات صباح الاحد الى سجن هشارون في شمال تل أبيب لإجراء فحوص طبية وعملية تثبت من الهويات.

وبحسب الاذاعة، فان جلعاد شاليط (25 عامًا) الحامل الجنسية الفرنسية أيضًا سينقل بعد تسلمه من قطاع غزة، حيث هو محتجز منذ حزيران/يونيو 2006، الى مصر، قبل إعادته إلى إسرائيل في مروحية.

وستحط المروحية التي تنقل جلعاد شاليط في قاعدة تل نوف التابعة لسلاح الجو في جنوب إسرائيل، حيث يكون في استقباله والداه نوعام وافيفا ونتانياهو ووزير الدفاع ايهود باراك ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال بيني غانتس. ولن يسمح للصحافيين بالدخول الى القاعدة.

بعد ذلك ينقل جلعاد شاليط، الذي سيعتبر تلقائيًا مصابًا باضطرابات الضغط التالي للصدمة، إلى منزله في بلدة ميتسبي حلا في الجليل الأعلى (شمال).

وحذر والده من أي احتفالات قبل الأوان، مؤكدًا quot;لم يتم الأمر طالما انه لم ينتهquot;.