يتوقع محللون ان تتجه إيران نحو المزيد من الإحباط وعدم الإنتظام في ظل التغيير السياسي الذي يجتاح المنطقة والصراعات حول برنامجها النووي الذي يتعرض للتعثر والنكسات. ويشير بعض المسؤولين الأميركيين إلى أن المؤامرة المزعومة لاغتيال السفير السعودي تؤكد حالة الفوضى وسط النخبة الإيرانية الحاكمة.

يرى محللون اتجاه البرنامج النووي الإيراني نحو التعثر والانتكاس

بيروت: يرى خبراء ودبلوماسيون غربيون أن البرنامج النووي الايراني في حال من التعثر، لا سيما بعد الهجوم الإلكتروني الذي تعرضت له المنشآت النووية في ايران العام الماضي، وفي ظل الأداء الضعيف ونقص المعدات وقطع الغيار، وزيادة الضغوط الدولية.

وتحدثت صحيفتا الـ quot;واشنطن بوستquot; والـ quot;فورين بوليسيquot; عن الانتكاسات الجديدة التي يعاني منها البرنامج النووي الايراني، في الوقت الذي تواجه فيه ايران ضغوطا دولية متزايدة، بما في ذلك مزاعم بأن المسؤولين الايرانيين دعموا محاولة لقتل دبلوماسي سعودي في واشنطن.

ويقول محللون إن ايران تتجه نحو المزيد من الإحباط وعدم الإنتظام في ظل التغيير السياسي الذي يجتاح المنطقة والصراعات حول برنامجها النووي.

على الرغم من أن إيران تواصل تخزين اليورانيوم المخصب في تحدٍّ لقرارات الأمم المتحدة، صدر تقريران جديدان حول البرنامج النووي للبلاد الذي يعاني العديد من المشاكل فيما يناضل الخبراء والعلماء لإبقاء المعدات القديمة قابلة للاستخدام.

في مجمع ايران النووي الأضخم حجماً، بالقرب من مدينة ناتانز، تعمل أجهزة الطرد المركزي بسرعة على تصنيع اليورانيوم المخصب. غير أن متوسط الإنتاج يتناقص باطراد بسبب انهيار المعدات، وفقاً لتحليل البيانات التي تم جمعها من قبل المسؤولين النوويين للامم المتحدة.

وتعهدت ايران استبدال الأجهزة القديمة بنماذج أكثر سرعة وكفاءة، لكن أجهزة الطرد المركزي التي استقدمت مؤخراً إلى ناتانز تحتوي على أجزاء مصنوعة من نوعية من المعدن الضعيف والأكثر عرضة للفشل، وفقا لتقرير صادر عن معهد العلوم والأمن الدولي، وهي مجموعة غير ربحية في واشنطن معروفة على نطاق واسع في تحليل البرامج النووية.

وقال ديفيد أولبرايت، رئيس المعهد والمفتش السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية: quot;من دون شك، هناك انتكاسات في البرنامج النووي الايرانيquot;، وأضاف: quot;على الرغم من أن المشاكل ليست قاتلة لطموحات ايران النووية، إلا انها أضرّت بقدرة إيران في الحصول على موقع في صفوف القوى النووية في العالمquot;.

وخلص مسؤولو المخابرات الاميركية إلى أن قادة رجال الدين في ايران يسعون إلى امتلاك القدرة التقنية على وجه السرعة لتصنيع اسلحة نووية، على الرغم من إصرار ايران على ان نواياها النووية سلمية، ولا توجد مؤشرات تدل على التزام كبار المسؤولين لصنع قنبلة نووية.

ويعتقد دبلوماسيون غربيون وخبراء نوويون أن النكسات العديدة التي تعرض لها البرنامج النووي أحبطت المسؤولين الإيرانيين وأغضبتهم، لا سيما الهجمات القاتلة على العلماء النوويين الايرانيين، إذ قتل أربعة منهم على يد مهاجمين مجهولين منذ العام 2007 ، ونجا خامس من الموت بأعجوبة في محاولة تفجير سيارة.

ويشير بعض المسؤولين الأميركيين إلى أن المؤامرة المزعومة لاغتيال السفير السعودي لدى واشنطن، تعبر عن حالة الإحباط والفوضى التي تسود في أوساط النخبة الحاكمة في ايران في ظل الاضطرابات الداخلية وزعزعة استقرار حلفاء ايران العرب، وتحديداً الرئيس السوري بشار الاسد.

وقال مسؤولون اميركيون إن محاولة الاغتيال المزعومة تم تنفيذها عبر عناصر من قوة القدس الايرانية، وهي مجموعة سرية شبه عسكرية، لكن ليس من الواضح ما إذا كان قادة الأمة الكبار على علم بالخطة أو وافقوا على تنفيذها.

سعت إدارة أوباما إلى استخدام الكشف عن المؤامرة المزعومة لحشد دعم دولي لفرض عقوبات أكثر صرامة وغيرها من التدابير للحد من سعي ايران الى ان تصبح قوة نووية.

في طهران، قال مسؤولون اليوم الاثنين انهم على استعداد للتحقيق في مزاعم الولايات المتحدة بأن قوة القدس خططت لقتل السفير السعودي عادل الجبير. وقال وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي في حديث لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية: quot;نحن مستعدون للتحقيق في أي قضية بصبر، حتى لو كانت ملفقة. وطلبنا من أميركا أن تعطينا المعلومات المتعلقة بهذا السيناريوquot;.

وفي مقابلة مع قناة الجزيرة الانكليزية يوم الاثنين، قال الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد إن إدارة أوباما لفقت هذه الادعاءات لصرف الانتباه عن مشاكلها الاقتصادية الخاصة، مشيراً إلى انه quot;سيتم الكشف عن الحقيقة في النهايةquot;.

انخفاض حاد في الانتاج

وتعتمد الدراسات حول برنامج ايران لتخصيب اليورانيوم على البيانات التي جمعها مسؤولون في الامم المتحدة الذين يجرون عمليات تفتيش منتظمة لمنشآت ايران لضمان ان الامة لا تحول المنتج المخصب إلى برنامج لتصنيع الأسلحة العسكرية.

واظهرت تقارير المفتشين انخفاضاً حاداً في الانتاج في عام 2009 و 2010 ، الأمر الذي يعتبر مؤشراً لفشل المعدات الرئيسة بسبب فيروس quot;ستكسنتquot; الالكتروني الذي هدف إلى مهاجمة وتعطيل الآلاف من أجهزة الطرد المركزي من الجيل الأول في ناتانز، من أجل إضعاف قدرة إيران على صنع قنبلة نووية. ويعتقد العديد من الخبراء أن اسرائيل هي التي أطلقت هذا الفيروس، وربما بمساعدة الولايات المتحدة، لكن لم تعترف أيّ من الدولتين بضلوعها في الأمر.

استبدل العلماء الايرانيون اكثر من 1000 من الآلات المعطلة والمشلولة، وبدأ بعدها مفاعل ناتانز بالعمل بسرعة، وارتفعت معدلات الإنتاج لتجاوز مستويات ما قبل الهجوم. ومع ذلك، فإن المكاسب لم تدم، وفقاً لتحليل أجري من قبل معهد العلوم والأمن الدولي.

وعلى الرغم من أن إيران نجحت في إنتاج اليورانيوم المخصب بمعدل ثابت، إلا أنها تحتاج الى المزيد من اجهزة الطرد المركزي لإنتاج كمية من اليورانيوم المخصب التي تساوي الكمية التي كانت تنتجها قبل عامين.

وتتفاخر ايران بأداء جهاز الطرد المركزي من الجيل الثاني، الذي بدأ العلماء بتثبيته خلال الصيف. ومن المقرر تركيب هذه الآلات الجديدة، التي ستكون أسرع بأربع مرات، في مكان مؤمّن وغير ظاهر في مدينة ناتانز بالقرب من مدينة قم القديمة، حيث ستكون أقل عرضة للضربات الجوية.