لم تكن العلاقات بين الرباط وطرابلس في عهد الزعيم الليبي المقتول معمّر القذافي على ما يرام، فالعقيد أيّد محاولتين انقلابيتين فاشلتين ضد الملك الراحل الحسن، وقدّم دعما سياسيا وعسكريّا لجبهة البوليساريو. ويرى محللون سياسيون أنّ المغرب وليبيا في طريقيهما نحو بناء علاقات جديدة منفتحة بعد رحيل العقيد ونظامه.


ملف: القذافي ميتًا صورة وصوتًا

الرباط: يتوقع أن تفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية بين المغرب وليبيا، بعد أن مرّت لسنوات بدورات من المد والجزر، بسبب quot;العداوةquot; غير المعلنة التي كان يكنّها العقيد معمر القذافي، الذي قتل أول أمس الخميس، للرباط، إذ إنه لم يتوان في مساندة ودعم كل ما يضرّ بمصالح المملكة.

فمن تأييده للمحاولتين الانقلابيتين الفاشلتين ضد الملك الراحل الحسن إلى تقديم الدعم السياسي والعسكري إلى جبهة quot;البوليساريوquot;، التي اعترف بتأسيسه لها، في خطاب ثورة الفاتح في أيلول/سبتمبر 1987، أدخل القذافي العلاقة بين البلدين في متاهة يصعب الخروج منها بتشخيص واضح لما كان يحدث بين الرباط وطرابلس.

وفي هذا الإطار، قال تاج الدين الحسيني، الخبير في العلاقات الدولية، إن quot;العلاقة بين البلدين عانت وضعية عدم الاستقرار وخلخلة توازن القوى في منطقة المغرب العربيquot;، وزاد موضحا quot;نحن نعلم جيدا أن معمر القذافي كان وراء، ربما، دعم وتمويل البوليساريو، خاصة بالسلاحquot;.

وذكر تاج الدين الحسيني، في تصريح لـquot;إيلافquot;، أن quot;القذافي انخرط في عدة تحالفات إقليمية تعارض مصالح المغرب المشروعةquot;، مشيرا إلى أن quot;البعض يقول إن عملية دعمه للبوليساريو استمرت حتى السنوات الأخيرةquot;.

وأبرز أستاذ العلاقات الدولية أن quot;نهاية تيار النظام السابق، الذي سيطر على الحكم لمدة 42 سنة، سوف يعطي نفسا جديدا للعلاقات المغربية الليبية، على اعتبار أن الشعار الأساسي الذي رفعه المجلس الوطني الانتقالي هو ترسيخ السلوك الديمقراطي على الصعيد الداخلي، وهو سلوك سينعكس بالتأكيد على العلاقات الخارجية مع دول الجوارquot;.

وأضاف تاج الدين الحسيني quot;لاحظنا كيف أن المغرب رافق الثورة الليبية منذ بدايتها، بحيث حضر أهم المؤتمرات التي جمعت الدول الداعمة للثورة الليبية، في إطار كل من الحلف الأطلسي، وباقي الدول الغربية، سواء في فرنسا أو في مؤتمر الدوحة فيما بعد، أو في عدد من الملتقيات الأخرىquot;.

وأوضح الخبير في العلاقات الدولية أن quot;المغرب سارع إلى إيفاد وفد للخارجية، حيث تم الاعتراف رسميا بالمجلس الوطني الانتقالي. وأظن أن تلك المبادرة كان لها دورها في ترسيخ العلاقة بين الطرفينquot;.

وقال تاج الدين الحسيني إن quot;تصريحات مسؤولي المجلس الوطني ركزت على نقطتين أساسيتين، الأولى تتمثل في الرغبة الحقيقية لليبيا في أن تعمل مع المغرب على بناء المغرب العربي، وترسيخه كمنظمة جهوية إقليمية، أما الثانية فتتجلى في دعم مشروع الرباط الهادف إلى تنظيم الحكم الذاتي في الصحراء، وأن تكون، مستقبلا، تحت السيادة المغربيةquot;.

وأكد أستاذ العلاقات الدولية أنه في ظل المناخ السائد، المتمثل في اتجاه تونس نحو مجلس تأسيسي منبثق من دستور جديد يؤطر حياة ديمقراطية، وهو المسار نفسه الذي ستعرفه ليبيا، سيتمكن المغرب من أن يجد فرقاء صالحين للحوار والتفاهم، ومعبرين عن الطموحات الحقيقية لشعوبهمquot;، مشيرا إلى أن quot;هذا التعبير سيؤكد أن واقع المغرب العربي الاندماجي شيء حتمي لا مناص له في المستقبل القريبquot;.

وأضاف تاج الدين الحسيني quot;كنا نعول على دور مركزي للمغرب والجزائر، ولكن في ظل المرحلة الراهنة فالمغرب وليبيا يمكن بقوتهما السكانية، والدبلوماسية، والاقتصادية أن يشكلا مركزين محوريين في انتظار أن تلتحق الجزائر بالركب. وإذا تحققت اندماجية المغرب العربي فستعرف المنطقة طريقها نحو التنمية المستدامة والحقيقيةquot;، موضحا أن quot;المنطقة ستشكل مركز ثقل في هذا الجزء من العالم ليواجه الأقطاب الكبرى بما فيها الاتحاد الأوروبي من موقع القوة.

وكان المغرب اعترف، في 22 من أغسطس/آب، بالمجلس الوطني الانتقالي ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الليبي، وتوجه وزير الخارجية المغربي بعدها إلى بنغازي حاملا رسالة من العاهل المغربي إلى قيادة المجلس.