مجلس النواب العراقي في إحدى جلساته في بغداد

أنهى نواب التيار الصدري في مجلس النواب العراقي العطلة البرلمانية من جانب واحد اليوم الأحد، واستأنفوا مهامهم بهدف الضغط على الحكومة للإستجابة لمطالب زعيم التيار مقتدى الصدر، تهدف إلى تقديم مكتسبات إلى المواطنين، ورفض بقاء مدربين أميركيين وللدعوة إلى جلسة برلمانية طارئة لمناقشة هذه المطالب، واتخاذ الإجراءات اللازمة للشروع بتنفيذها... في وقت حذرت الكتلة العراقية من استغلال دول للفراغ الذي سيخلفه الانسحاب في بسط تغلغلها وتدخلها في الشأن الداخلي، في ظل غياب مؤسسات أمنية وعسكرية واستخبارية متكاملة، في إشارة إلى إيران.


التحق نواب التيار الصدري (40 نائبًا من مجموع أعضاء البرلمان البالغ 325 نائباً) بعملهم في مجلس النواب، منهين من جانب واحد عطلة للبرلمان مدتها 40 يومًا وتستمر حتى العشرين من الشهر المقبل.

وأبلغ مصدر نيابي quot;إيلافquot; أن النواب الصدريين يجرون حاليًا اتصالات مع نواب آخرين من كتل أخرى، وخاصة التحالف الوطني quot;الشيعيquot; الحاكم، الذين يشكلون أحد كياناته من أجل إقناعهم بإنهاء عطلتهم أيضًا والالتحاق بالبرلمان من أجل زيادة الضغوط على النجيفي، الذي ينتظر أن يلتقوه اليوم للدعوة إلى عقد جلسة برلمانية طارئة تبحث مطالب الصدر والانسحاب الأميركي من العراق.

وكان الصدر اشترط على الحكومة العراقية في أيلول (سبتمبر) الماضي من أجل إخراج quot;تظاهرة مليونيةquot; ضدها العمل على تنفيذ ثلاثة مطالب، عرضها عليها، تقضي بتخصيص حصة للمواطنين العراقيين من واردات النفط، وتوفير ما لايقل عن 50 الف فرصة عمل للعاطلين، إضافة الى الاستمرار بتوزيع مادة الكاز مجانًا الى أصحاب المولدات الكهربائية لسدّ النقص في الكهرباء، وهي قضية اساسية يعانيها المواطنون.

ثم أضاف الصدرأخيرًا إلى مطالبه الثلاثة هذه شروطًا حول الانسحاب الأميركي وبقاء مدربين أميركيين بعد انسحاب كامل هذه القوات من البلاد بنهاية العام الحالي، تقضي بأن يكون هذا البقاء وفق اتفاقية عراقية أميركية جديدة، ودفع تعويضات أميركية الى العراقيين المتضررين جراء وجود القوات الأجنبية.

وقد طالبت كتلة الأحرار النيابية الممثلة للتيار الصدري بعقد جلسة طارئة لمجلس النواب لمناقشة مطالب الصدر هذه، داعيًا النواب إلى المشاركة في الجلسة... متهمًا الحكومة quot;بتعطيل جلسات البرلمان للهروب من مناقشة تلك المطالب، التي تهمّ الشعب العراقي وبحث وجود الاحتلال الأميركيquot;.

وحول موضوع تخصيص حصة من واردات النفط الى المواطنين، قال النائب الصدري مشرق ناجي إن التيار الصدري شكل لجنة لإعداد خطة توزيع عائدات النفط على الشعب نظرًا إلى أنها تتذرع بعدم وجود خطة لتوزيع هذه العائدات. وأشار إلى أنّ موازنة عام 2012 على الأبواب، لذلك لا بد أن تخصص الحكومة مبالغ مالية، منها الموازنة للمطالب التي طرحها الصدر. وأكد ان الكتلة الصدرية ستسعى إلى تمرير قانون داخل مجلس النواب ملزم للحكومة لطلب تعويضات للشعب العراقي من الجانب الأميركي.

وقد هدد التيار الصدري الخميس الماضي بالانسحاب من التحالف الوطني الحاكم، والعمل على إسقاط الحكومة، في حال عدم الاستجابة لمطالب الصدر. وقال القيادي في التيار الصدري النائب بهاء الأعرجي في مؤتمر صحافي في بغداد إن بقاء التيار ضمن تشكيلة التحالف الوطني رهن باستجابة الحكومة إلى مطالبه الثلاثة... وشدد على ان عدم تنفيذ هذه المطالب سيدفع الى الانسحاب من التحالف الوطني.

وكان الصدر نفسه قال في خطاب إلى العراقيين الأربعاء إن الحكومة ومجلس النواب، وبدلاً من تفعيل مطالبه هذه، فإن النواب هرولوا إلى أداء الحج، تاركين مطالب الشعب وأوضاعهم الصعبة خلف ظهورهم.

وأشار الأعرجي إلى أنّ التيار الصدري، وفي حال رضخت الحكومة لرغبات واشنطن، فإن التيار سيتدخل في انهيار الحكومة، مثلما ساهم في بنائها وتشكيلها. وأكد رفض الوجود الأميركي، مطالبًا الحكومة بعدم الموافقة على منح الحصانة لأي جندي أميركي، وتعويض المتضررين العراقيين من وجود القوات الأميركية في البلاد خلال السنوات الثماني الماضية.

وقد أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطاب الخميس الماضي انتهاء الحرب في العراق، وسحب جميع القوات الأميركية في نهاية العام الحالي، وفقًا للاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن، والموقعة في أواخر عام 2008. لكن المفاوضات حول الوضع القانوني للقوات الأميركية في العراق بعد عام 2011 تواجه صعوبات، وسط مطالب واشنطن بحصانة لجنودها، ليكونوا بعيدين عن أي ملاحقة قضائية في العراق، فيما ترفض بغداد تقديم هذه الحصانة.

وفي السادس من الشهر الحالي، اتفق قادة الكتل السياسية خلال اجتماع دعا إليه الرئيس جلال طالباني على بقاء مدربين أميركيين لتدريب القوات العراقية، مع عدم منحهم الحصانة، التي تطالب بها الولايات المتحدة، لكن التيار الصدري أكد رفضه الاتفاق وبقاء القوات الأميركية بأي صفة كانت، سواء مدربين وبحصانة أو من دونها.

كتلة علاوي تحذر من إستغلال إيراني للانسحاب الأميركي

حذرت الكتلة العراقية بزعامة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي من استغلال دول للفراغ، الذي سيخلفه الانسحاب، في بسط تغلغلها وتدخلها في الشأن الداخلي، خلافاً للأعراف الدبلوماسية وقواعد حسن الجوار، في ظل غياب مؤسسات أمنية وعسكرية واستخبارية متكاملة، في إشارة إلى إيران.

وقالت الناطق الرسمي باسم العراقية ميسون الدملوجي في تصريح مكتوب تلقته quot;إيلافquot; اليوم إن قرار مجلس النواب العراقي السابق بإنهاء وجود الجيش الأميركي في نهاية عام 2011 قد تحقق بتصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي أكد فيه الالتزام بإرادة الشعب العراقي والانسحاب في الموعد الذي حددته الاتفاقية المبرمة بين الطرفين، حيث كان مجلس النواب السابق قد اشترط إنسحاب الجيش الأميركي من العراق في نهاية 2011، وكذلك إجراء استفتاء للشعب العراقي حول وجود القوات الأميركية، فضلاً عن ذلك صّوت المجلس بالغالبية المطلقة على وثيقة للإصلاح السياسي، إلا أن الحكومة فشلت في تحقيق أي من المطلبين الأخيرين.

وأضافت أن العراقية في الوقت الذي ترحّب به بتنفيذ الولايات المتحدة لقرار مجلس النواب وقيادات الكتل السياسية بانسحاب الجيش الأميركي، فإنها تحذر في الوقت عينه بعض الدول من استغلال الفراغ الذي سيخلفه الانسحاب في بسط تغلغلها وتدخلها في الشأن الداخلي خلافاً للأعراف الدبلوماسية وقواعد حسن الجوار في ظل غياب مؤسسات أمنية وعسكرية واستخبارية متكاملة، في إشارة الى إيران.

وقالت الدملوجي إن كتلة العراقية تعتبر المرحلة المقبلة محفوفة بالتحديات والمخاطر على الصعيدين السياسي والأمني، وإن المسؤولية تقع على عاتق الشعب العراقي والشركاء في العملية السياسية في الوحدة والتكاتف ونبذ الخلافات وتجنيب العراق المزيد من الكوارث والإحباطات... كما إنها تحمل الحكومة مسؤولية بناء المؤسسات الأمنية على قواعد التوازن السياسي الوطني والحفاظ على سيادة العراق وسلامة شعبه.

وأشارت إلى أنّ كتلة العراقية، التي لم يكن لها أي تمثيل ولا دراية في تفصيلات عملية التفاوض بين الأطراف من الحكومة العراقية والولايات، وعلى الصعيد نفسه فقد حذرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون من التدخل في شؤون العراق.

وقالت كلينتون خلال زيارة لطاجيكستان quot;لبلدان المنطقة، وخصوصًا إلى جيران العراق، نؤكد أن الولايات المتحدة ستقف إلى جانب حلفائها وأصدقائها، بما فيهم العراق، للدفاع عن أمننا وعن مصالحنا المشتركةquot;. وأضافت أن الولايات المتحدة quot;ستبقي على وجود قوي لهاquot; في المنطقة، التي يجب أن quot;تبقى بعيدة عن أي تدخل خارجي في طريقها إلى الديموقراطيةquot;، ملمحة بذلك إلى إيران.

وتتهم واشنطن باستمرار مجموعات شيعية مدعومة من إيران بالوقوف وراء اعتداءات في العراق، بينما يتهم المسؤولون الأميركيون طهران بالتدخل في شؤون الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة. وقالت كلينتون quot;عندما نفتح هذا الفصل الجديد من العلاقات مع عراق يتمتع بالسيادة، نقول للعراقيين: أميركا إلى جانبكم عندما تقومون بخطوة جديدة لتأكيد ديموقراطيتكمquot;.

وأكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس انه quot;لا يوجد من يفكر أن يخترق العراقquot;، مشيرًا إلى أنّ quot;السياسة المعتمدة في العراق لا تعطي فرصة لأي جهة أن تخترق أجواءناquot;. وأشار المالكي إلى أنّه بالانسحاب الأميركي quot;طوينا صفحة كان يحكمها العسكر، لننتقل إلى مرحلة جديدة مبنية على التعاون الدبلوماسيquot;.

تأتي هذه المواقف في وقت بدأت القوات الأميركية تجمع الملايين من قطع العتاد العسكري استعدادًا لمغادرة البلاد بحلول نهاية العام الحالي. وبعدما أنهت القوات الأميركية المهام القتالية في العراق في العام الماضي، من المقرر أن يرحل آخر 44 ألف جندي من العراق بحلول نهاية العام بموجب بنود اتفاقية أمنية ثنائية.

وقد تم شحن نحو 2.2 مليون مُعدة بالفعل من العراق، منها آلاف الدبابات وناقلات الجند المصفحة، كما أغلق أكثر من 500 قاعدة من أصل 600 معسكر، بعضها حجمه يماثل حجم مدينة صغيرة، وسلمت إلى العراقيين. وتعمل وحدات النقل والإمداد والتموين الأميركية ليل نهار في معسكر ليبرتي في شمال غرب بغداد لترتيب انسحاب العسكري الأميركي في الموعد المحدد. وكان المعسكر أكبر مجمع رئاسي في عهد الرئيس السابق صدام حسين إلى ما قبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003.

ومعسكر ليبرتي هو المسؤول عن شحن العتاد الأميركي إلى خارج العراق، وهناك حوالى ثلاثة آلاف نوع يدخل ويخرج أسبوعيًا بصفة منتظمة إلى المعسكر، تشمل مركبات متحركة وغير متحركة. وهناك الآن حوالى مليون قطعة عتاد ومعدات قيمها 151 مليون دولار زائدة عن حاجة القوات الأميركية، وأهديت إلى قوات الأمن العراقية، وتشكل هذه المعدات سيارات رباعية الدفع ومركبات مختلفة الأنواع وأجهزة لتكييف الهواء.

ويناقش مسؤولون أميركيون وعراقيون حاليًا احتمال بقاء آلاف عدة من أفراد القوات الأميركية في العراق كمدربين لقوات الأمن العراقية، لكن العقبة الوحيدة هي رفض العراق منح العسكريين الأميركيين حصانة قانونية طالبت بها واشنطن. ويتفق المسؤولون العراقيون والأميركيون على أن القوات المسلحة العراقية تستطيع السيطرة على تمرد صغير، لكنهم يقولون إن العراق يحتاج مدربين لمساعدة الجيش في سد النقص في الدفاعات البحرية والجوية.