المالكي والصدر في صورة سابقة

حذر رجل الدين الشيعي زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر من التحيز في عملية الترشيق الحكومي التي أعلنها رئيس الوزراء نوري المالكي اليوم داعياً إلى تخفيض مرتبات الوزراء والنواب وبقية المناصب العليا بما يوفر المال العام لإنفاقه على الفقراء مشدداً على ضرورة ان تترافق عملية الترشيق مع إنهاء الوجود الاميركي من البلاد.


قال رجل الدين الشيعي زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر في تعقيب على إعلان المالكي رغبته في ترشيق حكومته والاستغناء عن بعض وزاراتها ووزرائها ان هذا الترشيق يجب ان يحفظ الحقوق العادلة للجميع دون المساس بجهة دون اخرى. وشدد على ضرورة تخفيض رواتب البرلمان والوزارات والمناصب الاخرى لتوفير المال وصرفه على فقراء العراق ومحتاجيه وعدم هدر المال العام بما يسيء إلى سمعة العراق وسياسييه.

وأشار إلى أنّ هذه الإجراءات يجب ألا تشغل المسؤولين عن الهدف الاهم وهو اخراج (القوات الأجنبية) من اجل استغلال قرار الترشيق لاجل إنهاء وجودها ليكون صفقة وطنية واحدة... وجاء في نص رسالة الصدر الى العراقيين: quot;تنوي الحكومة العراقية ترشيق الوزارات العراقية بما يحفظ للجميع حقوقه العادلة ومن دون المساس بأي جهة كانت دون أخرى كما وعدت بل يعم الترشيق حتى المناصب الاخرى ولو بمعزل عن الوزارات أو قبلها.. وبما أننا نجد ذلك خطوة جيدة نافعة فنحن نؤيد ذلك وعلى الجميع دعم هذا القرار مع قرار تخفيض رواتب البرلمان والوزارات والمناصب الاخرى لأجل توفير المال وصرفه على فقراء العراق ومحتاجيه وعدم هدر المال العام بما يسيء إلى سمعة العراق وسياسييه.

بيد ان ذلك كله يجب ان لا يكون لاغيا عما هو اهم حاليا.. وهو اخراج quot;المحتلquot; والقرارات الملحقة به... بل يجب جعله مقدما على جميع الامور... ولابد من استغلال قرار الترشيق لأجل انهاء quot;الاحتلالquot; ليكون صفقة وطنية واحدة كما اشرنا نحن سابقا بذلك اعني الترشيق والانسحاب في بيان سابق.. ولكم مني فائق الاحترامquot;.

وتنص الاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد وواشنطن اواخر تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2008 على انسحاب جميع قوات الولايات المتحدة من كافة الأراضي والمياه والأجواء العراقية في موعد لا يتعدى 31 كانون الأول/ ديسمبر) من العام الحالي 2011 بعد ان كانت انسحبت القوات المقاتلة بموجب الاتفاقية من المدن والقرى والقصبات العراقية في 30 حزيران (يونيو) عام 2009.

المالكي يؤكد الحاجة لترشيق حكومته والاستغناء عن وزراء

وفي وقت سابق اليوم أكد المالكي ضرورة ترشيق حكومته وتغيير بعض وزرائها واتهم سياسيين بمحاولة حجب الثقة عنها قبل انتهاء مهلة المائة يوم للاصلاح مشددا على السعي لمكافحة الفساد ومحاسبة المفسدين. وقال في كلمة موجهة الى الشعب العراقي اثر انتهاء مهلة المائة يوم التي وعد خلالها بإصلاح الاوضاع في البلاد وبعد ان قدم الوزراء ما أنجزوه خلالها ان الحكومة بحاجة ملحة الان الى ترشيق الحكومة وتغيير عدد من الوزراء بعد اجراء تقييم شامل لادائها.

وأضاف المالكي أن اطرافا سياسية حاولت ربط بقاء الحكومة وسحب الثقة عنها من خلال ما حققته في مهلة المئة يوم على الرغم من تأكيد الحكومة بان المهلة لن تحقق كل شيء. وأشار إلى أنّه تم quot;تقييم اداء الوزارات واثبتت الحاجة الى ترشيقها في حكومة الشراكة الوطنية وسنطالب الكتل السياسية بترشيح شخصيات تمتاز بالكفاءة والمهنية تتناسب مع حجم التحديات والمرحلة الحساسة التي تمر بها البلادquot;.

وأضاف ان فشل الحكومة هو من فشل كافة الكتل السياسية ولا يتحمله اي جهة او طرف فيها لانها شكلت على اساس الشراكة. ودعا الى الابتعاد عن الصراعات والتجاذبات السياسية بغية النهوض والتقدم بعملية البناء والاعمار في البلاد.

وقال quot;في السابع والعشرين من شهر شباط الماضي أعلنت في جلسة إستثنائية لمجلس الوزراء عن تحديد فترة مائة يوم الهدف منها وضع مؤسسات الدولة على السكة الصحيحة وتمكينها من تحسين الأداء ومعرفة نقاط القوة لتعزيزها ونقاط الضعف لمعالجتها وهي المبادرة التي تزامنت مع ورقة الإصلاحات الإدارية والسياسية والخدمية ومكافحة البطالة التي أقرها مجلس الوزراءquot;.

وأضاف quot;لقد دفعت هذه التجربة الجديدة الوزراء والوكلاء والمدراء العامين والمحافظين إلى مغادرة المكاتب والنزول للميدان ليكونوا على إطلاع دقيق على حاجات وهموم المواطنين كما شكلت حافزا قويا لهم للعمل بشكل إضافي وإستثنائي خلال هذه الفترة وبما يسهم في تطوير وتفعيل مؤسسات الدولة المختلفة في المجالات كافةquot;.

وأشار إلى أنّ جلسات الإستماع العلنية التي جرت في مجلس الوزراء لتقويم عمل الوزارات خلال فترة المائة يوم quot; أثبتت بشكل عملي وبما لايدع أي مجال للشك بأن النقاشات والأسئلة التي كانت تبدو محرجة في حالات كثيرة للسادة الوزراء قد جرت بطريقة مهنية وموضوعية بعيدا عن الإعتبارات الحزبية والفئوية الضيقة وهو ما أعطى لجلسات الإستماع صدقية عالية بما يساعد في حل الكثير من المشاكل وتجاوز المعوقات ويسهم في تعزيز الوحدة الوطنية وإشاعة أجواء التعاون والتفاهم والحوار من أجل الوصول إلى أسمى غاية وهي خدمة أبناء الشعب العراقيquot;.

ثمانية معايير لتقييم عمل الوزراء

واوضح المالكي انه تم اعتماد ثمانية معايير في عملية التقويم هي خطط الوزارات والإصلاحات الإدارية والقدرة على الإنجاز وتحقيق الأهداف والمبادرات والتعيينات والزيارات الميدانية ومتابعة ملفات الفساد والإهتمام بشؤون المواطنين حيث تبين وجود مؤشرات إيجابية برزت خلال فترة المائة يوم في عمل الوزارات والمحافظات والجهات غير المرتبطة بوزارة في ما يتعلق بعدد من القضايا المهمة مثل الزيارات الميدانية التي كانت بمستوى جيد وبدرجة ممتازة في عدد من الوزارات وكذلك الحال في تعاطي الوزارات مع ملفات مكافحة الفساد حيث كانت النتائج جيدة بشكل عام مع الحاجة الملحة لأن تبذل جميع الوزارات جهودا إضافية في هذا الملف الحساس.

لكنه قال quot;ان ذلك لايعني عدم وجود شبهات فساد أو إنحياز في عملية منح العقود وهو ما سنحاسب عليه بعد تشكيل لجان تحقيقية متخصصة وقد أظهرت المؤشرات التي عرضت عن الفساد والمفسدين تطورا رائعا وبالأرقام التي قد يصعب على المراقب الأجنبي تصديقها وإن نجاحنا في التصدي للفساد سيستمر حتى إستئصاله من جذوره ولن يتحقق هذا إلا بحملة شاملة على الفساد والمفسدين من كافة شرائح الشعب ومطالب المتظاهرين وعمل مؤسسات الرقابية الدؤوب والذي شهد تصعيدا ملحوظا ويستمر بفاعلية أعلى إن شاء الله، كما ان تعاطي الوزارات مع شكاوى المواطنين كانت تتم بطريقة جيدة إلى جانب التقدم الملموس في عملية التنسيق بين الحكومة الإتحادية والحكومات المحلية ومابين الوزارات بعضها ببعضquot;.

وأضاف ان قدرة الوزارات تباينت بنسب تتراوح بين الجيد والمتوسط في تقديم الخطط للفترة المقبلة ومدى إمكانيتها على التنفيذ وكذلك الحال في مجال تنفيذ الإصلاحات الادارية مع تأشير وجود نقاط ضعف في بعض الوزارات التي لم تعط معلومات دقيقة عن نسب الإنجاز وواقع عملها وتقديم نسب مئوية غير دقيقة ، كما ان أغلب الوزارات لم تتخذ إجراءات سريعة في موضوع التعيينات وان بعضها لم يتعامل بشكل متوازن في توزيع الدرجات الوظيفية على المواطنين مع ان التعيينات قد تم الإعلان عنها بشكل علني.

وانتقد المالكي عمل مجلس النواب وقال إن المائة يوم كشفت عن حاجة الحكومة القصوى إلى التشريعات والقوانين التي يقرها المجلس في القطاعات المختلفة.. وأضاف quot;ان البرلمان الذي يعد المحرك الأساس للحكومة ، يتحمل المسؤولية الكبرى في عملية التقدم والتطور التي نعمل جميعا من أجلها وهو شريك الحكومة في النجاح والفشل فلا نجاح للسلطة التنفيذية دون دعم ومساندة السلطتين التشريعية والقضائيةquot;.

وأشار إلى أنّ عملية اقرار التشريعات في مجلس النواب بطيئة ومتعثرة وهو ما يؤثر بشكل سلبيفي أداء الحكومة وبالتالي على مصالح وحقوق المواطنين.. وقال quot;هذا ما يدعوني إلى تجديد المطالبة لمجلس النواب الموقر لوضع سقف زمني محدد لإقرار القوانين التي لا تزال معطلة وهي كثيرة ومتنوعة منذ الدورة البرلمانية السابقة فقد مر عام كامل من عمر البرلمان ولم يتم التصديق إلا على عدد محدود من القوانين المهمة التي لابد منها كأساس لعمل الحكومةquot;.

وشدد على ان التعاون الوثيق بين الحكومة والبرلمان لاغنى عنه من أجل تحقيق تطلعات الشعب الذي عانى وتحمل طويلا وهو يستحق الكثير لتعويضه عما فاته من الحرمان ونقص الخدمات وإنتهاك الحقوق و الحريات والمقدسات على مدى خمسة وثلاثين عاما من الحقبة البعثية المظلمةquot;.

إجراءات حكومية

وأشار المالكي إلى أنّ النتائج أظهرت بأن المؤشر العام والنتائج النهائية المستخلصة من خطة المائة يوم ان معظم الوزارات كان أداؤها بين الجيد والمتوسط مع ان أداء عدد غير قليل من الوزارات كان ضعيفا ولم يكن بالمستوى المطلوب وهو ما يدعو إلى إتخاذ مجموعة من الإجراءات وهي:

اولا : ان ترشيق الحكومة وجميع المواقع غير الضرورية والشرفية أصبح ضرورة ملحة وفقا لجميع المعطيات.
ثانيا : إجراء تغيير في عدد من الوزارات على مستوى الوزير.
ثالثا : إجراء مراجعة مهنية لإحداث تغيير في كادر عدد من الوزارات على مستوى الوكلاء والمستشارين والمدراء العامين.
رابعا : إدامة منهج المراقبة وإعادة التقييم ، وسيستمر المنهج في النقطة التي وصلت إليها مبادرة المائة يوم وبوتيرة متصاعدة ولم تضعف المتابعة والمراقبة والتقييم لأن من سجل مؤشرات نجاح نسبية يجب أن تتكامل وتتصاعد وإذا تراجعت تراجع موقع الوزارة في سلم التقييم والمحاسبة.

واكد أنه على ضوء ذلك فإنه سيعمل على:

اولا : تحفيز الوزارات التي لا يزال أداؤها بحاجة إلى تطوير ، وسنضعها تحت المتابعة والتقويم خلال المرحلة المقبلة لمعرفة مدى قدرتها على الإستمرار وسنقرر بعدها ما هو مناسب.
ثانيا : سنضع الوزارات التي لا تتوفر فيها مؤشرات إيجابية عن قدرتها في إمكانية النهوض وتنفيذ المهام في خطة التغيير على ضوء مبادرة ترشيق الحكومة التي سيترتب عليها تغييرات مهمة.

وشدد على ان المسؤولية اليوم تقع على عاتق الكتل السياسية المشاركة في حكومة الشراكة الوطنية للمساعدة في ترشيق الحكومة وإجراء تغيير في عدد من الوزارات على مستوى الوزير وعلى مستوى الكادر الأساس في وزارات أخرى لإنهاء حالة الترهل التي تعاني منها الحكومة منذ اليوم الاول للإعلان عن تشكيلها قبل ستة أشهر.

وقال quot;ان الكتل السياسية هي التي ترشح من يتولي المناصب المهمة في الدولة وإذا كان من حق أية كتلة أن تفتخر وتعتز بوزيرها الناجح فعليها أن تتحمل المسؤولية الشرعية والوطنية في حال ترشيحها شخصا لا يتمتع بالكفاءة وعليه فإنني أدعو مخلصا الكتل السياسية إلى التعاون وبأسرع وقت ممكن لتحقيق هذه المطالب الضرورية التي تصب في مصلحة الشعب والوطنquot;.

المالكي ينتقد الحملات السياسية ضد خطة المائة يوم

وأشار إلى أنّه واجه خلال فترة المائة يوم حملة سياسية وإعلامية قادتها الجهات المعادية للعملية السياسية في محاولة للتشويش على هذه الخطة quot;وهو أمر لم يفاجئنا على الإطلاق غير ان ما يؤسف له ان بعض المشاركين في الحكومة حاول تصوير هذه الآلية المتبعة في عدد من الدول المتقدمة باعتبارها مهلة لحجب الثقة عن الحكومة وهي قراءة أقل ما يقال عنها انها ليست منصفة وغير موضوعية ولاتنم عن روح التعاون والمتضرر منها هو الشعب العراقي.

وقال إن البعض قد زاد من إنتقاداته وإتهاماته للحكومة خلال فترة المائة يوم حين أصبح يردد مقولة ان الخطة لم تحقق أي شيء quot;مع اننا لم نقل يوما اننا سوف نحل جميع المشاكل والأزمات ونحقق جميع تطلعات المواطنين فضلا عن كونها مصادرة لجهود الوزراء والآلاف من المسؤولين والموظفين في مؤسسات الدولة المختلفة الذين كانوا يعملون ليل نهار من أجل تطوير مؤسساتهم ودوائرهم خدمة للمصلحة العليا للبلاد ، ولم تثنهم تلك الضغوط التي شكلت عبئا إضافيا على الحكومة عن مواصة عملهم والنأي بأنفسهم عن التأثيرات السلبيةquot;.

وأضاف quot;ان ما واجهناه خلال فترة المائة يوممن إتهامات وتصعيد سياسي وإعلامي يتناقض كليا مع مبدأ الشراكة التي يعمل بها البعض بشكل إنتقائي فالحكومة التي يشارك فيها الجميع كانت تنتظر دعم ومساندة الكتل السياسية وهي تعمل وفق خطة المائة يوم التي كان عنوانها الأول هو تطوير أداء مؤسسات الدولة وتحسين الخدمات للمواطنين، في وقت كنا نتمنى فيه أن تتوحد الجهود ويتعزز مبدأ الشراكة والعمل الجماعي المسؤول في وقت يواجه فيه العراق تحديات حساسة وخطرة تهم العملية السياسية بشكل خاص وحاضر ومستقبل العراق بصورة عامة.

وقال المالكي في الختام quot;إن المسؤولية التاريخية التي نواجهها اليوم تدعونا إلى الإبتعاد عن إثارة الأزمات وإختلاق المشاكل التي تترك آثارا سلبية على الأوضاع العامة في البلاد وتعيق عملية البناء والإعمار التي نصبوا إليها جميعا في هذه المرحلة المهمة والحساسة من تأريخ العراق والتي تتطلب منا العمل كفريق واحد يضع المصلحة الوطنية العليا فوق جميع الإعتبارات والمصالح الفئوية والعمل على إحداث نهضة شاملة في المجالات الإقتصادية والسياسية والثقافية والإجتماعية وتعزيزعملية بناء دولة المؤسسات وأن تكون خدمة العراق وشعبه في مقدمة الأولوياتquot;.

وتشهد محافظات العراق منذ 25 شباط / فبراير الماضي تظاهرات احتجاج تطالب بالإصلاح والتغيير والقضاء على الفساد المستشري في مفاصل الدولة وتوفير الخدمات العامة ينظمها ناشطون وشباب من طلبة الجامعات ومثقفون مستقلون عبر مواقع التواصل الاجتماعي في شبكة الإنترنت.

واثر ذلك أعلن المالكي في السابع والعشرين من شباط مهلة مائة يوم لتقييم عمل الوزراء في محاولة لامتصاص غضب الجماهير وتقديم وعود باصلاح الاوضاع العامة في البلاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا تم بعدها وعبر شاشات التلفزيون عقد جلسات علنية لمجلس الوزراء قدم خلالها الوزراء عرضا عن الانجازات والاخفاقات التي شهدتها وزاراتهم خلال هذه الفترة.