لافتة تطالب بتحقيق العدالة في قضية رفيق الحريري

تسود حالة من الجدل في لبنان بشأن تمويل المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.


بيروت:يتعرض رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي لضغوط متزايدة للوفاء بالتزاماته بالنسبة الى تمويل المحكمة الخاصة بلبنان امام المجتمع الدولي مقابل رفض حزب الله التمويل، ما ينذر بأزمة سياسية جديدة.
ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الاميركية عماد سلامة لوكالة فرانس برس ان موضوع تمويل المحكمة يشكل احراجا لميقاتي، quot;فمن ناحية هناك ضغط دولي عليه للتمويل، (...) ومن ناحية ثانية اذا واجه حزب الله وأيد المحكمة فهذا يعني نهايته السياسيةquot;.

واكد الامين العام لحزب الله حسن نصرالله الذي يملك مع حلفائه الاكثرية في الحكومة الاثنين ان حزبه quot;لا يوافق وهو ضد تمويل المحكمة الدوليةquot; التي وجهت الاتهام لاربعة من عناصر الحزب بالتورط في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في تفجير سيارة مفخخة اودى كذلك بحياة 22 شخصا آخرين في 14 شباط/فبراير 2005.
وسبق كلام نصرالله تصريح للسفيرة الاميركية في بيروت مورا كونيلي اعربت فيه عن quot;قلق الولايات المتحدة من ان فشل لبنان بالوفاء بالتزاماته تجاه المحكمة قد يؤدي الى عواقب خطيرةquot;.

وكانت كل من واشنطن وباريس اعلنت مرارا منذ تشكيل الحكومة برئاسة ميقاتي في حزيران/يونيو انها ستحكم عليها من خلال ادائها في ما يتعلق بالمحكمة.
ويرى مدير مركز كارنيغي للشرق الاوسط بول سالم انه quot;من الطبيعي ان نرى (على المدى القريب) تصعيدا وشد حبال ورفعا للسقف في موضوع تمويل المحكمةquot;.

ويضيف quot;ان رفض التمويل في الحكومة سيضع لبنان في مواجهة المجتمع الدولي وسيعرضه لعقوبات دولية سريعةquot;.
وينص قانون انشاء المحكمة الذي صدر العام 2007 تحت الفصل السابع الملزم من ميثاق الامم المتحدة على ان يدفع لبنان 49% من التمويل فيما تتولى الدول المانحة القسم الباقي.

وسدد لبنان حصته خلال السنتين الاوليين عندما كانت الاكثرية البرلمانية مع فريق رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، نجل رفيق الحريري.
واكد ميقاتي الذي يقدم نفسه على انه وسطي منذ تسلمه رئاسة الحكومة احترامه للقرارات الدولية بما فيها القرارات المتعلقة بالمحكمة، وسط تأكيد حزب الله وحلفائه رفض التمويل.

وتشن المعارضة حملة عنيفة على ميقاتي، معتبرة ان نصرالله هو الرئيس الفعلي للحكومة، ومطالبة ميقاتي بوقف quot;اطلاق الوعود الفارغةquot; ودفع مستحقات لبنان للمحكمة.
وتلقى لبنان خلال الاسابيع الماضية اشعارات بضرورة تسديد المبلغ المتوجب عليه والبالغ 35 مليون دولار.

وكانت المحكمة الدولية خلال السنوات الاخيرة في صلب الازمات السياسية المتعاقبة التي شهدها لبنان، وتسبب الخلاف الحاد حولها بسقوط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري.
الا ان بعض الخبراء يرون ان الازمة الحالية قد تنتهي بتسوية معينة نظرا لرغبة حزب الله بحماية الحكومة الحالية في ظل التطورات الاقليمية لا سيما في سوريا الداعمة لحزب الله.

ويشير بول سالم الى ان استمرار الحكومة الحالية quot;المقبولة عربيا ودوليا يشكل مصلحة لحزب الله، لا سيما انه يشعر ان المحكمة لن تطاله ولن تتمكن من توقيف عناصره المتهمينquot;، ما قد يدفعه الى قبول quot;تسوية معينةquot;.
ويرى سلامة من جهته ان ميقاتي quot;يحاول شراء الوقت. ولعله يراهن على تضاؤل الضغط الدولي لتمييع موضوع تمويل المحكمة الدولية، خصوصا ان الاهتمامات الدولية تتركز على بلدان اخرى، مثل سورياquot;.

ويضيف quot;ما يهم الدول الغربية اليوم في لبنان هو الاستقرار اكثر من فتح جبهة جديدةquot;.
ويرى سياسيون ومحللون ان الجدل حول المحكمة سيتسع خلال الاسابيع المقبلة مع اقتراب انتهاء مدة عمل المحكمة في اذار/مارس، وان فريق حزب الله قد يستغل هذا الاستحقاق للمطالبة بفك ارتباط لبنان بالمحكمة.

ويقول الخبير في القانون الدولي الاب فادي فاضل quot;من حق الحكومة اللبنانية ان تدرس مع الامين العام تعديل بعض البنود المتعلقة بالمحكمة، لكن يشترط توافر رضى الطرفين لاقرار هذه التعديلاتquot;، مستبعدا موافقة الامين العام على تعديلات quot;تعرقل مسار تحقيق العدالةquot;.
ويوضح الخبير القانوني المحامي محمد مطر انه quot;في حال اتخذ لبنان قرارا بعدم التمديد للمحكمة، فستعتبر الامم المتحدة انه يعيق العدالةquot;.

ويضيف quot;قد تتخذ حينئذ اجراءات ضد الحكومة تراوح بين توجيه كتاب يطلب الالتزام مرة اخرى، وتعليق اتفاقيات دولية او تمويل دولي يستفيد منه لبنان، وصولا الى فرض عقوباتquot;.
ومنذ صدور القرار الاتهامي بحق اربعة عناصر من حزب الله، تسارعت خطوات المحكمة الخاصة بلبنان التي حددت نهاية الشهر الحالي موعدا لتسليم الادعاء والدفاع ملاحظاتهما حول امكان البدء بمحاكمة غيابية في ظل عدم تمكن السلطات اللبنانية من توقيف المتهمين.

واعلنت المحكمة اليوم تعيين محامين للدفاع عن المتهمين.
ويصعب التنبؤ بما سيؤول اليه الجدل الحالي حول المحكمة في لبنان. وفيما يتوقع بول سالم استقالة ميقاتي في حال عدم التوصل الى تسوية، يقول سلامة quot;موضوع التمويل سيبت بحسب التطورات حولنا، لا سيما في سورياquot;.

ويضيف quot;في حال وقع تغيير جذري في سوريا، قد يصبح الضغط الدولي على حزب الله أقوى. اما اذا بقيت الامور في حالة اللا تغيير واللا استقرار، فقد يفضل المجتمع الدولي عدم ابراز مواضيع تفجيرية في الداخل اللبنانيquot;.